يسود نقاش حاد على نطاق واسع بين الفعاليات المدنية بجهة سوس ماسة في الوقت الراهن حول سيناريوهات التوجه نحو إعادة بسط القضايا التي تشغل بال الساكنة المحلية، أو ما يسمونها عادة قضايا الأرض “أكال”، بما فيها الرعي الجائر الذي ما يزال مستمرا بالمنطقة، وذلك خلال الفترة المقبلة.
وقبيل أسابيع من حلول عيد الأضحى وبداية العطلة الصيفية، يتجدد النقاش بين “سواسة” حول ضرورة تطوير النقاش المتعلق بالتحديات المحيطة بالأمن الاقتصادي والاجتماعي للمنطقة، تزامنا مع موسم عودة المهاجرين خارج نطاق الجهة، حيث يطرح ملف الرعي الجائر نفسه بقوة من بين عشرات الملفات.
وانخرطت الخلايا المدنية والجمعوية بأقاليم وعمالات جهة سوس ماسة خلال السنوات الماضية في عدد من الاحتجاجات، بسطت خلالها إشكال الرعاة الرحل ومختلف القضايا المطروحة، بما فيها الأراضي السلالية ورخص البناء بالعالم القروي والملكية الخاصة، قبل أن تدخل هذه الدينامية في نفق “الركود”، وفقا لإفادات المعنيين بالموضوع.
فاعلون مدنيون ممن انخرطوا في هذه الدينامية خلال السنوات الأخيرة وواكبوا التطورات على أرض الواقع، أكدوا لهسبريس “وجود رهان، بنسب مختلفة، على العطلة الصيفية وعيد الأضحى من أجل إعادة ترتيب الأوراق وتوعية الساكنة المحلية بهدف إثارة الملفات الرائجة في الوقت الراهن في أفق الحسم معها”، لافتين إلى أن “هذه فرصة جديدة لتدارس ما هو موجود على أرض الواقع، لا سيما الرعي الجائر”.
رعي جائر مقلق
حمو الحسناوي، فاعل مدني ناطق إعلامي باسم تنسيقية أكال للدفاع عن حق الساكنة في الأرض والثروة، أفاد بأنه “على الرغم من كون قضية الأرض بجهة سوس ماسة، خصوصا في شقها المتعلق بالرعي الجائر، تظل قضية جميع الأزمنة ولا تخص فترة محددة من السنة، إلا أن ذلك لا يعني التوقف عن تحريك الفعل المدني والجمعوي ككل”.
وأضاف الحسناوي، في تصريح لهسبريس، أن “الأمور تستدعي في الوقت الراهن إعادة توعية المجتمع المدني والهيئات المنتخبة بصعوبة الإشكال المطروح على مناطق سوس ماسة، الذي يقض مضجع الساكنة المحلية على طول العام، التي بدورها مطالبة بمواقف واضحة من استمرارية هذا الإشكال”، لافتا إلى أن “الأجيال الحالية، خصوصا الناشئة خارج المنطقة، ليس لديها نظرة واضحة عن الموضوع وتشعباته”.
وبيّن المتحدث أنه “عوضاً عن إعطاء الأولوية للملتقيات الموسمية الثقافية والرياضية، وجب التوجه نحو طرح مختلف القضايا التنموية والاجتماعية التي تفرض نفسها بالمنطقة، واستغلال فرصة كون هذه المنطقة تستقطب أبناءها المهاجرين إلى المدن على طول العام”، معتبرا أن “هذه فرصة جديدة لإعادة طرح الموضوع والنقاش حول ما يمكن القيام به لتفادي ضرر الساكنة”.
ولفت الناطق الإعلامي ذاته إلى أن “الرعي الجائر يظل موضوع مختلف الأزمنة بسوس ماسة، حيث ما إن تهنأ منطقةٌ حتى تشتكي أخرى من توالي الاعتداءات التي تطال الممتلكات الخاصة للمواطنين”، مؤكدا كون الموضوع كذلك مرتبطا بمسؤولية جماعية وإرادة سياسية، سواء لدى المنتخبين أو الدولة ككل، لإيجاد حل مرضي لجميع الأطراف”.
مناسبة لتجديد المطالب
رشيد آيت مبارك، ناشط جمعوي بإقليم تارودانت، قال إن “إعادة تحريك موضوع الرعي الجائر وسط النقاش الداخلي بجهة سوس ماسة في الفترة المقبلة رهين بإعادة تنشيط الفعل المدني بالمنطقة، حيث توجد صعوبات في توحيد الرؤى خلال الوقت الرهن، بيْد أننا تمكننا خلال سنة 2018 من تنظيم مسيرة بالدار البيضاء حول الموضوع حضرها مليون مواطن ممن لهم علاقة مباشرة بالوضعية بالمنطقة تحديدا”.
وأفاد آيت مبارك، في تصريح لهسبريس، أنه “رغم ذلك إلا أن الفترة المقبلة، بما فيها عيد الأضحى والعطلة الصيفية، تظل فرصة مهمة لمحاولة الترافع عن المنطقة التي تعاني من عدد من المشاكل، بما فيها الرعي الجائر الذي نتحدث عنه اليوم، عوضا عن التوجه نحو الاهتمام المكثف بتنظيم الملتقيات والأنشطة التي لا يمكن أن نقول بعدم الجدوى منها”.
وأوضح المتحدث أن “فعل الاحتجاج والترافع يجب أن تتبناه الساكنة المحلية على طول العام في وقت تسير فيه الأجيال الحالية نحو جعل زيارة المنطقة مناسبة سنوية فقط للاستجمام، في حين إن المحليين يحسون بحجم الصعوبات المحيطة بالعيش بالمنطقة”.
وزاد الجمعوي ذاته أن “الأنشطة الموسمية التي يتم تنظيمها مهمة، غير أنه يجب تحويلها من شقها الاحتفالي إلى الشق الاحتجاجي للترافع حول المنطقة أمام المسؤولين ومختلف الإدارات من أجل الوصول إلى حلول للمشاكل التي لا يمكن إنكارها على أرض الواقع والتي تثيرها الساكنة غير ما مرة”، لافتا إلى أن “الجبل على وجه الخصوص يحتاج إلى أبنائه لمعالجة مشاكله”.
المصدر: وكالات