نقاش “مستفيض” وغني بالأفكار شهدته مراكش، التي تتواصل بها فعاليات الاجتماعات السنوية للمؤسستين الماليتين الدوليتين إلى غاية الأحد، دارت رحاه ضمن جلسة نقاشية-حوارية دامت أزيد من ساعة، مساء الخميس، حول إشكالية الديون وكيفيات تحمّلها في عالمٍ تزداد فيه الهوامش المالية المتاحة ضيقا، لا سيما مع توالي الصدمات وتداخل الأزمات.
الجلسة التي تناولت موضوع “أولويات الإصلاح من أجل معالجة الديون” حضرتْها شخصيات وازنة من عالم الاقتصاد والمال؛ أبرزهم أجاي بانغا، رئيس مجموعة البنك الدولي، وكريستالينا غورغييفا، مديرة عامة صندوق النقد، ومحمد الجدعان، وزير المالية السعودي، إلى جانب كل من سيتومبيكو موسوكوتواني، وزير المالية والتخطيط في زامبيا، وأنا جيلبيرن، أستاذة في القانون بجامعة جورج تاون.
ركزت مداخلتا كل من بانغا وكريستالينا على أن “العديد من الاقتصادات منخفضة الدخل والاقتصادات الصاعدة تواجه، فعليا ومنذ سنين، أعباء ديون ثقيلة؛ وهو ما يحد من قدرتها على الاستثمار في التعليم والرعاية الصحية والحماية الاجتماعية والبنية التحتية”.
وبالنسبة لبعض الدول، فإنها بالفعل لا تمتلك القدرة على الاستمرار في تحمل أعباء هذه الديون”، وفق توصيف رئيس مجموعة البنك الدولي.
وبحثت هذه الندوة النقاشية “الخيارات المتاحة لتعزيز القدرة على الصمود في وجه مخاطر الديون”، مسلطة الضوء على “الإصلاحات المحلية (الوطنية في كل بلد) لتعزيز النمو، وتحسين سياسات الإنفاق، وزيادة تعبئة الإيرادات/ المداخيل المحلية، مع التشديد على “تدعيم إدارة وتدبير مستدام للديون”.
كما ناقشت أبرز المداخلات، وفق ما تابعت هسبريس، “الحاجة إلى زيادة المساندة التي يقدمها المجتمع الدولي عن طريق توفير التمويل الميسر والمساعدة الفنية ذات الطابع التقني”، داعية في شبه إجماع إلى “تحسين عمليات إعادة هيكلة الديون السيادية من أجل تخفيف أعباء الديون في الوقت المناسب، على نحوٍ يمكن التنبؤ به عند الحاجة”.
وفي مداخلة في شاكلة “شبه مرافعة” عن “دول الجنوب”، حثّ محمد الجدعان، وزير المالية السعودي، على “تبني مساعدات “مخصصة ومستهدفة حسب كل حالة” لإعانة الدول في النهوض من مستنقع الديون، مناديا بـ”ضرورة تخفيف أعباء الديون عن الدول محدودة الدخل” وتجنيبها الدخول بذلك في دوامة “أزمات اقتصادية” لا تنتهي.
وزير المالية في المملكة العربية السعودية شدد، في معرض حديثه بحضور شخصيات عالمية تصنع القرار المالي العالمي من واشنطن، على فكرة أن “دعم الدول الفقيرة ليس عملا خيريا، معتبرا أنه بالمقابل “يُجنب العالم تبعات وأزمات اقتصادية أكبر”.
وتابع موضحا بأن “الوصول إلى اتفاق دولي لتخفيف أعباء الديون عن الدول الفقيرة ومحدودة الدخل أصبح مطلبا مُلحا”.
وشرح الجدعان بأنه “من مصلحة الاقتصاد العالمي أن يكون في حالة صحية، وأن لا نترك أيا من الدول في الخلْف تُسبب المزيد من المشكلات للعالم”.
المسؤول الحكومي السعودي أكد على أهمية ابتكار حلول تتلاءم مع كل دولة بقوله: “يجب أن لا نُقلل من قيمة وأهمية المساعدات المخصصة بدقة”، مشيرا في هذا الصدد إلى مناقشة دارت بينه ورئيس البنك الدولي مفادها “تحويل البنوك إلى بنوك معرفة والانتقال بشكل سريع إلى تقديم مساعدات مخصصة ومصممة؛ وفقا لاحتياجات الدول لتساعدهم على كيفية التعامل مع قضايا الديون والتمويل الجديد”.
وتعد الديون في الدول منخفضة النمو أو التي تتعثر في أدائها بسبب صدمات مناخية أو غيرها إشكالية مستعصية على الحل منذ عقود؛ فيما يتصدر الموضوع نقاشات الاجتماعات السنوية في مراكش هذا العام، في ظل عجز عدد من الدول عن ضبط موازناتٍ تستجيب لحاجيات الخروج من المديونية المرهقة.
المصدر: وكالات