في عز الحديث عن الحقوق الاجتماعية والاقتصادية للنساء بالمغرب، تزامنا مع النقاش السائد حول مدونة الأسرة، خلّفت الأرقام التي كشف عنها مصطفى بايتاس، الوزير المنتدب المكلف بالعلاقات مع البرلمان الناطق الرسمي باسم الحكومة، بخصوص نسبة المغربيات المتقدمات للاستفادة من البرنامج الوطني لدعم السكن، ارتياحا لدى حقوقيات اعتبرن الأمر “طريقا نحو دعم الاستقلالية الاقتصادية والاجتماعية للنساء”.
وقال بايتاس، في معرض جوابه عن أسئلة الصحافيين على هامش انعقاد مجلس الحكومة، الخميس الماضي، إن “الوزارة المعنية بالموضوع توصلت بما يصل إلى 56 ألف طلب؛ 20 في المائة منها من مغاربة العالم الذين يودون اقتناء سكن، و38 في المائة من الطلبات عبرت عنها نساء وهو مؤشر مهم. في حين أن 70 في المائة من الطلبات تخص السكن الذي تبلغ كلفته 30 ألف درهم”.
وأشادت حقوقيات، تحدثن لهسبريس، بالرقم الذي يخص النساء المهتمات بالاستفادة من البرنامج، بالنظر إلى كونه “مهما ومن المنتظر أن يصل إلى رقم أكبر في المستقبل، تزامنا مع نمو وعي المغربيات بضرورة الاستثمار في تملك السكن كاحتياط من تقلبات مرتقبة قد تصادفنها”، معتبرات أن “البرنامج معوّلٌ عليه للحد من تأنيث الفقر وتمكين النساء من الحصول على سكن خاص بهن بما يدعم استقلاليتهن الاقتصادية والاجتماعية”.
تفاعلا مع الموضوع، قالت أمينة التوبالي، باحثة في قضايا المرأة، إن “الأرقام التي تخص النساء في هذا الصدد تظل مهمة. ومن المنتظر أن تصل إلى مستويات أكبر مع تقدم البرنامج خلال الفترات المقبلة، حيث جرى رصد تنامي وعي النساء بالمغرب بضرورة تملك مسكن خاص بهن كأولوية عندما يشتغلن، رغبة منهن في تفادي تجارب تخص نساء ألقت بهن ظروف الحياة في منازل الآخرين”.
وأضافت التوبالي، في تصريح لهسبريس، أن “الأسر المغربية باتت تدفع بناتها إلى الاستثمار في قطاع الإسكان بغض النظر عن كونها متزوجة أو عازبة، على اعتبار أن ذلك سيشكل لها ضمانة في المستقبل وسيجنبها من دوامة الكراء وإكراهات أيّ عدم استقرار اجتماعي قد تصادفها في حياتها”، موردة أن “هذا الأمر ليس تشجيعا للحياة الفردية للنساء؛ لكن هو طريق للرقي بالوضعية الاجتماعية لنسبة كبيرة منهن”.
وأكدت المتحدثة أن “برنامج دعم السكن من المرتقب أن تكون له آثار إيجابية فيما يخص الحد من تأنيث الفقر، حيث تظل نسبة مهمة من النساء ذوات وضعيات اجتماعية خاصة؛ مطلقات أو عازبات لم يتزوجن بعد بشكل اختياري أو اضطراري، في وقت تتغير هذه الوضعية لدى المطلقات اللواتي ينحدر مستواهن المعيشي بعد الطلاق، خصوصا إذا كان لهن أبناء”.
وأشارت الباحثة في قضايا المرأة إلى أن “منظومة الأعراف والتقاليد قد تغيرت خلال الوقت الراهن، حيث لم يعد هنالك تعاون مع النساء في وضعيات خاصة كما كان سابقا؛ في حين يثبت الواقع أن النساء المشتغلات بالقطاع غير المهيكل يقطنن على مستوى مقرات سكنية غير لائقة”، داعية إلى “سياسات عمومية للرقي بمنظومة السكن وتقريب المصالح الاجتماعية من المواطنين لضمان نجاعة برامج الإسكان”.
من جهتها، اعتبرت نجية تزروت، رئيسة “شبكة الرابطة إنجاد ضد عنف النوع”، امتلاك النساء للسكن بالمغرب أمرا “ذا أهمية كبيرة”، بالنظر إلى كونه “يساهم في تحقيق الاستقلالية الاقتصادية والاجتماعية للنساء وتعزيز مكانتهن داخل المجتمع ويحميهن من التقلبات الاجتماعية ويوفر لهن بيئة مستقرة وآمنة للعيش الكريم، في وقت يشكلن الحلقة الهشة اقتصاديا بالمجتمع”.
تزروت، التي تحدثت لهسبريس، لم تخف تقديرها لنسبة النساء اللواتي تقدمت للاستفادة من البرنامج الحكومي الخاص بدعم السكن، حيث يظل “مؤشرا إيجابيا يضع الدولة الاجتماعية أمام محك اختيارات مبنية على مقاربة النوع الاجتماعي الذي انخرطت فيه منذ سنوات”، مشيرة إلى “الحاجة إلى مزيد من السياسات العمومية الرامية إلى حماية حقوق النساء في مجال الإسكان الملائم وتوفير الدعم اللازم لِلّواتي يعانين منهن من ضعف اقتصادي”.
وربطت المتحدثة بين برنامج دعم السكن وبين الإحصائيات الرسمية المتعلقة بإعالة النساء للأسر، حيث لفتت إلى أن “هذه الأرقام ارتفعت أكثر مع جائحة كورونا؛ وهو أمر يؤكد ضرورة حماية حقوقهن في مجال السكن وتعزيز مشاركتهن في صنع السياسات المتعلقة بالإسكان، لما من ذلك من أثر إيجابي مستقبلي في حمايتهن من أي تقلبات مستقبلية على مستوى استقرارهن الاجتماعي والاقتصادي”، مبرزة “تعويلا نسائيا على برنامج دعم السكن لتحقيق هذه المطالب، بالنظر إلى كونه برنامجا تشرف عليه الدولة نفسها”.
المصدر: وكالات