محمود الحديني
عمل فني مميز، قادر على أن يصطحبك معه في رحلة ممتعة لاكتشاف تفاصيله الأكثر إمتاعا وإثارة، يجعلك تعيش داخل الشخصيات، تتفاعل معها تارة، وتشعر كأنك واحد منها تارة أخرى، تتساءل: «هل أنت مراقِب أم مراقَب داخل عالم السوشيال ميديا؟» المتمثل في تطبيق يحمل اسم المسلسل «لايف شو»، تلك التجربة الاستثنائية التي كتبها وأخرجها محمود جمال الحديني، ليترجمها أبطال فرقة «1980 وأنت طالع»، لمناقشة تأثير هذا العالم الافتراضي على حياة البعض، والتغيرات التي قد تحدث في حال وجودهم داخله لمدة 360 ساعة شهريا بمعدل 12 ساعة يوميا مقابل الحصول على 5 آلاف دولار.
14 حلقة تكشف الجانب المظلم من السوشيال ميديا
عالم يحاكي جزءا كبيرا من الواقع الذي عشناه خلال فترة انتشار كورونا، بالتزامن مع ظهور تطبيقات مختلفة تقدم ربحا ماديا مقابل الخروج في بث مباشر، فكرة استلهمها «الحديني» خلال فترة الحظر، وطورها وعكف على كتابتها لتخرج في صورة 14 حلقة مُحكمة الأحداث، متنوعة الشخصيات، مليئة بالكثير من المشاعر والأداء المتميز، يكشف كواليسها، قائلاً: «الفكرة جت لي بسرعة وبدأت أكتبها في الفترة اللي قعدنا فيها في البيت حتى القهاوي قفلت، نزلت تطبيقات لايف كتيرة عالمية، وشوفت ناس كتير جوه العالم ده».
الكتابة فترة الحظر
بدأ «محمود» يراقب الشخصيات والتنوع المتباين بينها: «فيه ناس غلبانة، وفيه ممثلين عايزين يظهروا واختاروا اللايف، وفيه ناس محتاجة فلوس، لكن السؤال المُحير، اللي بيتفرج ده.. بيتفرج ليه؟» مشيراً إلى أن العمل ناقش سلبيات هذا العالم وتأثيره في إفساد حياة البعض: «أكيد حياتهم هتكون قدامه، وفيه ناس بتتحكم في قدره ونجاحه وكأنه دمية، جوه العالم ده مفيش حقيقة ملموسة».
إمكانيات بسيطة وعمل متميز
بأقل الإمكانيات خرج هذا العمل المعروض على «اليوتيوب»، ليناقش تأثير هذا العالم الافتراضي على حياتنا وتحكمه في نفوس البعض: «حاولنا نوضح عيوبه، لكن مش بننصح بالتخلي عنه تماما».
جهد كبير شارك فيه كتيبة من الموهوبين أمام وخلف الكاميرا، تحركهم طاقة الحب، يشجعهم إيمانهم التام بالفكرة ورسائلهم النبيلة لجمهورهم من مختلف الأعمار، يحلسون بالساعات لمذاكرة الأدوار وكأنهم عادوا بالزمن إلى الوراء لتذكر سنوات دراستهم في الجامعة والتي امتدت بعد التخرج وتوجت بتكوين فرقة مسرحية أطلقوا عليها اسم 1980 وأنت طالع، ليواصلوا الإبداع بهذا العمل: «الناس تبعت جدًا وخاصة شغل الجرافيك عشان يظبط الرسايل اللي كانت بتهزر أثناء اللايف، وبالمناسبة ده شغل غالي جدًا لكن الشاب الموهوب اللي نفذه قرر يتطوع واسمه عمرو وحيد وأيضًا منفذ الموسيقى التصويرية رفيق يوسف» بحسب مخرج العمل.
رحلة العمل من أبريل 2020 لـ أبريل 2022
على مدار عامين من العمل المتقطع من كتابة لتنفيذ لاجتماعات مع الممثلين: «بدأت كتابة في أبريل 2020 والعمل اتذاع في أبريل 2022 بالصدفة» يقولها «الحديني»، معبرًا عن امتنانه لجميع صناع العمل الذين بذلوا جهدهم لخروج هذا المنتج الفني وتقديمه للجمهور بالمجان: «فيه مواهب عندها استعداد تدفع فلوس عشان يخرجوا موهبتهم والعائد المادي كده كده هييجي».
فتاة التيك توك
سالى سعيد، شاركت في المسلسل بشخصية «نودى»، فتاة «تيك توك»، تستعرض جمالها وأنوثتها أمام البث المباشر، تحاول جذب تعاطف الناس إليها بطريقة مراوغة: «اتفرجت على بنات كتيرة كانوا تريند في وقت ما، واتصدمت إن فيه كده في الحياة، ونزلت اشتريت لبس وبواريك عشان أبقى شبههم، وصورت دوري داخل اللايف في يومين».
ساعات طويلة من العمل الشاق تغلب عليها الأبطال بحبهم وإيمانهم للفكرة: «معظمنا اشتغل بدون أجر، عشان هدفنا كان نشر الفكرة أكتر من الربح من وراها»، تقولها «سالى»، مشيرة إلى أن الفريق خاض بروفات قراءة كثيرة، حتى تمكن من العيش داخل الشخصيات.
لعبت «سالي» أيضًا دورًا آخر في العمل كمنتج فني، مشيرة إلى أنها من قامت بكتابة جميع الرسائل التي ظهرت عبر البث المباشر للشخصيات: «ألفت كل الرسايل وكانت حاجة صعبة طبعًا ولكن كلنا كنا شغالين بحب»، لافتة إلى أن دور الشخصية التي قدمتها كان بعيدًا تمامًا عنها، لكونها فتاة شريرة تبحث عن تحقيق الربح المادي فقط: «البنت كانت طماعة وغير محبوبة كان صعب عليا أجسد دورها وأخلي الناس تكرهها بس حصل الحمد لله».
شخصية المراقب
مي صلاح، لعبت دور «بسمة» المراقبة لشخصية «عادل» الذي كان بمثابة المرآة لها: «طول الوقت كانت شايفة نفسها فيه، واستمتعت بالمشاركة في العمل جدا وعشت جوة الشخصية لأنها فيها جزء مني، أدعو الناس لمشاهدة المسلسل لأننا تعبنا فيه أوي لحد ما طلع بالصورة دي».
تحكى «مي» أن هناك حالة تناغم بين معظم الممثلين، لكونهم أصدقاء من فترة الجامعة ولا تزال علاقتهم قوية ببعضهم، مؤكدة أن ذلك كان سبب موافقتها على المشاركة في العمل رغم عندم استعدادها في البداية بسبب رعاية رضيعها، لكنها انجذبت إلى الشخصية وبدأت تجهز نفسها لتجسديها: «عملنا بروفات قراية وبدأنا نصور مشاهد اللايف وبعدين المراقبين» موضحة أن الشخصية تشبهها في بعض الظروف مثل وفاة والدها في سن مبكر وهدوئها: «كانت قريبة من قلبي».