دائما ما يتم لفت الانتباه لأبطال المسلسلات ومخرجيها، ونادرا ما يبحث المشاهد عن مصدر السيناريو المكتوب الذي نُقل من الورق إلى كل بيت عبر شاشة التلفزيون.
تعرف المغاربة على الفنانة الكوميدية فاتن اليوسفي عبر سلسلة “الربيب” سنة 2004، وظهرت في أعمال فنية أخرى لتختفي بعد ذلك عن أضواء الكاميرا، الشيء الذي دفع الكثير إلى السؤال عن سبب غيابها، كون البعض يجهل أنها مصدر معظم المسلسلات والأفلام التي تبث على القنوات الوطنية، وأنها “المجتهدة الخفية” التي تخلق العديد من السيناريوهات.
أكثر من نصف المغاربة الذين يشاهدون التلفزيون أوقات الذروة خلال رمضان، يستمتعون بالمسلسل الدرامي “المكتوب” في جزئه الثاني، من بطولة هند بنجبارة، دنيا بوطازوت، مريم الزعيمي… وإخراج علاء أعبون، أما السيناريو فهو من كتابة السيناريست المغربية فاتن اليوسفي، وحوار الكوميدي سفيان نعوم ومحمد الكامة وهشام الغافولي.
فاتن اليوسفي خصت “اليوم24” بحوار ضمن سلسلة “لقاءات رمضان” كشفت فيه الجانب الخفي من كتابة قصص المسلسلات الشهيرة
كتابة الجزء الثاني من مسلسل “المكتوب”
أكدت السيناريست المغربية فاتن اليوسفي أن كتابة الجزء الثاني من كل مسلسل تكون لها طريقة خاصة، وأكثر دقة وتركيزا من كتابة الجزء الأول، نظرا لضرورة خلق عنصر المفاجأة وإتمام قصص الشخصيات التي تعرف عليها الجمهور من قبل، أخذا بعين الاعتبار “ذكاء المشاهد” الذي يتوقع مجموعة من الأحداث، وهنا يكون تحدي “خلق ما لم يكن ضمن التوقعات”، كما حصل مع كتابة الجزء الثاني من مسلسل “ولاد العم” ومسلسل “رضاة الوليدة ومسلسل “وعدي.
أفادت فاتن في حوارها مع “اليوم24” بأن ما يتم تداوله من أحداث في حلقات الجزء الثاني من مسلسل “المكتوب” خضعت لـ”بروتوكول” مطول وعميق بين خلية الكتابة التي توسعت، وانضاف إليها كل من الفنان محمد الكامة وهشام الغافولي، وبين المشرفين عن القناة الثانية والخلية الدرامية والمنتجين، لاحترام معايير العروض المطلوبة من قبل القناة.
ووعدت اليوسفي جمهور مسلسل “المكتوب” باكتشاف العديد من المفاجآت ضمن حلقاته الثلاثين، ومعرفة تفاصيل لم تكن في الحسبان، ضمن الأحداث التي وصفتها بـ”المشوقة.
وقالت: “عندما أشاهد الأعمال التي قمت بكتابتها أظل في صراع مع ذاتي، وأقول لو قمت بهذه لكانت أفضل من هذه… لكن نقدم دائما كل ما بوسعنا لخلق الأفضل”.
ظهور شخصية “ميلود” في الجزء الثاني من مسلسل “المكتوب”
أكدت السيناريست فاتن اليوسفي أن شخصية “ميلود” والد “هند” ليست بالجديدة على أحداث المسلسل منذ حلقته الأولى من جزئه الأول، وكانت ضمن الشخصيات الرئيسية، إلا أن موعد الكشف عنها قد حان في هذا الجزء.
وشددت فاتن على أن شخصية “ميلود” الذي يجسدها الممثل ربيع القاطي هي شخصية محورية في عالم “الشيخة حليمة” التي تجسدها الممثلة دنيا بوطازوت، ليغير فيها الكثير ويكشف عن جوانب خفية من الأحداث التي يكتشفها الجمهور في الحلقات المقبلة.
فاتن اليوسفي تصف شعورها عند مشاهدة “سيناريوهاتها” مجسدة في مسلسل أو فيلم
قالت فاتن اليوسفي إنها أثناء مشاهدة أي عمل قامت بكتابة قصته تكون “على أعصابها” خائفة من ردود أفعال المشاهدين، وتتساءل بين كل فكرة ومشهد إن وصل بالطريقة التي تريد، إلى حين اكتشاف الصدى الذي يخلفه وراءه، مشبهة ذلك بـ”الطبق الذي يتم تحضيره في المطبخ ولا تعلم كيف سيكون مذاقه إلى أن يصل إلى مائدة الطعام وأفراد الأسرة، فهناك يمكن أن تعلم إن كان لذيذا أو غير ذلك”.
وقالت: “أرتاح عندما يصبح تداول أقوال بعض الشخصيات المجسدة، مثل أقوال الشيخة حليمة السنة الماضية، وأقوال شخصية يوسف هذه السنة”.
أكدت فاتن اليوسفي أن كل قصة كتبتها هي مستوحاة من الواقع، وكل شخصية تجسد لم تخرج عبثا بل من رحم الواقع، لهذا تبحث عند مشاهدة أعمالها عن ردود أفعال المشاهدين حولها أو عبر مواقع التواصل الاجتماعي، وهل أثرت فيهم الشخصية، سواء بالتعاطف أو الكره أو حتى البكاء معها.
وصفت فاتن شعورها بوصول أي شخصية لقلب المشاهد وكيفية تفاعله معها، بـ”الفخر والاعتزاز”، قائلة: “العمل الذي نقوم به يكون أسطرا على ورق، فيخرج إلى المشاهد عن طريق ممثلين، ومجرد التفكير في هذا يجعلني أفتخر”.
وأكدت اليوسفي أنها تأخذ بعين الاعتبار الانتقادات “البناءة” التي تلتقطها من الجمهور، لتصحيحها وتجاوز بعضها في أعمال أخرى.
أجواء الكتابة الخاصة بفاتن اليوسفي
لم تجد فاتن اليوسفي في اشتغالها على السيناريوهات نوعا من الفنون التي تحتاج إلى أجواء مميزة وطقوس تساعدها على الإبداع، بل أصبحت تراها عملا يسير تحت ضغوطات تسعى لاحترام العديد من المعايير المطلوبة من قبل قنوات بثها، مشيرة إلى أن “كتابة السيناريو هي كتابة تقنية أكثر ما هي فنية”.
وقالت: “العديد يفتكر أن السيناريست كالشاعر والروائي يحتاج إلى كوب قهوة وإطلالة على البحر، لكن الحقيقة عكس ذلك، فالسيناريست يشتغل تحت الضغوطات واحترام إكراهات الإنتاج، والرؤية الإخراجية. كلها عوامل تقنية تأخذ من وقتك وتنقطع عن عالمك لتدخل إلى عالم المسلسل”.
ووصفت فاتن كتابة السيناريوهات بـ”ألم المخاض” نظرا للعيش معها ودخولها عالم الأحداث والشخصيات، مشيرة إلى أنها تتألم مع نهاية القصص وموت الأبطال.
فاتن اليوسفي تتحدث عن كتابة سيناريو مسلسل “عايشة”
وصفت فاتن اليوسفي في حوارها مع “اليوم24″ كتابة سيناريو مسلسل عايشة الذي يعرض على القناة الأولى من بطولة الممثلة فاطمة الزهراء بناصر، بـ”السهل الممتنع” معتبرة إياه من أصعب الأعمال التي اشتغلت على كتابتها.
كشفت اليوسفي أنها قدمت عمل مسلسل “عايشة” ضمن طلبات العروض لسنة 2019 إلا أنه تم رفضه، لتُعيد الاشتغال عليه في كل مرة يُرفض فيها، إلى أن تم قبوله سنة 2021.
تتحدث اليوسفي في مسلسل “عايشة” عن غياب الرجل في حياة المرأة، ويسلط الضوء على المرأة المكافحة التي تنسى أن تعيش لنفسها وتجاهد في سبيل بناتها وإخوتها.
وقالت فاتن في حوارها: “عايشة ماشي هي الشخصية المجسدة… عايشة هي كل امرأة عايشة للمجتمع وماعايشاش لراسها، هي كل امرأة عايشة لبناتها وخواتاتها وجيرانها وأسرتها وعملها”.
اعتبرت فاتن كتابة سيناريو مسلسل “عايشة” شيئا جديدا بالنسبة لها، لأنها حاولت التعمق في جميع الشخصيات، واستوحت كل قصة منه من الواقع المعيش ومن قصص استقطبتها من مجموعات نسائية “فايسبوكية”، الشيء الذي يساهم بشكل كبير في الوصول إلى “قلب المشاهد”.
وقالت: “مسلسل عايشة ليس كغيره من القصص المتداولة، فهو لا يتحدث عن الإرث والشركة والفيلا، ولا عن ابنة تبحث عن والدها، وإنما يسلط الضوء على الطبقة المتوسطة وحياتها اليومية بكل مقاييسها وصعوباتها وأفراحها”.
وطالبت اليوسفي الجمهور بعدم الإدلاء بأحكام مسبقة على المسلسلات المغربية إلا بعد الحلقة الأخيرة، لأن هناك تظهر الجوانب الخفية بوضوح تام.
فاتن اليوسفي تكشف لـ”اليوم24″ عن مشاريعها الفنية الجديدة
كشفت السيناريست فاتن اليوسفي لـ”اليوم24″ أنها تستعد لتصوير فيلم درامي تلفزي جديد من إخراج داني يوسف وبطولة سلوى زرهران ومريم الزعيمي، بعنوان “ألم وأمل” وهو قصة واقعية تحكي عن “الحياة في عالم مرض السرطان” ورحلة التفاؤل التي تعيشها إحدى المريضات بالسرطان، حيث استوحت قصته من سيدة فقدت ابنها بسبب المرض.
وتستعد فاتن اليوسفي للكشف عن قصة أخرى عبارة عن مسلسل قصير من 4 حلقات بعنوان “أولاد الحمري” يحكي قصة شاب يحلم بوصوله إلى النجومية في عالم “كرة القدم”، وسيتم تصويره خلال فصل الصيف المقبل.
المصدر: وكالات