مع بداية عام جديد، تتجه الأنظار نحو أسعار الفائدة على الإيداع والاقراض، التي يجري تحديدها كل 6 أسابيع من قبل لجنة السياسة النقدية بالبنك المركزي، خاصةً مع تأكيدات خبراء الاقتصاد استمرار موجات التضخم العالمية ارتفاعها، وبالتالي يكون الميل نحو رفع الفائدة لامتصاص آثار التضخم على العملة المحلية الأكثر ترجيحاً؛ خاصة في ظل استيراد جزء كبير من احتياجاتنا من الخارج.
«فهمي»: عوامل خارجية تؤثر على قرارات لجنة السياسة النقدية خلال 2022
من جانبه، قال ماجد فهمي الخبير المصرفي ورئيس مجلس إدارة بنك التنمية الصناعية سابقاً، إنَّ اتجاه أسعار الفائدة خلال العام الجاري 2022، سيجري تحديده بناء على عدة عوامل، أغلبها خارجي، وأبرز تلك العوامل موجات التضخم العالمية ومواصلة تداعيات «كوفيد- 19» السلبية على الاقتصادات.
سعر الفائدة الحقيقي في مصر لا يزال فوق مستويات التضخم
وأضاف «فهمي»، أنَّ المحافظة على سعر فائدة حقيقي أعلى من مستويات التضخم هو الهدف الرئيسي للبنوك المركزية، وهو حاصل طرح معدل الفائدة الاسمي والتضخم، وفي حين أنَّ العائد الحقيقي على العملة المحلية لا يزال الأعلى عالمياً في ظل مستويات الأسعار الحالية، فإنَّنا «لسنا بحاجة إلى تبني سياسة نقدية انكماشية إلا إذا كنا مضطرين لذلك».
تخفيض سعر الفائدة القرار الأفضل للاقتصادات الأكثر استقرارا
كما أشار إلى أنَّ الاقتصادات كلما كانت أقوى، كلما اتجهت بشدة نحو مزيد من التخفيض؛ أي تبني سياسة نقدية توسعية تشجع على الاستثمار بنوعيه المباشر وغير المباشر، وكذلك تخفيض تكلفة الائتمان والدين العام المحلي، إلا عند وجود ظروف استثنائية كالتي يمر بها العالم في الوقت الراهن، من استمرار سير معدلات التضخم العالمية في الاتجاه الصاعد بسبب تأثيرات «كوفيد-19» السلبية.
ويرى «فهمي» أنَّ مصلحة الاقتصاد في الظروف العادية، في تخفيض سعر الفائدة دائماً، وبالتالي اتجاه البنك المركزي المصري على مدار الفترة الماضية، التي وصلت إلى 9 اجتماعات متتالية للجنة السياسة النقدية، إلى الإبقاء على أسعار الفائدة كما هي، لأن القرار الأفضل وهو التخفيض لم يكن متاحاً، ولايزال كذلك نظراً لارتفاع أسعار السلع والخدمات التي أغلبها يجري استيراده ويضاف إلى سعرها تكاليف الشحن والنقل وغيره.
الفارق بين معدلات «التضخم» و«الفائدة» لا يزال في الحدود الآمنه
أكد الخبير المصرفي ورئيس بنك التنمية الصناعية السابق، على أنَّه لايزال الفارق بين «التضخم» و«الفائدة» في حدوده الآمنة بمصر، إلا إذا جد جديد، والبنك المركزي المصري من الصعب أن يسير عكس الاتجاه العالمي الذي تبنى مؤخراً فكرا انكماشيا ليشدد سياساته النقدية، وبالفعل جرى رفع الفائدة على الجنيه الإسترليني ولو بنسبة بسيطة، كما أنه من المتوقع أن يتجه «الاحتياطي الفيدرالي» نحو زيادة سعر الفائدة على الدولار.
أغلب البنوك المركزية العالمية تتبنى سياسات نقدية أكثر انكماشاً
كما توقع مواصلة ارتفاع أسعار السلع والخدمات، وبالتالي فإنَّ غالبية البنوك المركزية العالمية مضطرة إلى رفع أسعار الفائدة على عملاتها الوطنية، لامتصاص مستويات التضخم غير المسبوقة وتفادي تراجع سعر الصرف.
مخاوف خروج «الأموال الساخنة» يضع قيودا على قرارات «السياسة النقدية» 2022
وبالنسبة إلى مصر، فرجح «فهمي»، بأنَّ التهديد بخروج جزء «ليس بقليل» من الاستثمارات الساخنة بأدوات الدين المحلي، لتتجه نحو الأسواق ذات العوائد المرتفعة الأكثر إغراء، التي تقدر بأكثر من 35 مليار دولار، عند استمرار البنك المركزي المصري في تثبيت سعر الفائدة على الجنيه، قد يدفع الأخير لتبني سياسة نقدية أكثر تشددًا.
وتابع: «قد يضطر البنك المركزي المصري لأسباب خارجية مثل موجات التضخم العالمي واستمرار تداعيات كوفيد-19 على الاقتصادات، إلى رفع سعر الفائدة بنسب يجري تحديدها وفقاً لاتجاهات البنوك المركزية العالمية، وذلك إذعاناً لضغوط خروج الاستثمارات الساخنة».