يمشي منهكًا بجوار طفلة صغيرة وبعض أفراد أسرتها، بعدما ترك سهرته يوم الإجازة مع أصدقائه وقطع مسافة طويلة من القاهرة إلى الفيوم في الثالثة فجرًا، تلبيةً لاستغاثة أسرة طفلة صغيرة تعثرت وسقطت على فمها لتتكسر أسنانها ويتشوّه شكل وجهها، رافضًا التخلي عنها، ذلك المشهد الذي جسده مقطع فيديو لا تتعدى مدته ثوانٍ معدودة وأصبح حديث أهالي محافظة الفيوم بالكامل.
وسرعان ما انتشر الفيديو على مختلف الصفحات والمجموعات عبر موقع التواصل الاجتماعي “فيسبوك”، فيما أطلق الأهالي لقب «طبيب الغلابة» على طبيب أسنان رفض أن يخذل طفلة، فما الحكاية.
فيديو يرصد حكاية طبيب الغلابة
بدأت القصة بانتشار فيديو الطبيب يسير في مدخل العمارة برفقة طفلة وأسرتها ليصعد إلى عيادته فجرًا، بعدما نشره شخصًا يدعى أحمد القرني، قائلًا: «الفيديو ده توثيق لمشهد بقى مش موجود في الوقت الحالي».
وسرعان ما انتشر الفيديو بصورة كبيرة بين أهالي محافظة الفيوم الذين أكدوا استحقاق الطبيب للقب «طبيب الغلابة» خصوصًا أنّه حريص على عدم رفع سعر الكشف الذي لا يتجاوز 50 جنيهًا يدفعها المريض مرة واحدة مدى الحياة.
ترك عشاءه وسافر لإنقاذ طفلة
وقال أحمد القرني في تصريحات خاصة لـ«الوطن»، أنّه كان يرافق الدكتور محمد أشرف أبو العلا في سفره إلى محافظة القاهرة لحضور حفل زفاف، ثم ذهبوا لتناول العشاء، وفوجئوا باتصال هاتفي من ولي أمر يستغيث بالطبيب لإصلاح أسنان ابنته التي انكسرت إثر سقوطها، فهرع على الفور ليسافر من القاهرة إلى عيادته بمحافظة الفيوم في الثالثة والنصف فجرًا.
رفض الحصول على أموال زائدة
وقال محمد والد الطفلة في تصريحات خاصة لـ«الوطن» أنّ ابنته تعثرت وسقطت على وجهها، وفوجئوا بتكسير أسنانها التي تراشق البعض منها في شفاهها ولم يجدوا طوارئ أسنان وكانت ابنته تبكي من الألم والصدمة بسبب وجهها الذي تشوّه.
وبيّنّ أنّ أحد الأشخاص أعطاهم أحد الأشخاص رقم دكتور يدعى محمد أشرف طبيب أسنان وأخبرهم بأنّه لا يتأخر أبدًا عن المرضى، واستغاثوا به فجرًا واستجاب لهم على الفور رغم تواجده خارج المحافظة، فانتظروه أمام عيادته حتى وصل خلال وقتٍ قليل يؤكد أنّه جاء بأسرع ما يمكنه، مؤكدًا على أنّ الطبيب الرحيم رفض الحصول على أجر مضاعف عن تكلفة الكشف العادية بسبب قدومه من القاهرة فجرًا.
وشدد على أنّ الدكتور محمد يستحق لقب طبيب الغلابة بسبب رحمته بابنته وبها وأيضًا لعدم استغلاله الموقف وحصوله على مبلغ مقابل حضوره في هذا التوقيت المتأخر من الليل، بل إنّه رفض الحصول على مال نهائيًا مطالبًا منهم الاطمئنان على ابنتهم والعودة لدفع قيمة الكشف في وقتٍ لاحق، وهو ما تبينّ أنّه يفعله مع كافة حالات الطوارئ، مُتمنيًا أن يقتدي به باقي الأطباء في مختلف التخصصات.
الواجب والرحمة يأتيان في المقدمة
من ناحيته، أكدّ الدكتور محمد أشرف في تصريحات خاصة لـ«الوطن» أنّ الواجب الوظيفي، والرحمة بالطفلة وأسرتها، وعدم استغلال الظروف يأتوا في المقدمة لدى الطبيب وقبل البحث عن أرباح مالية، موضحًا أنّه لم يتأخر يومًا عن استغاثة طوارئ في أي وقت.
توفير طوارئ أسنان بالمستشفيات
وأشار إلى أنّه يحلم بتوفير طوارئ أسنان داخل المستشفيات ليتسنى لهم علاج أي حالة طوارئ قد تحدث ليلًا مثل ما حدث مع الطفلة، نظرًا لأنّ أسرة المريض أو المصاب في هذا الوقت المتأخر لا يكون أمامها الكثير من البدائل سوى المستشفيات، أو اللجوء إلى طبيب ربما يستطيعون التواصل معه وربما لا ويتعرض وقتها المصاب لمضاعفات، كما أنّه يرفض الحصول على تكلفة الكشف في هذا التوقيت نظرًا لحالة الطوارئ وخوفًا من عدم امتلاكهم المال، ومن يعد للسداد بعد ذلك يتقبله ولا يأخذ منه زيادة ومن لا يعد يحتسب ذلك المال عند الله، مؤكدًا أنّ الطب رسالة في الأساس قبل أن يكون مهنة ومصدر للدخل.