قالت إيزيس سيد القمنى إنها تعمل حالياً على دراسة عدد من العروض لنشر تراث والدها الفكرى على أوسع نطاق. وأضافت فى حوارها لـ«الوطن، بمناسبة الذكرى الأولى لرحيل المفكر الكبير، إنه منذ رحيله تعرضت أسرته للكثير من المواقف المتناقضة، منها هجوم شديد ومتواصل على والدها وأفكاره، ومنها دعم كبير من كثيرين من مؤيدين لأفكاره من داخل مصر وخارجها.. وإلى نص الحوار:
الهجوم على والدي
أبرز المهاجمين والشامتين كانوا من التيارات الإسلامية المتشددة، وأيضاً فوجئت بمهاجمين من المسيحيين المتشددين، والصدمة أننى وجدت مهاجمين من العلمانيين الذين اختلف معهم أبى فى حياته، وكأنهم وجدوا فى رحيله فرصة لتصفية الحسابات، وفى البداية كنت أنفعل وأرد.
كيف تُحيى أسرة الدكتور سيد القمنى ذكرى رحيله الأولى؟
– شعورى بوالدى لم يتغير منذ رحيله، وهو أننى أشعر بوجوده معى، وأنه لم يرحل، بل أعيش على حضوره الدائم معى، أما إحياء الذكرى وغير ذلك، فهى مبادرة من الأصدقاء والمحبين لتنظيم ندوة للحديث عنه وعن أفكاره التنويرية.
وما الطريقة الأفضل برأيك لإحياء ذكرى «القمنى»؟
– اسم سيد القمنى سيبقى مقترناً ببقاء أفكاره وما قدمه من أطروحات فلسفية وعلمية أثرَت المكتبة العربية، وبابا طوال مسيرته وعمره لم يكن له مهمة غير الكتابة والنقد والتحليل من أجل توعية الناس، ليعيدوا التفكير فى ميراثهم الفكرى المغلوط والمكذوب.
لماذا تتصدرين بمفردك مشهد الحديث عن «القمنى» من بين أشقائك؟
– أشقائى يخجلون من التصدى للأحاديث العامة فى العموم، وأنا لا أسعى إلى تصدر المشهد، وأعتقد أن اسم بابا لا يحتاج لذلك ولا يحتاجنى أنا، وأفكاره وكتبه ستنتشر ليس لأننى أنا من ينشرها، ولكن لأنها جديرة بالنشر، حتى بعد مئات السنين من رحيل صاحبها، يعنى دورى الحالى مجرد وسيط مؤقت.
حزني على رحيل والدي أكبر من التفرغ للرد على أي صغائر تطال سيرته
وما الدور الذى تقومين به حالياً فى نشر تراث «القمنى»؟
– تتم دراسة عدد من عروض إعادة نشر أعمال والدى ورقياً وتوزيعها، خاصة أن أغلبها نفد من أرفف المكتبات، وسنعلن قريباً عن تفاصيل أكثر فى هذا الشأن، كما استكملت مؤسسة هنداوى الثقافية نشر أغلب أعمال والدى إلكترونياً بصيغة الـ«pdf»، وهى متاحة مجاناً للقراء حول العالم. كما يجرى دراسة مشروع لترجمة أعمال والدى إلى اللغة الفرنسية، لكن مشروع الترجمة مكلف، وأنا أقوم بهذه المساعى بجهد فردى، فلم يترك لنا «القمنى» ميراثاً مادياً ضخماً، لكن ترك ما هو أهم، وهى خلاصة أفكاره الموجودة فى كتبه.
حزنى على رحيل والدى أكبر من التفرغ للرد على أى صغائر تطال سيرته
تصدرت معركة الحديث باسم «القمنى» ضد معارضيه أيضاً.. ماذا عن ذلك؟
– أنا كنت الأقرب إلى والدى أيضاً، ووصلتنى رسائل تهديد وتعرضت للتشويه، ومحاولات النيل من اسم والدى، لكن انشغالى بحزنى على والدى ما زال أكبر من التفرغ للرد على أى صغائر.
وماذا عن محبى وتلاميذ الدكتور القمنى؟
– تلقيت فى مقابل الهجوم على والدى دعماً كبيراً وغير متوقع من أناس ليس بيننا وبينهم سابق معرفة من مصر وخارجها، يعبرون عن استعدادهم لتقديم أى مساعدة، والكثير من تلاميذه فى دول مختلفة أرسلوا لى كتابات عن ذكرياتهم معه، وأبرز ما تعلموه على يديه، كما تلقيت مبادرات تطوعية بترجمة بعض أعمال والدى من قِبل مترجمة تونسية، وأخرى من مترجم آخر إلى اللغة الكردية، كما أعلن بعض الباحثين عمل دراسات علمية على المنجز الفكرى لسيد القمنى، وهذا أفضل ما يمكن أن يقدمه أى محب للقمنى بنشر كلماته بأى شكل، ولدينا حالياً موقع باسمه، فنحن كأسرة القمنى لا نسعى وراء التربح المادى من اسمه لكن إلى نشر تراثه، ولو كنا نفكر فى الانتفاع من اسمه لصرنا مليونيرات. ونحن تربينا على هذه التقاليد، فقد رأينا والدى يعيش بهذه المفاهيم، والماديات ليست هى الهدف، ما كان يعمل ويفكر فيه «القمنى» البحث والعمل الفكرى ليس إلا.
لماذا اعتزل الدكتور سيد القمنى الحياة العامة فى السنوات الأخيرة؟
– لقد أُجبر على عدم الظهور، وابتعد الإعلام المصرى أيضاً عن استضافته عمداً، لكنه كانت تتم استضافته فى القنوات العربية، وهو كان لديه إحساس بأنه قدم كل ما عنده، وكان لديه إحساس ما بالضيق من هدر حقه فى فكرة مشروع «جبل التجلى» الذى اقترحه أكثر من مرة على شاشات التليفزيون، ولم تتم الإشارة إلى اسم القمنى عند تنفيذ المشروع، ولدينا فيديوهات من البرامج التى اقترح بها الاستفادة من الثقافة الشرقية التى تقول إن الله تجلى للنبى موسى على الجبل فى سيناء، وقتها بابا كان يعد كتابه عن النبى موسى، وسافر إلى سيناء ورأى حالة الجبل المشار إليه، فاقترح عبر برامج التليفزيون أن تستفيد الحكومة سياحياً واقتصادياً وتستثمر هذا الموروث الثقافى السائد، وتحويل المكان إلى مزار سياحى لكل الأديان، ومن ثَم تحقيق دخل مادى جيد للبلد.
ألا يتناقض ذلك مع فكر «القمنى» العلمانى بأن يستند مشروعه على تراث دينى؟
– هو طرح الموضوع من وجهة نظر ثقافية على المسئولين لتوظيفه لصالح البلد، ولا يعنى ذلك اعتناقه هذه الأفكار بالضرورة.