السبت 4 نونبر 2023 – 06:00
حط المخرج المغربي محمد رؤوف الصباحي رحاله بشريطه السينمائي “واحة المياه المتجمدة” في المهرجان الوطني للفيلم بطنجة، حيث يتبارى ضمن المسابقة الرسمية للفيلم الروائي الطويل.
يتناول الصباحي على مدار 92 دقيقة في شريطه “واحة المياه المتجمدة”، الذي قام بإخراجه وبكتابة السيناريو الخاص به، بشكل مؤثر، موضوعا اجتماعيا عميقا يتجلى في معاناة النساء في ظل قسوة العلاقة الزوجية الفاترة.
ويحكي الفيلم قصة كفاح “فضيلة”، طبيبة طوارئ، لاستعادة زوجها “قادر”، ممرض رئيس، بعدما دخلت علاقتهما في مرحلة فتور سببها إصابة الزوج بمرض السرطان وقراره تخصيص الأشهر الأخيرة من حياته لخلوة ذات طابع صوفي، بحثا عن العزلة بعد علاقة حب وطيدة منذ الطفولة.
ويرى الناقد المغربي فؤاد زويرق أن رؤوف الصباحي قدم في شريطه هذا تناغما إبداعيا جمعت وانصهرت فيه عناصر فيلمية عدة، من سرد وصورة ورمز وتشخيص وكوريغرافيا، في قالب فني واحد، صمّم شكلا بصريا جميلا أخفى داخله الكثير من التفاصيل والأبعاد ذات معانٍ ودلالات.
وقال زويرق إن “واحة المياه المتجمدة” اعتمد أسلوبا غير مباشر في اقتحام العوالم الداخلية الإنسانية وتفكيك تفاصيلها النفسية، خصوصا أنه تعمق في الجانب العاطفي والوجودي منها، وحاول السيطرة على اندفاع وتدافع المشاعر التي اعترت شخصياته الرئيسية، كما أعطى للمُتلقي شحنة من الصدمات المتنوعة والمختلفة في قدراتها التأثيرية، النابعة من عمق الشخصيات نفسها، حيث يتلاقى فيها الحب والموت والبحث عن الذات بالمشاعر المحملة بالتناقضات والتجاذبات والرغبات.
وأضاف أن “القصة درامية بسيطة وعادية، لكن تحويل شخوصها وأجوائها إلى رموز فنية جعلها مركبة ومشحونة إبداعيا، فاستخدام الألوان والظلال والفضاءات والملابس والأرضيات والموسيقى لها إشارات دلالية، وكلها عناصر نجح في تسكينها رؤوف الصباحي بشكل متميز، حيث أدت الغرض المطلوب وكشفت لنا عما يكمن في التفاصيل، فقليلون لدينا هم للأسف من يتمكنون أو يتوقفون في تفريغ إبداعهم بهذا الشكل الجميل، حيث تستمتع بجمالية الرمز، وتستمتع أيضا بتفكيكه، وهذا ما يحتاجه المتلقي”.
واعتبر الناقد المغربي ذاته أن المخرج الشاب رؤوف الصباحي اجتهد في فيلم “واحة المياه المتجمدة” باقتناصه الصورة بجماليتها البصرية، سواء من الناحية الفنية أو التقنية، وإحاطتها بمجموعة من العناصر المادية الملموسة ذات الدلالات السينمائية التي جعلت منه عملا قابلا للقراءة من زوايا عدة، كما نجح في رسم مشاهد متقنة الصنع عززها بحمولات إنسانية مركبة، مبرزا أن هذا الاجتهاد لم يتأت من فراغ، خصوصا عند معرفة أن هناك عنصرا مساعدا آخر، هو مدير التصوير فاضل اشويكة الذي يعتبر واحدا من المبدعين المشهود لهم بالتميز في مجالهم.
المصدر: وكالات