علاقات و مجتمع
كان يقف مترقبا دخولها، فاليوم يحقق نبوءة والدته التي حلمت بها وتمنتها منذ سنوات، لم تكن رحلتها للحج رحلة عادية، لكن صوت نجلها سيظل ملازما أذنيها طوال الرحلة وهو يردد (نداء لركاب الطائرة).
مشهد مزج بين المفاجأة والعرفان بالجميل، إذ جمع القدر الطيار عبدالله بهي، قائد الطائرة بوالدته، بعدما حاول رسم السعادة على وجهها بمساعدة طاقم الطائرة، لتتفاجئ به الأم فور وصولها على متن القاهرة: «علامات من الدهشة والتعجب على وجه الأم وكأنها تحصد نتيجة تعبها وانتظار تحقيق حلم نجلها، في مقطع لم يتخطى الثلاث دقائق: «الموضوع كان مفاجأة لوالدتي، حاولت أسعدها وبلغتها إني للأسف مش هقدر ألازمها الرحلة وهكون مسافر، وفي الوقت ده كنت بحضر لها المفاجأة دي».
تحضيرات كبيرة سبقت هذا المقطع، أكد الطيار لـ«هن»، أنه حاول إتمامها على أكمل وجه بدون معرفة أحد من العائلة: «ولا أحد من العائلة كان يعرف نهائي، وبمجرد ما شافتني، كان في سعادة وفرحة لتحقيق حلمها أن إحنا نبقى على طيارة واحدة، وكلمتني بعدها قالتلي انها كانت فخورا بيا وسعيدة جداً».
أقل حاجة أقدمها للشخص اللي آمن بحلمي
سنوات بعيدة لم يحلم «عبدالله» سوى بالعمل بـ الطيران، فكانت والدته أول من آمن بحلمه، ليجد أن اليوم هو فرصة للعرفان بالجميل خاصة أن والدته ذهبت لأداء فريضة الحج وحدها دون والده: «أنا قررت إني عايز أبقى طيار وأنا عندي 12 سنة ووالدي هو اللي عمل كل حاجة وتعب وجداً لحد ما قدر يخليني أوصل لحلمي، ولكن ماما كانت الوحيدة اللي واثقة فيا إني هوصل لحلمي، ودائما تحلم باليوم ده، ودي كانت أقل حاجة أقدمها لها».
كواليس نشأة الطيار.. تربى على الأدب والباليه وقضى أوقاته بالمصانع
التربية على الأدب الإنجليزي والباليه والقصص والشعر لم تتعارض قط على تحمل المسؤولية والعمل في العطلات، هكذا كانت كواليس نشأة «عبدالله باهي»، بحسب ما ذكرت شقيقته «جهاد»: «أمي ربتنا على بيتهوفين والأدب الإنجليزي والشعر والباليه دورها مكنش بس مجرد أم بتراعي اولادها هي ربت فينا عالم مفتوح من الثقافات والمعلومات والقراءة والأفكار المختلفة، وعلى الجانب التاني بابا ربنا يديله الصحة والعافية هو عمود البيت والعقل والحكمة، محب للعمل والاجتهاد، اهتم بتعليمنا أكتر من لعبة رياضية وحققنا فيها نجاحات وكان بيخلينا نشتغل في الصيف في أي مكان عشان نتعلم ومنضيعش وقتنا».
وتابعت «كانت خروجتنا وإحنا صغيرين للمصانع عشان نعرف إيه هي مراحل الإنتاج ودار الأوبرا عشان نشارك فى المعارض الدولية للفنون».
حكاية نبوءة تحققت لوالدة الطيار قبل مفاجأة الحج.. ظل ابنها عاطلا 10 سنوات
السفر على متن طائرة واحدة رفقة ابنها كان حلم السيدة، التي تنبأت به بعدما مر نجلها بأزمة تسببت في عدم إيجاد عمل لـ10 سنوات: «عبدالله كان ليه حلم من صغره أنه يكون طيار وبابا وعده إنه لو اجتهد في ثانوي هيدخل كلية الطيران، وفعلا حصل، لكن جت أحداث 25 يناير ومكنش فيه أي شغل فبابا وقف جنبه 10 سنين من المحاولات لغاية لما اتعين، وعبدالله اشتغل قبل الطيران حاجات كتير وقال مش هقعد في البيت استنى الفرصة وكان بيشتغل وبيذاكر طيران عشان مينساش حلمه».
دور لم ينسه الطيار لوالدته في الأزمة سردته شقيقته: «ماما هي الدعم النفسي والحب والعطاء اللي بدون مقابل، كانت بتشجعه وتدفعه لقدام، وطول ما عبدالله فى أزمته الـ 10 سنين اللي حاول فيهم كانت دايما بتقوله هيجي اليوم اللي هركب فيه الطيارة وهسمعك بتقول معكم كابتن الرحلة عبدالله بهي الدين ومش هبقى عاوزة حاجة تاني من الدنيا».
الحج مكافأة لماما
زيارة بيت الله الحرام هي مكافأة الزوج للأم التي كرست حياتها له ولأولادهم الثلاث: «والدي جيه في يوم قال لماما الولاد كبرو واطمنا عليهم، جيه دورك اني تتكافئي وتسافري تحجي، لأن بابا حج قبل كدة زمان مع جدتي، الأول ماما رفضت عشان التكلفة لكن بابا أقنعها وسافرت فعلا وتحقق حلمها ونبوءتها».