بدأت في بريطانيا، أمس، حملة البحث عن شخصية لتولي رئاسة الحكومة خلال أسبوع على أبعد حد، خلفاً لليز تراس، التي أعلنت استقالتها من رئاسة الوزراء، أول من أمس.
وأعلنت وزيرة العلاقات مع البرلمان بيني موردنت عبر «تويتر» أمس، ترشحها لتولي رئاسة وزراء بريطانيا، بعد استقالة تراس.
وقالت النائبة البالغة 49 عاماً، والتي تولت سابقاً حقيبتي الدفاع والتجارة الدولية، «أعلن ترشحي لأكون زعيمة حزب المحافظين ورئيسة وزرائكم، لتوحيد بلدنا، والوفاء بالتزاماتنا والفوز في الانتخابات التشريعية المقبلة». ومن بين المتنافسين المحتملين الذين لم يعلنوا ترشحهم رسمياً حتى الآن، وزير المالية السابق ريشي سوناك، ورئيس الوزراء السابق بوريس جونسون، الذي سيحاول على الأرجح العودة بعد أكثر بقليل من ثلاثة أشهر على دفعه إلى الاستقالة على إثر سلسلة فضائح.واضطرت تراس، التي تولت مهامها منذ 44 يوماً فقط، ولا تتمتع بأي شعبية، إلى التخلي عن المنصب في نهاية المطاف، فقد أطاحتها أزمة ثقة عميقة بعد تقلبات في قراراتها لتهدئة عاصفة في الأسواق أثارتها إعلانات حكومتها بشأن الميزانية.
وقالت تراس (47 عاماً)، في إعلان استقالتها أمام مقر رئاسة الحكومة في لندن، «نظراً للوضع، لا يمكنني إنجاز التفويض الذي انتخبني من أجله حزب المحافظين».
وكانت قد قدمت نفسها في اليوم السابق على أنها «مقاتلة» و«ليست شخصية تستقيل»، لكن عمق الشعور بعدم الثقة قوض تصميمها لتصبح بذلك رئيس الحكومة الذي شغل أقصر مدة في تاريخ بريطانيا. ويرى محللون أن نواب حزب المحافظين واجهوا خيارين، أحلاهما مر، فاختاروا الأقل ضرراً بدفعهم تراس إلى الاستقالة، لتكون رابع رئيس للوزراء يسقط في عهدهم، بعد ديفيد كاميرون وتيريزا ماي وبوريس جونسون.
ويراهن حزب المحافظين على توافر الوقت لرئيس وزراء جديد، يعيد بناء صورة الحزب.
وسيقود رئيس الوزراء المقبل بلداً غارقاً في أزمة غلاء معيشة خطرة مع تجاوز التضخم الـ10% وهي أعلى نسبة تسجل منذ 40 عاماً. ولتعيين رئيس جديد للحكومة بحلول 28 أكتوبر، وضع حزب المحافظين الذي يتولى السلطة منذ 12 عاماً، إجراءات سريعة. وينبغي أن يحصل المتنافسون على تأييد 100 على الأقل من نواب حزب المحافظين بحلول الساعة 14:00 (13:00 ت.غ) من الإثنين. وهذا ما يسمح بالحد من عدد المرشحين ليكونوا ثلاثة على الأكثر، إذ إن الحزب ممثل بـ357 نائباً في مجلس العموم.
وبعد ذلك، سيتعين على النواب الاتفاق على مرشحين اثنين فقط، ليختار أعضاء الحزب البالغ عددهم 170 ألفاً أحدهما بالتصويت عبر الإنترنت بحلول 28 أكتوبر، أو على مرشح واحد ينتقل مباشرة إلى مقر رئاسة الحكومة في 10 داونينغ ستريت.
وإلى أن يتم ذلك تبقى ليز تراس في السلطة.
وقال الخبير السياسي تيم بيل، الأستاذ في جامعة كوين ماري في لندن، إن شرط الحصول على عتبة الـ100 صوت يؤدي «على الأرجح» إلى استبعاد بوريس جونسون. وأوضح بيل لوكالة فرانس برس «لا أعتقد أن النواب يريدون العودة إلى الوراء»، مذكراً بأن «ثلثي الناخبين أرادوا أن يستقيل» في يوليو الماضي. وتابع الخبير نفسه أن «الاعتقاد بأن الناخبين يريدون عودته وهم».
وكشف استطلاع للرأي أجرته مؤسسة يوغوف، ونُشر مساء الخميس، أن ثمانية من كل 10 بريطانيين يعتقدون أن ليز تراس كانت محقة في الاستقالة.
وكان تقديم ميزانية مصغرة تتضمن مساعدات لدفع فواتير الطاقة وتخفيضات ضريبية ضخمة وغير ممولة في 23 سبتمبر، هو ما أدى إلى رحيل رئيسة الوزراء.
فقد تسببت هذه الخطة في انخفاض سعر الجنيه الإسترليني إلى أدنى مستوياته التاريخية، وأثارت حالة ذعر في الأسواق، وكادت تسبب أزمة مالية من دون تدخل سريع لبنك إنجلترا.
وأقالت تراس وزير ماليتها كواسي كوارتيتغ قبل أن تتخلى عن مشروعها، لكنها فشلت في تحسين الوضع، إلى درجة أنها كسرت الأرقام القياسية في تراجع شعبيتها. وبينما تتقدم المعارضة العمالية على حزب المحافظين في جميع استطلاعات الرأي، دعا زعيمها كير ستارمر، إلى انتخابات عامة فوراً.