تحتل المرأة في فكر صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، مكانة خاصة، فهي ليست شريكة في المجتمع فقط، ولكنها «روح المكان ومكان الروح»، وفق ما وصفها سموه في مقولة له بمناسبة «يوم المرأة الإماراتية» الذي يوافق 28 أغسطس من كل عام.
المكانة المميزة للمرأة في فكر محمد بن راشد، تستند إلى جذور عميقة تنبع من علاقة سموه بوالدته، المغفور لها الشيخة لطيفة بنت حمدان بن زايد آل نهيان، هذه العلاقة التي من الصعب وصفها بأسلوب أكثر بلاغة من وصف سموه لها في كتابه «قصتي»، الذي تضمن قصتين عن «أجمل.. وأنعم.. وأرق.. وأرفق إنسانة في حياتي»، مؤكداً سموه أنه مازال يشعر بفقدها حتى بعد 40 عاماً.
واسترجع أبرز ملامح شخصية والدته، ودورها كزوجة ورفيقة درب المغفور له الشيخ راشد بن سعيد آل مكتوم، طيب الله ثراه، على مدى أكثر من أربعة عقود، وكأم عظيمة لأبنائها جميعاً.
اعتزاز
وفي لغة تفيض بالحب، يكشف الكتاب في القصتين اللتين حملتا عنوان «لطيفة 1» و«لطيفة 2»، عن عمق ارتباط صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم بوالدته، واعتزازه وفخره بكل تفاصيل شخصيتها، فيقول: «كل ابن يتحدث عن السلام والسكينة في وجه أمه.. لكن أمي كانت كلها سلاماً وسكينة». وينطلق في تعريفها من الاسم وما يحمله من دلالات ومعانٍ انعكست في شخصيتها، موضحاً: «لطيفة في اللغة هي المرأة الناعمة، الرقيقة، الرفيقة، النادرة.. لطيفة في الاصطلاح هي المقولة التي تشرح الصدر.. لطيفة في الحياة هي أمّي وقلبي الذي في صدري، وأجمل وأنعم وأرقُّ وأرفق إنسانة في حياتي. اسمها: لطيفة بنت حمدان بن زايد آل نهيان. نسبها: ابنة حاكم أبوظبي من 1912 إلى 1922».
ويكشف سموه عن قربه الشديد من والدته، قائلاً: «كانت محبّتها عظيمة لجميع أبنائها، لكنني كنتُ الأقرب إليها. لم أرَ حباً كحبها، ولا قلباً كقلبها، ولا قرباً كقربها. عشتُ سنواتي الأولى في كنفها وكنف والدي. كان والدي يجلسني بعمر سنتين وثلاث أمامه على حصانه، ويأخذني معه أينما ذهب». ثم ينتقل سموه ليرسم صورة نابضة بالحياة والدفء تعكس جانباً من يومياته مع والدته: «كنت أحبُّ الاستيقاظ مبكراً. كنتُ أصحو قبل جميع من في المنزل لأجد الشيخة لطيفة مستيقظةً قبلي، تعدُّ لنا الفطور رغم وجود من يخدمها في البيت. لاأزال أذكرُ رائحة خبز أمي، وأذكرُ حديثها معي في الصباحات الباكرة. كنتُ أستمتعُ بالحديث معها عن العلاجات الطبية بالأعشاب. كانت معروفةً بمهاراتها الطبيّة. وكان الناس يجتازون مسافات بعيدة مع أطفالهم أو أقربائهم لتصفَ لهم أدويةً ومراهم من خلطات الأعشاب».
ويشير سموه إلى قدرتها على فهم أبنائها ورعايتهم بوعي: «كانت تعدُّ فطوري كل يوم قبل ذهابي للمدرسة. في الطريق كنتُ أقسمه نصفين؛ لي النصف ولمهرة كنت أحبُّها النصف الآخر. كنتُ صغيراً، وظننتُ أن خُبز الطحين مع البيض مفيدٌ للخيل. لاحظت أمي أن غدائي بعد عودتي من المدرسة لم يكن يكفيني من شدة الجوع. علمَت أن فطوري كان يُقسَم على اثنين، فزادته لي من الغد ضعفين. اعتقدتُ أن هذا الأمر صدفةً سعيدة، حتى أدركتُ بعد أن كبرتُ أنها كانت تراقبني، وتعرف أن الفطور لا يكفيني. هكذا هي الأم؛ لا تشبع حتى ترانا نأكل، ولا ترتاح إلا بعد أن ننام، ولا تفرح إلا إذا زالت عنا الأحزان».
وريثة التفوق
ويكشف «قصتي» أن إيمان صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم بإمكانات المرأة، وقدرتها على القيام بكل المهام، وإتقان مختلف المهارات مثل الرجال وربما أفضل، أمر ليس طارئاً في حياته «فقد كانت والدته قادرةً على إطلاق النار أفضل من كثير من الرجال، وكان بإمكانها التحكّم بالحصان أو الجمل، كأنها وُلدت على سرج. وكان لها مجلسها مع النساء، ولم تكن تتردّد في نقل كل همومهن للشيخ راشد. كانت شخصيتها قويةً ومحبوبةً في الوقت نفسه. كلُّ من عرفها أحبَّها». ولذلك ليس غريباً أن 85% من العاملين في مكتب سموه من العنصر النسائي، إذ توارثت ابنة الإمارات هذا التفوق، واستطاعت بفضل الدعم اللامحدود من قيادة الدولة، أن تصبح عنصراً فاعلاً في نهضة وطنها وتطور مجتمعها، حتى أصبحت تجربة تمكين المرأة في الإمارات قصة نجاح عالمية.
كذلك؛ وبفضل دعم قادة الإمارات، استطاعت الدولة أن تقفز إلى المركز الـ18 عالمياً والأول عربياً، في مؤشر المساواة بين الجنسين الصادر عن برنامج الأمم المتحدة الإنمائي 2020، بما يمثل قفزة نوعية بمعدل 31 مركزاً عالمياً بهذا التقرير خلال خمس سنوات، إذ كانت في المرتبة 49 عالمياً عام 2015، وهو العام الذي أعلن فيه صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، عن تأسيس مجلس الإمارات للتوازن بين الجنسين، برئاسة حرم سمو الشيخ منصور بن زايد آل نهيان، نائب رئيس مجلس الوزراء وزير ديوان الرئاسة، سمو الشيخة منال بنت محمد بن راشد آل مكتوم، رئيسة مؤسسة دبي للمرأة.
كما حققت الإمارات قفزات نوعية في ترتيبها بمؤشرات التنافسية العالمية الأخرى، حيث جاءت في المركز الأول على مستوى الشرق الأوسط وشمال إفريقيا لعامين متتاليين بتقرير البنك الدولي «المرأة وأنشطة الأعمال والقانون 2021 و2022»، الذي يرصد جهود الحكومات حول العالم في ما يتعلق بوضع القوانين والتشريعات الرامية لحماية وتمكين المرأة اقتصادياً، ضمن ثمانية محاور، محققة قفزة نوعية وصولاً إلى 82.5 نقطة بالمؤشر الإجمالي مع تحقيق العلامة الكاملة، 100 نقطة، في خمسة محاور هي: حرية التنقل، أماكن العمل، الأجور، ريادة الأعمال، والمعاش التقاعدي. وحققت المركز الأول عربياً في تقرير الفجوة بين الجنسين 2021 الصادر عن المنتدى الاقتصادي العالمي، وجاءت في المركز الأول عالمياً في أربعة مؤشرات فرعية ضمن هذا التقرير الدولي المهم، هي: التمثيل البرلماني للمرأة، ومعدل الإلمام بالقراءة والكتابة، ونسبة النوع الاجتماعي عند الولادة، ومعدل التحاق الفتيات بالتعليم الابتدائي. وتصدرت الإمارات دول العالم في مؤشر نسبة تمثيل الإناث في البرلمان لعامي 2020 و2021 ضمن التقرير العالمي للتنافسية، الصادر عن معهد التنمية الإدارية بسويسرا، كما تصدرت الدول العربية في تمثيل المرأة بمراكز صنع القرار والمناصب القيادية والعليا وفقاً لأحدث تقرير عن مشاركة النساء العربيات في مراكز صنع القرار، الصادر في يوليو 2021 عن «مجلس العلاقات الخارجية»، وهو منظمة غير حكومية تُعنى بالأبحاث والدراسات ومقره نيويورك.
في أقواله
اهتمام صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، بدعم المرأة وتشجيعها والإشادة بها وبدورها في المجتمع، انعكس في العديد من أقوال وأشعار سموه الملهمة، فأهدى سموه رائعته الشعرية المغناة «حدثيني» «إلى كل امرأة جعلت لحياتنا حياة.. ولكلماتنا معنى.. ولإنجازاتنا جمالاً».
ومن أقوال سموه: «كلمة الحياة مؤنثة، والحضارة مؤنثة، والكتابة والقصيدة والأماني الجميلة كلها مؤنثة، كل شيء جميل في حياتنا مطبوع ببصمة الأنثى، هي الصديقة والرقيقة والرفيقة والمعلمة الأصيلة، حفظكن الله أيتها الأميرات، وكل عام وأنتن أجمل وأعظم وأكثر إبهاراً وتألقاً».
وأيضاً قول سموه: «نعتز بما حققناه من إنجازات في ملف دعم المرأة لكننا نتطلع إلى المزيد وهدفنا أن نتصدر دول العالم في هذا المجال.. ثقتنا في قدرة المرأة على الإسهام بصورة مؤثرة في الوصول بدولة الإمارات إلى المصاف الأولى في كل القطاعات كبيرة.. ونحن مستمرون في دعمها وتذليل كل ما قد يعترض طريقها من عراقيل وإمدادها بكل ما تحتاج لتكون دائماً على قدر المأمول بها من مستويات التميز.. المرأة الإماراتية اليوم تشغل نصف مقاعد المجلس الوطني الاتحادي.. ولدينا نماذج ملهمة كثيرة أثبتت فيها المرأة جدارتها بما نوفره لها من فرص.. والنجاحات التي حققتها المرأة في دولتنا تجعلنا حريصين على مشاركة خبراتنا وتجاربنا الناجحة في دعم المرأة مع كل دولة تتوسم في دورها قيمة مضافة حقيقية تساند طموحاتها لمستقبل أفضل».
• 4 يناير ذكرى تولي محمد بن راشد مقاليد الحكم في دبي
• «لا تتوقفوا عن العلم.. العلم هو الذي يصنع الحياة.. ومن يتوقف عن التعلم.. يتوقف عن الحياة».
• «لا مكان لكلمة مستحيل في قاموس القيادة، ومهما كانت الصعوبات كبيرة، فإن الإيمان والعزيمة والإصرار كفيلة بالتغلب عليها».
• في لغة تفيض بالحب، تكشف «لطيفة 1» و«لطيفة 2»، عن عمق ارتباط محمد بن راشد بوالدته، واعتزازه بكل تفاصيل شخصيتها.
• محمد بن راشد يقدر إمكانات المرأة، وقدرتها على إنجاز كل المهام مثل الرجال.
• اهتمام محمد بن راشد بدعم المرأة وتشجيعها والإشادة بها وبدورها في المجتمع، انعكس في العديد من أقواله وأشعاره الملهمة.
قدوة ونموذج مشرف
حرص صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، في مناسبات مختلفة، على التعبير عن الامتنان والاعتزاز بسمو الشيخة فاطمة بنت مبارك، رئيسة الاتحاد النسائي العام رئيسة المجلس الأعلى للأمومة والطفولة الرئيسة الأعلى لمؤسسة التنمية الأسرية «أم الإمارات»، لما لسموها من دور فعال في دعم وتمكين المرأة الإماراتية، إلى جانب كونها قدوة ونموذجاً مشرفاً للمرأة الإماراتية، ورفيقة درب المؤسس المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه.