تستهدف الدولة عقد سلسلة من المؤتمرات لمناقشة قضايا وملفات مهمة للاقتصاد المصري بهدف الخروج بتوصيات والوقوف على ما تم إنجازه وتحقيقه على مدار السنوات الماضية وما يجب فعله خلال المرحلة الحالية، بعد دعوة الرئيس عبد الفتاح السيسي وتوجيهه لرئيس مجلس الوزراء الدكتور مصطفى مدبولي.
«الوطن» حاورت الدكتور عبد المنعم السيد رئيس مركز القاهرة للدراسات الاقتصادية والاستراتيجية، بشأن الوضع الحالي للاقتصاد المصري والتحديات العالمية، والفرص المتوقعة، علاوة على حجم الإنجازات التي أحرزتها الدولة على صعيد العديد من الملفات والقطاعات.. وإلى نص الحوار
«السيد»: وضع رؤية متكاملة للتحديات.. هدف الدعوة لعقد مؤتمر اقتصادي
– من وجهة نظرك ماذا تستهدف الدولة من المؤتمرات الاقتصادية، خاصة المؤتمر الذي نادى به الرئيس عبد الفتاح السيسي مؤخراً؟
ترجع أهمية الدعوة لعقد مؤتمر اقتصادي من قبل الرئيس عبد الفتاح السيسي، وبحضور الوزراء والجهات المعنية والخبراء الاقتصاديين، إلى وضع رؤية استراتيجية متكاملة للتحديات والمعوقات الحالية، ومناقشة أنسب الحلول من الخبراء والمعنيين بتلك القضايا والملفات من مسؤولين تنفيذيين ومستشارين وغيرهم.
ويجب على القائمين على أعمال هذا المؤتمر أن تشمل أجندته أبرز القضايا التي تمس حياة المواطن بشكل مباشر مع استعراض الحلول والخروج بتوصيات قابلة للتفعيل.
– إذا كنت ممثلاً لإحدى الجهات المخول لها صنع القرار في الدولة، ما هي أبرز الملفات التي تقترح مناقشتها خلال هذا المؤتمر؟
بداية، يُعد المؤتمر خطوة جيدة وفرصة لتحليل المشهد والوضع الاقتصادي والسياسات النقدية والمالية التي اتبعتها مصر خلال الفترات الماضية وتقييم تجربة الإصلاح الاقتصادي الذي بدأته الدولة منذ 2016، بجانب الإجراءات والمبادرات التي اتخذت خلال أزمات كورونا والحرب الروسية.
فيما يجب أن يتضمن المؤتمر الاقتصادي رؤية المختصين وخبراء الاقتصاد في التحديات التي يواجهها الاقتصاد المصري سواء على الصعيد الخارجي أو الداخلي، لذلك أقترح أن تتصدر بعض الملفات أجندة المؤتمر، وهي 7 ملفات، «توطين الصناعة والتكنولوجيا»، و«الاستثمار المباشر»، و«تفعيل دور البورصة المصرية كأداة تمويل»، و«تنشيط السياحة»، و«زيادة حصة مصر من الصادرات»، و«دعم المشروعات الصغيرة والمتوسطة»، و«دمج الاقتصاد غير الرسمي».
– ما أبرز تلك الملفات التي اخترتها تقترح مناقشته أولاً، مع توضيح الأسباب لاقتراحك تصدره؟
اقترح أن يتصدر ملف الصناعة وتوطين التكنولوجيا أجندة المؤتمر، نظراً للدور الحيوي الذي تلعبه الصناعة فهي عصب أي اقتصاد متقدم، فعلى الدولة أن تستهدف رفع مساهمة القطاع من إجمالي الناتج المحلي البالغة 18% فقط حتى الآن، بجانب دورها في زيادة حصيلة النقد الأجنبي، وبالتالي لا بد من إيجاد حلول لدعم القطاع وعملية التصنيع ككل والمنتج المصري، وتوفير الأراضي للمصانع والتراخيص والتمويلات اللازمة لزيادة الإنتاجية وتوفير مناخ جيد للاستثمار وتحقيق التنافسية الكاملة.
ونظراً لأهمية ملف الاستثمار المباشر، لا بد من اتخاذ إجراءات وإصدار تشريعات تساهم في جذب رؤوس الأموال الأجنبية لإقامة مشروعات في مصر، وبالتالي توفير فرص العمل للشباب وارتفاع متوسط الدخل للأفراد وزيادة الإنتاج، وذلك كله يحتاج لمناخ جيد من بنية تحتية قوية وتشريعات تكفل للمستثمرين حقوقهم وتسهيل الإجراءات، بجانب التحفيزات الضريبية وغير الضريبية.
– ولماذا «البورصة المصرية» ضمن الملفات التي اقترحتها؟
لا يغفل أحد المتخصصين أهمية البورصة المصرية للاقتصاد المصري وضرورة عودتها لقوتها لتؤدي الدور الأهم، وهو توفير آلية للتمويل غير المصرفي وجذب شركات جديدة للقيد، ما يستدعي تفعيل برنامج الطروحات الحكومية وإعطاء المستثمرين محفزات لقيد شركاتهم.
– دوماً نسمع من الخبراء أهمية السياحة وكونها أحد أكبر مصادر النقد الأجنبي لمصر، كيف تراها أنت في ظل أزمات متعاقبة؟
لا يزال تنشيط السياحة من الركائز الأساسية اللازمة لزيادة حصيلة مصر من العملة الصعبة، خاصةً مع توافر المقومات لتوفير استثمارات مربحة بالقطاع والتوسع في الأعمال القائمة، كما تنشط السياحة العديد من الصناعات والأنشطة الخدمية والتجارية مثل البازارات والفنادق وقطاع النقل وغيرها، وبالتالي تحريك عجلة الاقتصاد وتوفير فرص العمل.
وبالفعل، تأثر قطاع السياحة بالأحداث الداخلية والأزمات العالمية، مثل الحرب الأوكرانية الأخيرة التي تسببت في حجب الأفواج السياحية الوافدة من تلك البلاد، والبالغ عددهم 4,5 مليون سائح سنوياً، أي ما يعادل 38% من الإجمالي.
-وماذا عن التصدير؟
التصنيع مقترن دوما بالتصدير، والعكس صحيح وكلاهما وجهان لعملة واحدة، وكما أشرت من أهمية لملف توطين الصناعة، فتباعا أؤكد على أهمية ملف الصادرات للاقتصاد المصري.
كما أنه كلما زادت صادراتنا كلما قل الاستيراد وبالتالي حل مشكلة عجز الميزان التجاري، ولن يتم ذلك إلا من خلال توطين الصناعة في مصر.
-وماذا عن دور الدولة في ملف حيوي، كالصادرات؟
دور الدولة لا يغفل على أحد ولا يمكن إنكاره على مدار السنوات الـ8 الماضية، فقد قامت بخطوات غير مسبوقة لزيادة حصتها من الصادرات، لتسجل الصادرات غير النفطية ما يزيد عن 32,5 مليار دولار بنهاية 2021، مع استهداف الدولة ووضعها خطة للوصول بحجم الصادرات إلى 100 مليار دولار عبر فتح أسواق جديدة خاصة في أفريقيا والاهتمام بالصادرات الزراعية والمحاصيل النقدية ودعم المصدرين بحوافز وبرامج.
-يردد الخبراء والمتخصصون في الآونة الأخيرة بشكل كبير أهمية المشروعات الصغيرة والمتوسطة ومتناهية الصغر، لكن لم يحدثنا أحد عما يمكن أن تضيفه للاقتصاد؟
يعد ملف المشروعات الصغيرة والمتوسطة ومتناهية الصغر «قاطرة النمو» بحق للاقتصاد المصري، كما يعد أحد أهم الملفات التي يمكن أن تساهم بشكل كبير في الحد من الواردات وتوفير المنتجات للسوق المحلية وعدم الاعتماد على الخارج في سد احتياجاتنا من السلع الأساسية.
كما أن هناك أكثر من 120 بندا من الواردات يسهل الاستغناء عنها من خلال إقامة المشروعات الصغيرة والمتوسطة ومتناهية الصغر، ودعم المشروعات القائمة التابعة لهذا القطاع والتوسع فيها، وتوفير بيئة تشريعية ومناخ جيد للاستثمارات برؤوس أموال صغيرة بدعم من الدولة بأجهزتها المختلفة، وهناك قانون 152 لعام 2020 الخاص بالإطار التشريعي لعمل المشروعات الصغيرة والمتوسطة.
-«دمج الاقتصاد غير الرسمي بالاقتصاد الرسمي».. ما هو العائد على الدولة والمواطن من التأكيد الدائم على هذا الملف؟
الدولة أعلنت عن خطتها لدمج الاقتصاد غير الرسمي منذ سنوات تزامنا مع خطتها للتحول الرقمي وتحقيق أهداف الشمول المالي 2030 وجميعها أهداف معلنة في إطار أجندتها الإنمائية، فأهمية تناول هذا الملف تنبثق في الأساس من تداخله مع ملفات أخرى لا تقل أهمية.
وخطة الدولة لدمج الاقتصاد غير الرسمي من الأهمية بمكان لزيادة إيراداتها العامة وحصيلتها الضريبية التي يتم توجيهها للإنفاق على الخدمات الصحية والتعليمية وغيرها، بجانب دورها في مكافحة الأنشطة غير المشروعة عبر إغلاق قنواتها التمويلية غير الرسمية.