تشكّل ظاهرة الكلاب الضالة أحد أكثر مصادر الإزعاج بالنسبة لساكنة وجدة، خاصة بعد تناميها خلال الآونة الأخيرة، إذ باتت تتجوّل في مجموعات في الشوارع الرئيسية وأزقة مختلف الأحياء السكنية بالمدينة.
وتكرّرت الدعوات خلال الأشهر الأخيرة من أجل إيجاد حل ناجع وفعّال لمعالجة هذه الظاهرة والحد من تكاثرها داخل المدينة لما تشكّله من خطر -خاصة غير المعقمة منها- على المواطنين والأطفال أو التلاميذ، لا سيما خلال ذهابهم أو عودتهم من الدراسة.
وعاينت جريدة هسبريس تجمع العشرات من الكلاب الضالة في عدد من النقاط داخل المدينة، أهمها ساحة 16 غشت قرب جماعة وجدة وإحدى المدارات الطرقية قرب الغرفة الجهوية للفلاحة، كما تنتشر في أغلب أحياء المدينة.
وخلال الليل، يكسر نباح هذه الكلاب سكون الأحياء السكنية، إذ تدخل في مواجهة مع القطط الضالة أو فيما بينها، كما تهاجم المارة والسيارات.
في هذا السياق، قال مصطفى، سائق سيارة أجرة صغيرة، إن هذه الكلاب تظهر بشكل أكبر وتنشط خلال الساعات الأولى من الصباح أو الساعات المتأخرة من الليل.
وأضاف في تصريح لهسبريس: “بحكم عملي أتجول في جميع أرجاء المدينة ألاحظ مجموعات بالعشرات من الكلاب الضالة في مختلف مناطق المدينة، لكن بشكل أكبر في طريق جرادة”.
وأكد المتحدّث معاينته أكثر من مرّة حوادث مهاجمة الكلاب الضالة للمواطنين، خاصة الذين يمتطون دراجات نارية أو هوائية، قائلا في هذا السياق: “كيتبعو صحاب لاموطويات والبيكالات بزاف”.
وكان مجلس جماعة وجدة صادق، بالإجماع في دورة فبراير العادية، على اتفاقية شراكة وُصفت آنذاك داخل المجلس بـ”المستعجلة” بين الجماعة ومجلس عمالة وجدة-أنكاد بشأن معالجة ظاهرة الكلاب الضالة.
وتهم هذه الاتفاقية بناء ملجأ داخل المحجز البلدي الموجود حاليا لتجميع الكلاب والقطط الضالة إلى جانب عيادة لإجراء عمليات تعقيمها واخصائها؛ وهو المطلب الذي عبّرت عنه مجموعة من الجمعيات التي تعنى بحماية الحيوانات، من بينها جمعية إنقاذ حيوانات المغرب والبيئة (مقرها بوجدة)، والتي سبق أن دعت إلى وقف عمليات الإبادة بالرصاص التي كانت تلجأ إليها الجماعة كحل لمشكل الكلاب الضالة.
غير أن هذه الاتفاقية، التي صادق عليها أيضا مجلس عمالة وجدة-أنكاد في دورة استثنائية بتاريخ الـ9 من مارس الماضي، لم تظهر تجلياتها على أرض الواقع إلى حدود اليوم، حسب ما أكده شكيب سبايبي، عضو فريق المعارضة بالمجلس الجماعي لوجدة.
وأوضح سبايبي المنتمي إلى الحزب الاشتراكي الموحد، ضمن تصريح لهسبريس، أن هذه الاتفاقية -التي كانت وما زالت تتميّز بالراهنية نظرا لما تشكّله هذه الكلاب من خطورة على الساكنة وتأثير على جمالية المدينة- لا نعرف إلى حد الساعة مآلها.
وتعيب المعارضة على مجلس جماعة وجدة عدم التنسيق مع متدخلين آخرين لإنجاز هذا الملجأ، إذ أكد المتحدّث ذاته أن هذا الأمر ساهم في إهدار المزيد من الوقت وتفاقم المشكلة بعد مرور أشهر على توقيع الاتفاقية سالفة الذكر.
من جانبه، قال محمد عزاوي، رئيس مجلس جماعة وجدة، إنه سيتم الشروع، في أواخر شهر يونيو المقبل، في عملية إخصاء وتعقيم الكلاب الضالة المنتشرة بالمدينة لوقف تكاثرها، مشيرا إلى أن “هذا المشروع، الذي يتطّلب الكثير من الوقت، دخل مراحله الأخيرة”.
وأضاف عزاوي، ضمن تصريح لهسبريس، أنه سيتم في المرحلة الأولى العمل على إخصائها وإعادة إطلاقها؛ بينما سيتم في المرحلة الثانية، والتي سيسهر عليها المجلس الإقليمي بشراكة مع جماعات إقليم وجدة-أنكاد، تجميع الكلاب الضالة في ملجأ دون إعادة إطلاقها.
وأكد المتحدّث ذاته أنه جرى الاتفاق مع مجموعة من الأطباء البياطرة على مباشرة هذه العملية في عياداتهم ابتداء من الشهر المقبل، “مرحلياً وبعدد قليل”، حيث ستتم عملية التجميع بتنسيق مع جمعية “إنقاذ حيوانات المغرب والبيئة”، التي أبدت استعدادها لتقديم المساعدة.
وكانت وزارة الداخلية أصدرت، العام الماضي، مذكرة مصلحية منعت بموجبها عمليات إبادة الكلاب الضالة بالرصاص الحي، داعية الجهات المختصة بمحاربة الكلاب الضالة بالجماعات الترابية إلى اعتماد طرق أخرى للإمساك بالكلاب من قبيل الشباك.
وصاحبت، على مدى أعوام، انتقادات واسعة لحملات محاربة الكلاب الضالة عبر قتلها باستعمال الذخيرة الحية، خاصة من طرف جمعيات الرفق بالحيوانات.
المصدر: وكالات