علاقات و مجتمع
سيدة الشاشة العربية التي استطاعت أن تحافظ على موهبتها التي منحها الله لها وتنميها؛ هي الفنانة والنجمة فاتن حمامة التي كانت لديها ثقافة عميقة وإرادة قوية، في الحفاظ على موهبتها، ويمثل مشوارها الفني الطويل لأكثر من ستين عامًا مواقف غنية ولقطات إنسانية، وعائلتها التي كانت تزخر لها الكثير من الحب، وهذا ما نلقي الضوء عليه اليوم في ذكرى وفاتها التي تحل 17 يناير من كل عام.
ذُكر في كتاب «فاتن حمامة»، التي أوصت به سيدة الشاشة العربية فاتن حمامة؛ كما بلغت منى ذو الفقار ابنتها والصديقة المقرَّبة لها، وزوجها ورفيق عمرها الدكتور محمد عبد الوهَّاب والصحفية والكاتبة زينب عبد الرازق، وفي حوارات أجرتها معها عبر أكثر من عشرين سنة، نلقي الضوء على أسرتها التي أوصت الكاتبة زينب بإعادة نشر الحوارات ضمن كتاب أعدته بعد رحيلها في عام 2015.
رجال في حياة فاتن حمامة
يحكي والدها الفنان أحمد حمامة، عن ذكريات الطفولة الطريفة عن فاتن، قال «أحد الزملاء كان أستاذًا للغة الإنجليزية وتقدم لطلب يد فاتن مني، وقبلتْ مبدأ خطبتها له ولكن اشترطت أن يؤجل كل شيء حتى تبلغ فاتن السادسة عشْرة وكانت أيامها في الثالثة عشرة، ولكن الزميل المدرس أصر على أن يتم الزواج فورًا؛ لأنه سيسافر في بعثة دراسية إلى لندن ويريد أن يأخذها معه، ورفضت برغم أنه وسط بعض الأصدقاء الذين أحتفظ لهم بمكانة طيبة في نفسي، وسافر وحده وقضى أربع سنوات عاد بعدها وأصبح أحد كبار رجال التعليم، وكثيرًا ما تجمع المصادفة بيني وبينه ونضحك عندما نستعيد تقدمه لخطبة فاتن».
تزوجت فاتن حمامة من الفنان عز الدين ذو الفقار في أبريل 1948 وأنجبت نادية، وتزوجت عمر الشريف عام 1955 وأنجبت طارق، ثم توجت زيجاتها بزواجها من الدكتور محمد عبد الوهاب أستاذ الأشعة بكلية طب القصر العيني في 1975 وعاشت معه حتى وفاتها عام 2015، والذي قال في حواره مع الإعلامية لميس الحديدي في برنامجها، بعد رحيل الفنانة فاتن حمامة، إنه لا يستطيع أن يتحدث عن فاتن حمامة بضمير الغائب بعد رحيلها، وأنه يفتقد جلسته معها في الصباح والفطور معها، ويفتقد حنانها وتفاهمها وعطفها.
فاتن حمامة الأم
وتذكر الصحفية، أن فاتن كانت دائمًا قلقة على «طارق ونادية»، وكانت دائمًا تفكر أن طارق لا بد من أن ينجح في حياته العملية والخاصة، وتذكُر أنها كانت تحارب فكرة ركوبه الموتوسيكل لخوفها الشديد عليه، وفي إحدى السنوات اشترى طارق موتوسيكلًا، وأخفى الأمر عنها، وعندما علمت غضبت غضبًا شديدًا، ولم تقسُ عليه لأنها تحبه، وكانت أيضًا قلقة على نادية وتريد لها أن تعيش حياة سعيدة.
حبها للسينما وموضع حب العائلة
قال الفنان أحمد حمامة إنها كانت لامعة الذكاء منذ طفولتها فكانت أذكى طفلة في العائلة حتى إن والدتها كانت تخشى عليها من الحسد، فعندما كانت فاتن في السادسة من عمرها كانت موضع حب الأسرة جميعًا، وحبها للسينما ظهر من وهي صغيرة فعندما كانت تعود من السينما كانت تجلس لتروي قصة الفيلم الذي شاهدته بتسلسل عجيب، ولم يكن يفوتها مشهد واحد، ثم تعقب تلخيصها للقصة بأسئلة عن الهدف الذي ترمي إليه وأول الدروس معرفة نواحي القوة والضعف في كل فيلم.
حديث زوجها محمد عبد الوهاب
عندما سألته الصحفية زينب عبد الرازق، ما أكثر شيء تمتاز به فاتن، قال «كانت تتعامل مع الأزمات والمواقف الصعبة بتناقضات كثيرة من البساطة والطيبة ولكنْ لديها حزم في وقت اللزوم، إذا مرت بموقف أو شيء غير واضح فلابد أن تبحث عن تفاصيله وحقيقته حتى تستطيع اتخاذ قرار سليم، وبرغم بساطتها هي حازمة، وبرغم ضعفها هي قوية عند اللزوم ورقيقة ولكنها شديدة عندما يتطلب الأمر».
كانت فاتن شخصية تجمع بين الصفتين العقلانية والعاطفية، وتتعامل بهما كما تغرض الظروف، وكانت تقدس العقل وتتصرف بعقلانية في كل ما هو جاد وهام، وهي عاطفية في الظروف والمواقف الإنسانية، من حب وحنان وعطف ووفاء وإحسان، والرومانسية مكون أساسي في شخصيتها وفي نفس الوقت لا تفقد أبدًا الحكمة والعقلانية في تصرفاتها، ودائمًا الكلمة الحلوة تسعدها وتأسرها والمعنى الراقي في اللفظ والكلمة يبهجها، كما أنها كانت تمتاز بالذكاء والفطنة.
