لفتت ورقة بحثية، منشورة بالمعهد المغربي لتحليل السياسات، إلى أن “عدم تناغم الجدولة الزمنية بين برامج الحماية الاجتماعية ومشروع تنزيل وتعميم منظومة الاستهداف يجعل أكبر ورش للحماية الاجتماعية تحت رحمة ضعف الاستهداف”.
الورقة، التي ألّفها الكاتب حسن بويخف، أوردت أن “الملك محمدا السادس كان قد أعطى تعليماته للحكومة السابقة لإنجاز “السجل الاجتماعي الموحد” في خطاب العرش لسنة 2018، قبل إعطاء الانطلاقة لمشروع تعميم الحماية الاجتماعية في خطاب العرش لسنة 2020”.
وتابعت بأن “إرساء منظومة الاستهداف لن يكون فعالا وشاملا إلا مع نهاية سنة 2025؛ وهو ما يعني حرمان أهم ورش للحماية الاجتماعية في تاريخ المغرب المعاصر من النجاعة، التي يرتكز جزء مهم منها على توفر منظومة موحدة للاستهداف”.
وأشار الباحث إلى أن “تعميم ورش الحماية الاجتماعية، الذي سيستفيد منه جميع المغاربة خلال الفترة 2021-2025، سيتطلب تخصيص مبلغ إجمالي سنوي يقدر بـ51 مليار درهم؛ منها 23 مليار درهم سيتم تمويلها من الميزانية العامة للدولة”.
وأوضح أن “التدقيق المُقارِن للجدولة الزمنية لتنزيل مختلف برامج الحماية الاجتماعية والجدولة الزمنية لتنزيل منظومة الاستهداف يكشف عن وجود عدم التناغم بين الجدولتين؛ فالطبيعي أن يكون نظام الاستهداف قائما وفعالا لتأطير تنزيل برامج الحماية الاجتماعية، غير أن الذي تكشفه تلك المقارنة هو تأخر إعداد سجلات منظومة الاستهداف”.
وما يعزز هذه الشكوك، وفقا للكاتب، هو “ضعف حضور الحديث عن ورش إعداد منظومة الاستهداف في الخطاب الحكومي؛ فالبرنامج الحكومي 2021-2026 لا يتضمن أي إجراءات تهم “منظومة الاستهداف” رغم أهميتها المحورية”.
وشددت الورقة على أن “السياسات الاجتماعية تعاني في المغرب من جملة من التحديات، سواء على مستوى الحكامة والشفافية، والنجاعة”، مشيرة إلى أن البنك الإفريقي للتنمية سبق أن انتقد “التشتت” في منظومة الحماية الاجتماعية، مع وجود 140 برنامجا مختلفا و50 متدخلا.
وتضمّنت الوثيقة مجموعة من التقارير التي أجمعت على أن “منظومة الحماية الاجتماعية تعاني من التشرذم، والتضخم من حيث البرامج والمبادرات والمتدخلين. كما تعاني من ضعف الحكامة وغياب التنسيق، إلى جانب غياب آلية استهداف موحدة”.
وذكرت بأن “السجل الوطني للسكان والسجل الاجتماعي الموحد، بصفتهما الآليتين التقنيتين الأساسيتين في تحقيق الاستهداف الاجتماعي والمعول عليهما في تحقيق عدالة ونجاعة برامج الدعم الاجتماعي، لن يكونا معممين على جميع الأقاليم والعمالات سوى مع نهاية سنة 2025”.
وبخصوص برامج تعميم الحماية الاجتماعية، وقف الباحث عند نقطة تعميم التأمين الإجباري الأساسي عن المرض الذي سيتمّ خلال سنتي 2021 و2022، معتبرا أنها “فترة بياض بالنسبة لتنزيل نظام الاستهداف؛ وإذا علمنا أن من بين الفئات التي يستهدفها هذا البرنامج نجد الفئات المعوزة المستفيدة من نظام “راميد”، سندرك خطورة هذا الأمر باستحضار ما شاب عملية تعميمه سابقا من اختلالات”.
وحول تعميم التعويضات العائلية الذي سيتم خلال سنتي 2023 و2024، فلن “يستفيد من نظام الاستهداف إلا بقدر نسبة تغطية تنزيل هذا النظام للأقاليم والعمالات؛ ذلك أن ثلث الأقاليم والعمالات ستستفيد من نظام الاستهداف خلال تعميم التعويضات العائلية خلال سنة 2023. وبالتالي، فإن ثلث الأقاليم والعمالات سيتم تعميم الخدمة فيها دون الاستفادة من منظومة الاستهداف”، بتعبيره.
أما توسيع قاعدة المنخرطين في أنظمة التقاعد، وتعميم الاستفادة من التعويض عن فقدان الشغل، الذي سيتم خلال سنة 2025، فـ”سيكون شاملا بقدر شمول تنزيل نظام الاستهداف خلال نفس السنة، والذي يتوقع أن يكون شاملا مع نهايتها”، وفقاً للورقة.
وبشأن برامج الدعم الاجتماعي الواردة في البرنامج الحكومي 2021-2026، شرح الباحث بأن “تنزيل جميع هذه البرامج سيتم في غياب كلي لنظام الاستهداف سنة 2022، مع استثناء واحد لبرنامج تعميم منحة الولادة للأسر والذي سيبدأ سنة 2023، التي هي نفس سنة تنزيل نظام الاستهداف في عمالتي الرباط والقنيطرة فقط”.
وفيما يتعلق بمختلف البرامج القائمة قبل سنة 2021، أبرزت الورقة البحثية أنه “ستتم مواصلة تنزيل هذه البرامج في غياب شامل لنظام الاستهداف المحدد بالقانون 72.18، إلى غاية دخول تنزيل السجلين حيز التنفيذ وفق السيرورة المتدرجة التي أشرنا إليها سابقا”.
واعتبرت أن “أصل المشكلة في عدم تناغم الجدولة الزمنية بين مشروع تنزيل وتعميم منظومة الاستهداف وبين مشروع تنزيل مختلف برامج الحماية الاجتماعية يكمن في طول المدة المخصصة لإعداد وتنزيل وتعميم منظومة الاستهداف، والتي يمكن القول إنها تتطلب قرابة 7 سنوات”.
المصدر: وكالات