كوثر عبدالكريم- طالبة إعلام في جامعة البحرين
أجريت زينب محمد الخباز حديثًا صحفيًا بما يخص كتابها الخاص الذي تتضمن مواضيعه قصص محاربين المرض الخبيث، إذ صرحت في حديثها عن سبب حبها للكتابة بشكل خاص عند قولها:» أعبّر عن الآخرين الذين لا يملكون القدرة على التعبير عن أنفسهم».
زينب محمد الخباز البالغة من العمر 24 عامًا، كاتبة كتاب جرعات من نور، خريجة إعلام من قسم العلاقات العامة في جامعة البحرين، كاتبة ومدققة نصوص، شخصية مناضلة مفعمة بالحياة، ملهمة ومحبة للقراءة، إلى جانب أنها مهتمة بالأعمال التطوعية والمجتمعية.
ثمة علاقة نشات بيني و بين اللغة العربية
أجابت زينب في حديثها عن بداية مسيرتها ككاتبة في الحقيقة ثمة علاقة نشأت بيني وبين اللغة العربية بشكلٍ عام والكتابة بشكلٍ خاص منذ صغري، ومن المرحلة الجامعيّة كنت أعدّ بعض الاستطلاعات وأنشرها بين فترةٍ وأخرى، ومن هنا كانت نقلتي النوعية في إشباع موهبتي في الكتابة الصحفية خاصةً، كما ساهم حسابي على موقع التواصل (الانستغرام) في تشجيعي على الاستمرار، وأعتقد بأن مواقع التواصل خدمت المبدع في كل المجالات.
الكتابة تتطلب الموهبة
أظن أن الكتابة تتطلّب موهبة في المرتبة الأولى تتبعها القراءة والتمرّس في الكتابة فالاحتراف، وأجد بأنّني أحب أن أقرأ، وكما يقول توفيق الحكيم:» قيمة الكتب ليست في كمالها الفني، بل في استطاعتها أن تعيش في حياةٍ طائفة من البشر».
جرعات من نور
يمكن القول بأن كتاب جرعات من نور هو عبارة عن مجموعة جرعات حقيقيّة تمدّك بالنور في سبيل أن تتحدّى، انبثقت من رحم تجارب من امتحنهم الله في عافيتهم فكان السّرطان جهادهم، فصارت نورًا تضيء تجارب الآخرين مهما اشتدّت ظلمتها.
فكل كلمةٍ كُتِبَت فيه وُلِدَت من رحم تجربة قاسية، ثم كانت كنورٍ تضيء تجربة الآخرين مهما اشتدّت ظلمتها، فالذين امتحنهم الله يعرفون قيمة الكلمة عندما تكون دواء الألم.
ولا أخصُّ القول بأن كتاب جرعات موجّهًا لمحاربين السرطان فقط، إنما المحاربين كل المحاربين في حياتهم كلّ يوم، عنوان الكتاب هو امتداد إلى حملة (جرعات من نور) في عام 2018 لمقرر التسويق الاجتماعي عندما كنت طالبة علاقات عامة آنذاك، أردت من خلاله تغيير الصورة الذهنية لكلمة (جرعة) كونها ترتبط بعلاجات مرض السرطان الكيماوية والإشعاعية، تحديدًا عندما كنت ألحظ أنها تسكن الآخرين بالخوف، إلى معنى مغاير أكثر تفاؤلًا وإيجابية.
سبب نشري للكتاب دكتور في جامعة البحرين
وضحت زينب مسيرة إنشاء وإصدار الكتاب، حيث أفادت أن وراء هذه الرغبة الملحة في إصداره كان بسبب تشجيع دكتور في جامعة البحرين وقالت في حديثها هذا: في بادئ الأمر كان كتاب جرعات من نور استطلاعًا صحفيًا بعنوان (أبطالٌ قهروا «المرض الخبيث» بالإرادة والعزيمة)، رغبت عن طريقه في تقديم استطلاعًا صحفيًا مختلفًا عن زملائي الطلاب، وقد لقى من الإعجاب والانتشار ما يفوق تصوّري.
إلى أن قررتُ أن أحوّله إلى كتاب بفضل فكرةٍ جاء بها د. عدنان بومطيع – أستاذ مساعد في قسم الإعلام جامعة البحرين، فكنت أبحث عن المحاربين في كل مكان وأطلب مقابلتهم وأسمع منهم قصصهم ومن ثم أدوّنها، وهذا ما كان عقلي مشغولًا به طوال فترة دراستي ، كان الدافع الأول لكتاب جرعات من نور هو إيمان د. عدنان بومطيع بالفكرة أولًا و الهدف الأساسي من الكتاب ربما يكون الجواب هو الفكرة التي نشأ من أجلها الكتاب وهي تعزيز أهمية الدعم النفسي لمرضى السرطان، وبث روح الأمل والتفاؤل والثقة بإمكانية الشفاء من مرض السرطان.
بدأت في كتاب جرعات من عام 2018، وتم الانتهاء منه وإصداره في عام 2021، وعندما نشرته كنت أرى كل مشاعر الفرح والفخر والإعتزاز بنجاحاتي الصغيرة التي سبقت الكتاب وصولًا إلى إصداره، في عين أمي، وأحاديث أخوتي.
أما عن ردة فعل والدي حين رأى الكتاب بين يديه، قال متسائلًا بنبرةٍ تعلوها الفخر: (يعني الحين كل الناس تجوف اسمش على الكتاب؟). إذ يتوفر كتاب جرعات من نور في مكتبة الكشكول- الجنبية، دار ومكتبة رؤى- مجمع الهاشمي في جد حفص، المكتبة الوطنية- شارع المعارض، دار فراديس ومكتبة الوقت.
من سلك طريقًا يلتمس فيه علما
كما قالت زينب عن سبب هروبها لعالم الكتابة دون غيره من العوالم بشكل خاص..
عندما كنت أكتب، كنت أعبّر عن الآخرين الذين لا يملكون القدرة على التعبير عن أنفسهم، وفي الوقت نفسه كنت الإنسان الذي يروي قصته، فكنت أكتب بلسان المحاربين وصوتهم، وهذا مهم جدًا للكاتب بأن ينقل الواقع بشكله الصحيح إذ يمكن القول بأن إصدار كتاب جرعات من نور هو البداية لما هو آتٍ، كما واجهت بعض الصعوبات التي قد تكمن في إيصال المشاعر ذاتها التي سمعها الكاتب إلى القارئ، فكنت أقلق ما إذا القارئ سوف يقرأ الكتاب بالشكل الذي سمعته بكل مشاعر الحزن والألم، الرغبة في التحدي والمواجهة، ومن ثم الانتصار.
حافة الموت
الأحاسيس كانت في حالة فيضان عندما قامت زينب بتدوين كل هذه القصص إذ قامت بوصف مشاعرها على هذا النحو، عندما كنت أعود من مقابلة أحدهم كنت أشعر بحزنٍ شديد وليالٍ طويلة كنت لا أستطيع النوم فيها، كما وصاحبني ألم الصداع لفترةٍ طويلة نتيجة التفكير المستمر والتساؤلات العديدة، فأن تحادث شخصًا وصل به الأمر إلى حافة الموت شعور لا يمكن وصفه إطلاقًا.
ولا أبالغ في القول بأنّه إلى اليوم لا أزال أتذكر صوتهم يرن في أذني، وصورهم لم تغب عن ذاكرتي.
و قالت زينب انك حين تخرج من العاصفة لن تعود الشخص نفسه الذي دخلها، ولهذا السبب وحدة كانت العاصفة.
كلّ الذين عانوا ما عانوه التفتوا في نهاية الأمر إلى أن المرض جاء ليغيّر شخصيتهم إلى الأفضل، ليجعل منهم نسخةً أقوى، ليخلق من ألمهم أملًا ومن ضعفهم انتصارًا.
أنا أكتب إذًا أنا انسان
«أجد أن الكتابة فعل حرية وهي تعادل حياة، ربما تلك الحياة التي افتقدها الكاتب في حياته الخاصة أو العامة، أو تلك التي تهدّمت لسببٍ ما، لذلك يستعين بالكتابة ليرمّم ما تهدم منها أو ليتعايش مع جرح أو حتى ليستعيد حريته، وأعتقد أن الأسلوب البسيط هو ما كان له دورًا في جذب القرّاء إلى كتاب جرعات من نور، والذي أردت الإشارة من خلاله إلى أن لغة الكتّاب سهلة وغير معقدة، كما أنها متاحة للفهم من الجميع دون استثناء.
فكتاب جرعات من نور ليس كتابًا أدبيًا من العيار الثقيل، بل إنّه كتاب واقعي من العيار الثقيل والثقيل جدًا، يستطيع التأثيرعن طريق الأسلوب البسيط.
و نصيحتي للمقبلين على عالم الكتابة على الجميع أن يكون جاهدًا في الارتقاء بكتاباته حتى وإن لم يدرس اللغة العربية، ومهما تطلّب الأمر الذي تريده مسافةً وجهد كن مستعدًا أن تمضي قدمًا إليه.
الكتابة ثمرة من ثمرات القراءة، إذ ليس هناك كاتب لا يمارس القراءة فالقارئ الجيد هو غالبًا كاتب جيد.