قام رئيس أوزبكستان شوكت ميرزاييف بزيارة إلى جمهورية كاراكالباكستان للتعرف على تطور المنطقة وحياة السكان فيها. ليس من قبيل المصادفة أن رئيس الدولة أولى الكثير من الاهتمام للمنطقة.
وتتمتع جمهورية كاراكالباكستان بإمكانيات تنموية هائلة – موارد طبيعية ومعدنية وزراعية كبيرة، وإمكانات عمالية، وطرق وشبكات نقل وشبكات هندسية واتصالات، وبنية تحتية صناعية، وموقع جغرافي مناسب، ومساحة كبيرة.
لكن، ومن ناحية أخرى، فإن الجمهورية في وضع بيئي صعب مرتبط ببحر آرال، إذ يتسبب تغير المناخ على نطاق عالمي في العديد من المشاكل السلبية لهذه المنطقة، فوفقا لمؤشر الجفاف التابع لبرنامج الأمم المتحدة للبيئة، يتم تصنيف معظم المنطقة على أنها منطقة قاحلة، وبالتالي فهي معرضة بشدة لتدهور الأراضي، وهذا له تأثير ضار للغاية على صحة الناس ودخولهم ومستويات معيشتهم. ويعد ذلك السبب في أن قضايا التنمية الاجتماعية والاقتصادية لجمهورية كاراكالباكستان تحظى باهتمام خاص من زعيم البلاد.
في العام الماضي، على سبيل المثال، بدأ الرئيس شوكت ميرزاييف حملته الانتخابية مع كاراكالباكستان من أجل معرفة المزيد عن الوضع في هذه المنطقة الصعبة، وخلال تلك الزيارة أمر بإيجاد أكثر من 160 ألف فرصة عمل جديدة في المنطقة من أجل حل إحدى المشاكل الرئيسية للجمهورية والمتمثلة بالبطالة، ونتيجة للوعد الذي تم التعهد به خلال تلك الزيارة، بدأت المدارس في كاراكالباكستان بتوفير غداء مجاني للطلاب في الصفوف من الأول حتى الرابع على حساب الميزانية.
وفي وقت سابق، وبتاريخ 11 نوفمبر 2020، صدر مرسوم رئاسي «بشأن تدابير التنمية الاجتماعية والاقتصادية الشاملة لجمهورية كاراكالباكستان في 2020-2023، الذي حدد مهام زيادة الإمكانات الاقتصادية للمنطقة، والتوظيف ورفاهية السكان، والاستخدام الفعال للفرص والموارد في كاراكالباكستان.
وفي هذا العام، ازداد الاهتمام بالتنمية الاجتماعية والاقتصادية لجمهورية كاراكالباكستان بشكل ملحوظ، وقبيل هذه الزيارة قامت فرق من الخبراء بزيارة المنطقة لتحليل الوضع والتعرف على المشاكل القائمة والتي على أساسها سيتم اتخاذ القرارات اللازمة، ويتم تخصيص كل منطقة في كاراكالباكستان لإحدى مناطق أوزبكستان.
وخلال هذه الرحلة التي قام بها الرئيس، ولأول مرة في التاريخ، كان جميع حكام مناطق أوزبكستان في كاراكالباكستان، الذين أتوا مع فرقهم لتطوير مشاريع محددة لدعم هذه المنطقة، على وجه الخصوص، إذ تم تخصيص مدينة موينك لمنطقة طشقند، وعاصمة كاراكالباكستان، نوكوس، إلى حكومة مدينة طشقند، والتي ستساعد في تطوير سائقي مدينة نوكوس – صناعة المواد الغذائية، صناعة مواد البناء والسياحة. كما تم وضع برنامج للتنمية الاجتماعية والاقتصادية المعقدة لشركة نوكوس عام 2022، والذي ينص على تنفيذ 10 مشاريع بقيمة مليار و361 مليون سوم مع خلق 3 آلاف فرصة عمل.
وتجدر الإشارة أيضا إلى أن حملة «ممارسة الأعمال التجارية في كاراكالباكستان» يتم تنفيذها هذا العام بنشاط في جميع مناطق أوزبكستان. في إطار هذه الشركة، تم بالفعل تطوير 264 مشروعا بقيمة إجمالية 350 مليون دولار، وفي المجموع، من المقرر إطلاق 811 مشروعا بقيمة 332.1 مليون دولار في كاراكالباكستان هذا العام، ما يوفر أكثر من 14.7 ألف فرصة عمل جديدة في المنطقة.
النمو الاقتصادي
لقد تطور الاقتصاد بشكل ديناميكي بشكل خاص في السنوات الأخيرة، فارتفع الناتج المحلي الإجمالي للمنطقة (GRP) على مدى السنوات الخمس الماضية (في بداية عام 2022) بنسبة 32%، والإنتاج الصناعي – بنسبة 30.5%، وزاد الإنتاج الزراعي بنسبة 20%، وحجم خدمات السوق بنسبة 75%، وزاد الاستثمار الأجنبي بمقدار 3810.6 ملايين دولار، وزاد عدد المؤسسات العاملة بنسبة 59%، وبلغ عدد الوظائف الجديدة 127.3 ألفا.
كما تحقق تقدم ملحوظ بشكل خاص في تنمية الاقتصاد في عام 2021، عندما كان اقتصاد جمهورية كاراكالباكستان يتعافى بشكل مطرد بعد الانخفاض المرتبط بالوباء في معدلات النمو في عام 2020، ونما الناتج الإقليمي الإجمالي عام 2021 بنسبة 7.4% مقارنة بعام 2020 وبلغ حجمه 26.3 تريليون سوم، ونما نصيب الفرد فيها بنسبة 6.0% مقارنة بعام 2020 وبلغ 13.6 مليون سوم.
كذلك تطورت الصناعة بشكل ديناميكي في عام 2021 وتم إنتاج منتجات صناعية بقيمة 16621.3 مليار سوم، بزيادة 7.4% عن عام 2020، وبفضل ذلك احتلت الجمهورية المرتبة الثامنة بين مناطق الدولة من حيث النمو الصناعي. في الوقت نفسه، تم إنتاج 22.4% من الناتج الصناعي عن طريق الشركات الصغيرة وريادة الأعمال الخاصة. وفي 2021، ارتفعت حصة المنتجات النسيجية إلى 13.6% (12.6% في عام 2020)، وحصة المنتجات الكيماوية إلى 61.6% (59.8% في 2020)، بينما انخفضت حصة المواد الغذائية بشكل طفيف من خلال زيادة حصة القطاعات الأخرى إلى 14.9% (16.4% في 2020)، كما ارتفع حجم الإنتاج الصناعي للفرد بنسبة 17.3% مقارنة بعام 2020، حيث بلغ 8584.9 ألف سوم. وفقا لهذا المؤشر، تحتل المنطقة بالفعل المرتبة السادسة بين المناطق الأخرى.
قطاع الخدمات
لكن التطور الأكثر ديناميكية في كاراكالباكستان العام الماضي كان في قطاع الخدمات، الذي استحوذ على 8.3 تريليونات سوم، وهو ما يزيد بنسبة 19.3% على عام 2020. وبلغت حصة الخدمات في هيكل الناتج الإقليمي الإجمالي للمنطقة 33.6%. علاوة على ذلك، فإن نمو المجالات الفردية لقطاع الخدمات حدث بشكل غير متساو. في عام 2021 مقارنة بعام 2020، زادت خدمات التعليم بنسبة 36.3%، والخدمات المالية بنسبة 27.7%، وخدمات الرعاية الصحية بنسبة 22.5%، وخدمات النقل بنسبة 22.0%، والخدمات العقارية بنسبة 20.9%، وخدمات الإصلاح لمختلف الأجهزة الشخصية بنسبة 19.2%، والخدمات الشخصية (كوافير وصالونات تجميل) بنسبة 15.3%.
وتجدر الإشارة هنا أيضا إلى أن 43.6% من حجم الخدمات المقدمة في المنطقة في 2021 كانت حصة نوكوس، ولكن مع ذلك نما معدل نمو مجال الخدمات بسرعة في عدد من المناطق. وهكذا، في مناطق تاختاكوبير، موينك، بوزاتو، وكانت النسب 123.5%، 121.1%، 129.5% على التوالي.
كما لوحظت معدلات نمو ديناميكية عام 2021 في قطاع البناء 10.5%، وتجارة التجزئة 8.8%، وإنتاج السلع الاستهلاكية 6.1%. والزراعة، كانت أقل قليلا بنسبة 3.7% مقارنة بعام 2020، وكان حجم الإنتاج 12.3 تريليون سوم.
ونمت الاستثمارات في رأس المال الثابت بنسبة 2.1% لتصل إلى 7.9 تريليونات سوم، كما تتوسع مشاركة كاراكالباكستان في الأنشطة الاقتصادية الخارجية لأوزبكستان. وهكذا، في عام 2021، بلغ حجم التجارة الخارجية للمنطقة حوالي 657.2 مليون دولار، وحافظ الميزان التجاري للمنطقة على توازن إيجابي.
وكانت جمهورية كاراكالباكستان في 2021 الأكثر تداولا مع الصين، وبلغت حصة التجارة معها 23.2%، وروسيا 18.9%، وتركيا 16.4%، وكازاخستان 9.7%، ولاتفيا 5.0%، وجمهورية كوريا 4.7%. وزادت الصادرات بنسبة 15.4% عن العام السابق وبلغت 418.6 مليون دولار.
وهناك دلائل على أن تصدير الآلات والمعدات، أي المنتجات ذات القيمة المضافة العالية، قد زاد بشكل حاد، حيث زاد بنسبة 7.62 مرة، في الوقت نفسه، زادت صادرات ألياف القطن بنسبة 1.75 مرة، وزادت سلع الصناعة الكيميائية بنسبة 1.12 مرة.
وفي عام 2021، كانت هناك أيضا زيادة كبيرة في الواردات بنسبة 35.3%، والتي بلغت 238.6 مليون دولار، بسبب الحاجة إلى تحديث اقتصاد كاراكالباكستان. ويتضح هذا من خلال زيادة كبيرة في واردات الآلات والمعدات بنسبة 1.71، والتي تمثل 46% من إجمالي الواردات. وزادت واردات الخدمات 1.58 مرة، وموارد الطاقة 1.44 مرة، وسلع الصناعات الكيماوية 1.16 مرة.
الطاقة الخضراء
بسبب الوضع البيئي السلبي في كاراكالباكستان، تحظى «الطاقة الخضراء» باهتمام كبير في نموها الاقتصادي. ونتيجة لذلك، ستتبنى جميع المقاطعات تدريجيا قدرات جديدة للطاقة المتجددة، بما في ذلك على مستوى المنزل، امتثالا لقرار رئيس الدولة المقابل. في منطقة خوجيلي، على سبيل المثال، تم تركيب 48 وحدة شمسية بسعة إجمالية 14.4 كيلو واط فوق مبنى سكني متعدد الطوابق تم تشييده مؤخرا.
وتتطور طاقة الرياح أيضا في كاراكالباكستان، لذلك تم الإعلان في العام الماضي عن مناقصة دولية لبناء محطة طاقة الرياح في هذه الجمهورية، حيث تقدمت حوالي 20 شركة أجنبية. وفازت بالمناقصة شركة أكوا باور السعودية التي تستثمر 108 ملايين دولار في هذا المشروع. وعرضت الشركة أدنى تعرفة – 2.56 سنت لكل كيلوواط/ ساعة من الكهرباء المنتجة في إطار شراكة بين القطاعين العام والخاص. ووفقا للعقد، يجب إطلاق محطة الطاقة الواقعة على أراضي منطقتي كاروزياك وبيروني في كاراكالباكستان، في منتصف عام 2023. وستولد 360 مليون كيلوواط/ ساعة من الكهرباء الصديقة للبيئة سنويا. وينص المشروع على تركيب 25 طاحونة هوائية، وإنشاء خط نقل طاقة بطول 20 كيلومترا بطاقة 220 كيلوواط، والذي سيتم دمجه بالكامل في نظام الطاقة بالدولة.
وقد وضع الرئيس شوكت ميرزاييف كبسولة في الحجر الأول من هذه المحطة خلال زيارته الحالية لكاراكالباكستان، وأشار رئيس الدولة إلى أن «3 مزارع رياح تبلغ طاقتها حوالي 1800 ميغاواط ستعمل في المنطقة في السنوات الخمس المقبلة».
الابتكار البيئي
تعد التنمية المبتكرة لجمهورية كاراكالباكستان أيضا أولوية في إطار البرنامج الحالي. إذ وقع الرئيس شوكت ميرزاييف قرارا في يوليو الماضي بعنوان «حول إجراءات تنفيذ القرار الرائع للجمعية العامة للأمم المتحدة في 18 مايو 2021» الذي يعلن منطقة بحر آرال منطقة للابتكار والتكنولوجيا البيئية.
وفقا لهذا المرسوم، يتم إنشاء أكاديمية العلماء الشباب و«تكنو بارك» للشباب في نوكوس لدعم العلماء والباحثين المبتدئين، والتي ستفتح مختبرا به بنكا وراثيا لبذور النباتات ومسرع أعمال ومركز تدريب دولي ومركز الابتكار في منطقة بحر آرال. ومن المقرر أيضا إدخال الخرائط الإلكترونية وإنشاء قاعدة بيانات للنباتات والحيوانات المهددة بالانقراض.
وسيتم تحديث المختبرات وسيتم إنشاء الخدمات اللوجستية لتسليم العينات إلى المختبر. ومن المخطط تشكيل مركز معقد للتحليل الكيميائي الحيوي من أجل تحديد درجة البونيت للتربة المالحة، حيث سيساعد التقييم الشامل على تحديد الاحتياجات الصحية للسكان المحليين على خلفية التغيرات البيئية والاجتماعية والاقتصادية الدراماتيكية.
ويتم بالفعل تنفيذ الابتكارات البيئية بنجاح. لذلك، تم تشغيل مولد لإنتاج مياه الشرب من الهواء الجوي العام الماضي في منطقة شيمباي، مما يسمح بإنتاج الماء، وهذا الجهاز ملائم للأماكن التي لا تتوافر فيها مياه الشرب، كما أن توصيله مكلف للغاية.
المشاركة في الحياة الدولية
بفضل السياسة المستمرة، تتزايد أيضا مشاركة جمهورية كاراكالباكستان في الحياة الدولية. وهكذا، انتقلت رئاسة منظمة شنغهاي للتعاون في العام الماضي إلى أوزبكستان من بين المبادرات الرئيسية التي طرحها الرئيس ميرزاييف بصفته رئيسا، برنامج الحزام الأخضر لمنظمة شنغهاي للتعاون، والذي ينص على زيادة التعاون بين الدول الأعضاء في المنظمة في مجال حماية البيئة. ومن الرمزي للغاية أن الحدث الأول برئاسة أوزبكستان في المنظمة وقع في أكثر المناطق صعوبة بيئيا في البلاد – في مدينة نوكوس، حيث عقد في أكتوبر من العام الماضي اجتماع لمجلس المنسقين الوطنيين للهيئة. عقدت الدول الأعضاء في منظمة شنغهاي للتعاون بمشاركة ممثلين عن روسيا والصين وأوزبكستان وطاجيكستان وكازاخستان وقيرغيزستان والهند وباكستان.
تحسين الإدارة
من أجل تحقيق أهداف التنمية الاقتصادية والاجتماعية بنجاح، فإن فعالية آلية إدارة هذه العمليات ذات أهمية كبيرة، والتي ينبغي أن تضمن تنسيق الجهود على المستويات الجمهورية والإقليمية والمحلية. وفي هذا العام، يتم إدخال مثل هذه الآلية في جمهورية كاراكالباكستان.
ويتم إدخال نظام جديد للتفاعل بين المحلات والسلطات، وتم إنشاء «مجموعات المشاريع» في المنطقة، برئاسة حكام الأحياء والمدن، والتي ستصبح حلقة وصل بين الوزارات والإدارات والبنوك التجارية وغيرها من الهياكل وسكان المحلة، والغرض من أنشطة هذه المجموعات هو تحديد الإمكانات الاقتصادية غير المستغلة، وجذب رواد الأعمال المهتمين بتنفيذها وتنظيم تفاعلهم مع المحلات.
بالإضافة إلى ذلك، تم إنشاء مركز موقفي للمشاريع الاستثمارية في مدينة نوكوس، تعرف على الأنشطة التي قام بها رئيس الدولة خلال رحلته الحالية إلى المنطقة، وعلى أساس هذا المركز تم تشكيل نظام موحد لتشكيل وتنفيذ ومراقبة مشاريع الأعمال، مما يجعل ضمان التفاعل التشغيلي بين الوزارات والإدارات والمناطق والمنظمات ممكنا على مبدأ «النافذة الواحدة»، وتعمل 3 مجموعات في المركز (المشاريع الإقليمية، والتطوير الاستراتيجي والمساعدة التشغيلية لأصحاب المشاريع)، إضافة إلى ذلك، تم إنشاء مجلس رواد الأعمال في كاراكالباكستان، والذي يتفاعل بشكل فعال مع فرق المشروع في مناقشة الأفكار والمقترحات الجديدة، كما يشرك رواد الأعمال بنشاط في تنفيذها.
في الختام، ينبغي القول إن الاهتمام الخاص الذي ظهر في السنوات الأخيرة بالتنمية الاجتماعية والاقتصادية لجمهورية كاراكالباكستان قد حقق بالفعل نتائج إيجابية كبيرة. حسنت الجمهورية مواقعها بشكل ملحوظ في عدد من المؤشرات المهمة. هذا العام، يتم إنشاء آلية لضمان توحيد جهود جميع مستويات الحكومة وجميع مناطق أوزبكستان لدعم تنمية هذه المنطقة. ويمكننا أن نقول بثقة إن هذه الجهود ستثمر، وستكون المنطقة الأشد صعوبة من حيث ظروفها البيئية قادرة على تحقيق نتائج باهرة في تطورها هذا العام.