إن الوسواس القهري أو كما يسميه البعض الاضطراب الوسواسي القهري، هو أحد المشكلات الصحية النفسية المزمنة التي ترتبط باضطرابات متعلقة بالقلق، حيث يتولد لدى المريض مخاوف وأفكار غير منطقية، ويشعر بحاجة ملحة للقيام ببعض التصرفات المتكررة، التي تكون خارجة عن سيطرته وإرادته.
قد يكون المصاب واعياً لإصابته بالوسواس القهري، وبأن تصرفاته الناجمة عن وساوسه هي تصرفات غير منطقية، فيحاول تغيير هذه التصرفات أو تجاهلها، إلا أن محاولات التجاهل تزيد من القلق والضائقة التي يشعر بها.
ولا يخفف شعور القلق لدى المريض إلا مع قيامه بالتصرف القهري، ولكن المشكلة أن الأفكار القهرية والوساوس تتواصل وتتكرر بشكل دائم، ويعود معها الشعور بالانزعاج والضيق.
يمكن أن يصاب الأطفال أو المراهقين بالوسواس القهري، وذلك بداية من سن العاشرة، كما أنه قد يظهر لدى البالغين بداية من ال21 من عمرهم.
أسباب الإصابة بالوسواس القهري:
لم تصل الدراسات الى سبب واضح وصريح لمرض الاضطراب الوسواسي القهري، مع تواجد العديد من العوامل المحتملة التي تسبب الإصابة به وهي:
- العوامل البيئية:
يعتقد العديد من الباحثين المتخصصين بأن الوسواس القهري من الاضرابات النفسية الناجمة عن التصرفات والعادات التي تكتسب مع مرور الوقت بسبب البيئة التي يعيش فيها الإنسان، وبالخصوص عندما تكون الحياة مثقلة بالضغط والتوتر.
- العوامل البيولوجية:
هناك العديد من الدراسات التي أكدت وجود أدلة تشير الى أن الإصابة بالوسواس القهري تحصل نتيجة لتغيرات كيميائية تحصل بجسم المريض، وتؤثر على دماغه.
كما ان الدراسات المتخصصة أشارت إلى وجود ارتباط بين اضطراب الوسواس القهري مع بعض العوامل الجينية والوراثية وتاريخ العائلة، بالإضافة الى أن المرأة عند الحمل قد تصاب بالوسواس القهري.
- النقص في مستوى السيروتونين:
يعتبر عنصر السيروتونين من العناصر الكيميائية الأساسية في عمل الدماغ، وقد يؤدي نقص مستواه الى الإصابة بالوسواس القهري.
علماً أنه وفي هذه الحالة يمكن تناول بعض الأدوية التي تزيد من نسبة السيروتونين، وبالتالي تخف حدة الإصابة بمرض الوسواس القهري.
أعراض الاضطراب الوسواسي القهري:
يمكن تقسيم أعراض الوسواس القهري الى أعراض قهرية وأخرى وسواسية، فما هي أبرز هذه الأعراض:
- الأعراض القهرية لمرض اضطراب الوسواس القهري:
إن الأعراض القهرية تكون من نتائج التصرفات المتكررة، والتي تأتي لتلبية دوافع ورغبات جامحة لا إمكانية مطلقاً للسيطرة عليها، على أن يخفف تكرار التصرفات من الضائقة والقلق الذي يشعر به المريض، وكمثال عن الأعراض القهرية نذكر:
- الغسيل المتكرر لليدين بسبب وسواس النظافة، حتى أن جلد اليدين قد يتقشّر.
- التأكد المتكرر والدائم من أن الأبواب مقفلة، او من أن الانوار مطفأة.
- الفحص الدائم والمتكرر لفرن الغاز للتأكد من أنه لا يهرب الغاز أو أن المريض قام بإطفائه.
- الأعراض الوسواسية لمرض اضطراب الوسواس القهري:
تأتي هذه الأعراض كنتيجة للتخيلات والأفكار التي تتكرر بشكل كبير بصورة لا إرادية، وهي تكون تخيلات وأفكار غير منطقية، وفي حال حاول المريض توجيه تفكيره إلى أمور أخرى فإنه سيشعر بالضيق والانزعاج.
وكمثال عن الأعراض الوسواسية نذكر:
- تجنب ملامسة أي غرض أو أداة لمسها شخص آخر خوفاً من انتقال أي عدوى، أو الخوف من المرض عند مصافحة الآخرين.
- القلق والضيق نتيجة وجود أي غرض غير مرتب في الغرفة والمنزل.
- الشكوك الدائمة بتسبب الأذى للآخرين.
- الخوف المرضي تجاه الأذى الذي قد يلحق بالأبناء.
- التخيلات بشكل متكرر لحالات إباحية.
مضاعفات اضطراب الوسواس القهري:
قد ينتج عن الوسواس القهري العديد من المضاعفات الخطيرة من أبرزها:
- الإدمان على التدخين، او المواد المخدرة، أو الإدمان على الكحول.
- الاكتئاب التي قد يصل الى أفكار انتحارية.
- عدم القدرة على التعلم أو على العمل.
- المشاكل في الحياة العائلية والاجتماعية.
علاج اضطراب الوسواس القهري:
إن كيفية علاج الوسواس القهري تختلف بين مريض لآخر، وحسب تفضيلات المريض والوضع الشخصي له، ومن أهم طرق العلاج:
- المعالجة المعرفية السلوكية، والتي تعتمد على العلاج النفسي الذي يعتبر أكثر طرق العلاج استخداماً.
- العلاج عبر بعض أنواع الأدوية التي تساعد المريض على ان يسيطر على السلوكيات والوساوس القهرية، وهنا يجب الانتباه للآثار الجانبية التي قد تسببها هذه الأدوية، واستشارة الطبيب المختص حولها.
علماً أن معظم الأطباء يعتمدون في العلاج على الدمج بين العلاج الدوائي والعلاج النفسي، وهو دمج أثبت فعاليته.
كما أن بعض الحالات النادرة لمرضى اضطراب الوسواس القهري تحتاج لدخول مستشفى الأمراض النفسية، او العلاج بالتحفيز المغناطيسي للجمجمة، او عبر الصدمة الكهربائية.