روائح كريهة تزكم الأنوف وتقض مضجع البيضاويين هذه الأيام. بالمقاهي وسيارات الأجرة والحافلات والترامواي وبمواقع التواصل الاجتماعي، الكل يشتكي ويندد ويطالب بفتح تحقيق لمعرفة مصدر روائح اجتاحت معظم أحياء العاصمة الاقتصادية للمملكة وصارت تمنع كثيرين من النوم ليلا.
روائح كريهة تخنق البيضاويين
لم يستسغ كثير من المواطنين في الدار البيضاء، هذه الأيام، الروائح الكريهة التي تقتحم منازلهم وتفرض عليهم إغلاق النوافذ رغم ارتفاع درجة الحرارة.
بمواقع التواصل الاجتماعي، الكل يشتكي من هذه الروائح ويطالب برفع الضرر الذي طالهم طوال أيام ويوجهون أصابع الاتهام إلى مطرح النفايات العمومي بمديونة.
نشطاء مواقع التواصل رمى كثير منهم كرة هذه الروائح إلى المطرح، معتبرين أنها صادرة عنه؛ الأمر الذي يستوجب وقف حرق النفايات، حسب تعبيرهم.
وأكد البيضاويون أن الروائح الكريهة باتت تصل إلى مختلف الأحياء بالدار البيضاء؛ منها بلفيدير، لاجيروند، الحي المحمدي، عين السبع وصولا إلى مركز المدينة.
ويشتكي المواطنون، خصوصا الذين يعانون من أمراض تنفسية، من هذا الوضع، داعين الجماعة إلى وقف هذا الأمر والكف عن تلويث الهواء أكثر مما هو ملوث حاليا بفعل دخان المصانع والسيارات.
شكاوى جيران المطرح
على مستوى جماعة المجاطية بإقليم مديونة، التي يوجد بها المطرح العمومي للنفايات، يبدو الأمر أكثر تعقيدا مما يعانيه سكان الدار البيضاء.
ويعيش المواطنون، خصوصا الذين يقطنون قريبا من موقع المطرح، وضعا مزريا وصار كثير منهم يعاني من أمراض تنفسية بسبب الروائح المنبعثة منه؛ دون نسيان تأثير عصارة النفايات على الأراضي الفلاحية.
في هذا الصدد، قال أحد من السكان، الذي كان حاضرا خلال زيارة قامت بها عمدة الدار البيضاء إلى مطرح النفايات ليلة الخميس، إن “الرائحة هنا لا وجود لها الآن؛ لكن هذا يناقض ما نعيشه ليلا كساكنة، حيث الروائح الكريهة التي تزكم الأنوف”.
وأكد سفيان مكاوي، الفاعل بالمنطقة، ضمن تصريحه لجريدة هسبريس الإلكترونية، أن “الرائحة التي تنبعث من المطرح تسببت في أمراض عديدة للمواطنين”.
بدوره، انتقد أحمد خنون، نائب رئيس الجماعة الترابية المجاطية، المطرح العمومي، مؤكدا أنه لا يتوفر على المعايير البيئية التي يتم الحديث عنها.
ولفت نائب رئيس الجماعة الترابية سالفة الذكر، التي يتواجد المطرح على نفوذها الترابي، إلى أن عصارة النفايات تنبعث منها روائح كريهة، لا سيما حين القيام برشها على تربة المطرح القديم.
وأورد المسؤول الجماعي أن هذه العصارة “تسربت صوب أراضي المواطنين بدوار لحلايبية، إذ صار السكان يعتبرون ذلك خطوة نحو الاستحواذ على عقاراتهم”.
وشدد المتحدث نفسه على أن المشرفين على المطرح، عند سماعهم قدوم لجنة من المجلس، عملوا على تغطية النفايات؛ لكن الروائح تنبعث ليلا، مطالبا بمنع تسرب “ليكسيفيا” إلى الأراضي المجاورة.
مجلس البيضاء يتحرك
أمام شكاوى المواطنين بالدار البيضاء من الروائح الكريهة، لم يجد المجلس الجماعي في ظل اتهام الساكنة المطرح العمومي بالوقوف وراءها إلا التحرك صوبه للوقوف على حقيقة ذلك.
وحلت نبيلة الرميلي، عمدة الدار البيضاء، مرفوقة ببعض نوابها، ليلة الخميس، بالمطرح العمومي لمعاينة الوضع والوقوف حول ما يجري بالمطرح.
وأفاد مولاي أحمد افيلال، نائب العمدة المكلف بقطاع النظافة، بأن تحركهم للمطرح كان بغاية الوقوف حول ما إن كانت الروائح تنبعث منه وتصل إلى الدار البيضاء، مشيرا إلى أنه “تبين خلال هذه الزيارة بأن الوضع عادي، ولا وجود لروائح كما يتم تداول ذلك”.
وقال نائب رئيسة المجلس الجماعي للدار البيضاء ضمن تصريحه للجريدة: “نحن لا نقوم بحرق النفايات، وإنما نعمل على طمرها فقط بالأتربة، في انتظار فتح المصنع الكبير الخاص بفرز النفايات”.
وتابع المسؤول الجماعي قوله: “هناك رائحة، لكنها لا يمكن أن تصل إلى مدينة الدار البيضاء؛ وحتى الشركة الخاصة التي تقوم بقياس جودة الهواء، أكدت نتائجها الأولى أن الرائحة تخص النفايات لكنها لا يمكن أن تصل إلى قلب الدار البيضاء”.
وأضاف مولاي أحمد أفيلال قائلا: “لو كان هناك مشكل وكانت الرائحة صادرة من المطرح، ستكون لنا الجرأة لقول ذلك؛ لكن، كما عاينتم، نحن لا نقوم بحرق النفايات حتى تصل روائحها المدينة”.
المصدر: وكالات