وضعية مناخية صعبة تنتظر دول منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا بسبب التغيرات المناخية، ستنجم عنها اضطرابات تتعلق أساسا بشح المياه واختلال توازنات الأمن الغذائي، بحسب تقرير حديث لمنظمة السلام الأخضر العالمية “غرينبيس”.
التقرير المنجز من طرف “مختبرات غرينبيس للبحوث”، أدرج المغرب ضمن البلدان المهددة بـ”التأثير المدمّر للتغير المناخي” في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، إلى جانب كل من الجزائر ومصر ولبنان وتونس والإمارات العربيّة المتحدة.
وفي الوقت الذي يشهد فيه المغرب شحا في التساقطات المطرية خلال السنوات الأخيرة، توقعت “غرينبيس” أن يعرف، على غرار المنطقة الشمالية الغربية من القارة الإفريقية، ظروفا من الجفاف الزائد وزيادة متوسط درجات الحرارة السنوية في العقود المقبلة من القرن الجاري، ما سيؤثر على إنتاج الغذاء.
وتشير التوقعات الواردة في التقرير إلى أن معدل الإنتاجية الزراعية في المملكة سيشهد انخفاضا بحلول عام 2080 بسبب تغير أنماط تساقط الأمطار، حيث يمكن أن تتأثر الأراضي السقوية سلبا بفعل التملح، عندما يتبخر الماء تاركا كمية عالية مركّزة من الأملاح على سطح التربة.
وبحسب المصدر ذاته، فإن السكان المغاربة الأكثر فقرا هم الذين سيكونون أكثر تضررا من التملح، باعتبارهم يعتمدون على الزراعة للحصول على الدخل.
وبناء على خلاصات النماذج المناخية العالمية، يتوقع التقرير استمرار انخفاض التساقطات المطرية في المغرب خلال العقود القادمة حتى عام 2100، في حين يُتوقع أن تشهد مستجمعات المياه في جنوب غرب المملكة، التي تعاني من ظروف قاحلة، أكبر انخفاض في التساقطات المطرية في البلاد.
وحذر التقرير من التداعيات الوخيمة لظاهرة الارتفاع المتزايد لدرجة الحرارة في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا بوتيرة تقارب ضعف المعدل العالمي، ما يجعلها عرضة للآثار والتداعيات الخطيرة الناجمة عن تغير المناخ، بما في ذلك الشح الحاد في المياه، والآثار الواضحة على المجتمعات والمنظومات الحيويّة.
وشددت الوثيقة ذاتها، المعنونة بـ “على شفير الهاوية: تداعيات تغيّر المناخ على ستة بلدان في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا”، على ضرورة العمل العاجل لمواجهة الاحترار في المنطقة للحد من تداعياته الوخيمة.
وعلى الرغم من التنوع في أنماط الطقس والمناخ في المنطقة، إلا أن الكثير من بلدانها تشهد بشكل طبيعي ظروفا جافة ودافئة للغاية مقارنة بأجزاء أخرى من العالم، يورد تقرير “غرينبيس”، حيث ترتفع حرارتها بمعدل متسارع يصل إلى 0.4 درجة مئوية لكل عقد منذ ثمانينات القرن العشرين، أي ما يعادل ضعف المعدّل العالمي.
المعطيات الواردة في التقرير بناء على أبحاث خبراء منظمة غرينبيس”، تفيد بأن خطر التغيرات المناخية على منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا لا تقتصر فقط على شح المياه وخلخلة توازنات الأمن الغذائي، بل يشكل أيضا تهديدها خطرا على التنوع البيولوجي البحري والأرضي.
وأشار التقرير إلى أن من بين التداعيات الوخيمة التي ستنجم عن ظاهرة الاحترار في المياه السطحية في البحر الأحمر، ابيضاض واسع للشعاب المرجانية فيه وموتها.
ودعا التقرير الصادر تزامنا مع انطلاق أشغال مؤتمر الأمم المتحدة للمناخ “COP27” في مصر، إلى إنشاء صندوق لتعويض الدول والمجتمعات التي تواجه أخطر الآثار لتغير المناخ نتيجة الخسائر والأضرار التي لحقت بها.
كما دعا الدول الأطراف إلى “الوفاء بالتعهدات التي تم الإعلان عنها سابقا في مجال التكيّف والحد من المخاطر، وضرورة تمويل المسارات الإنمائية البديلة لهذه الدول من خلال الهبات بدلا من القروض”.
المصدر: وكالات