ذبائح تُذبح وموائد تُمد للإطعام وأعلام تُرفع وطبول تدق وأطفال صغار يتصدرون المشهد، حاملين الألواح القرآنية ولافتات مرفوعة تبايع الملك.
فوق هضبة شاهقة بقرية تازروت بضواحي العرائش تلوح أعلام خضراء من بعيد، تخترق جدران بناية قديمة، مكتوب على مداخلها بعض الأدعية وعبارات التكبير.
هنا يوجد مقر الزاوية الريسونية. غير بعيد عن هذا المقر، الذي تفوح من جدرانه رائحة الجير، يوجد قصر بديع كان يمثل معقلا للعديد من معارضي سياسة وتوجه المتمرد أحمد الريسوني، الذي حكم جزءا من شمال المغرب في بداية القرن الماضي.
بعد مرور أكثر من مائة سنة على ذلك التاريخ، يعود أحفاد الشيخ الريسوني إلى المكان نفسه من أجل تنظيم موسم الدعاء لأمير المؤمنين الملك محمد السادس، في الملتقى الثاني عشر لمجمع المنتسبين الصالحين.
تنطلق مراسيم هذا الاحتفاء، المنظم تحت الرعاية الملكية، بمدينة شفشاون، حيث تشهد جنبات مقر الزاوية الريسونية، الذي يوجد بقلب المدينة القديمة، تلاوات قرآنية وإخراج “السلك” القرآنية وإهداء ثوابها إلى روحي الملكين محمد الخامس والحسن الثاني، مع “الدعاء الخاص لأمير المؤمنين جلالة الملك محمد السادس نصره الله بالشفاء والصحة والعافية والخير والبركة”.
وتحضر هذه المراسيم مجموعة من الطرق الصوفية والزوايا المغربية، إضافة إلى ثلة من العلماء وأهل القرآن الكريم.
وفي كلمة تقديمية، أوضح شيخ الزاوية الريسونية، الشريف علي الريسوني، أن هذا الملتقى يأتي تكريسا لثقافة الدعاء وإشاعتها بين المغاربة استنادا إلى قوله تعالى: “اُدعوني أستجب لكم”، وعملا بالحديث النبوي الشريف “من لم يسأل الله يغضب عليه”.
وذكّر مؤرخ شفشاون في كلمته بأهمية احترام الثوابت الدينية والوطنية للمملكة المغربية، موصيا المشاركين والمستمعين بوجوب تقوى الله عز وجل والتمسك بسنة نبيه سيدنا محمد صلى الله عليه وآله وسلم، خصوصا في هذا الزمان، والتحصن بذكر الله والصلاة على نبيه صلى الله عليه وسلم، والحفاظ على الصلاة في وقتها.
وقال خادم الزاوية الريسونية، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، إن “إمارة المؤمنين هبة الله للمغرب حظيت بإجماع الشعب بمختلف أطيافه منذ قدوم المولى إدريس الأول إلى زماننا هذا، ولكون الإمامة تحصر المرجعية الدينية والدنيوية في شخص الملك دون غيره، الأمر الذي يحصن الدولة من التنازع والاختلاف، وهو ما صان لأرضنا وحدتها وحريتها واستقلالها إلى الآن”.
وأضاف أن هذه الملتقيات لها وظائف عدة وأنتجت ثمرات يانعة وأعطت فوائد جمة من خلال النتائج الإيجابية التي تمخضت عنها.
ويمثل مجمع الصالحين مقاربة بشرية ومحاولة إنسانية تمت بإلهامات ربانية وفتوحات صمدانية لغاية ضم شتات هذه الفئة بعيدا عن الطمع ومكاسب التحزب وترهات المنافسة على المناصب والمغانم السياسية والمالية والشهوات الذاتية، مرادهم الوحيد نيل الرضاء من الله.
وقال إدريس الوهابي، شيخ الزاوية الشاذلية بسبتة المحتلة، في تصريح لجريدة هسبريس: “نحن نشارك في مجمع الصالحين من أجل الدعاء لأمير المؤمنين الملك محمد السادس”.
وأضاف “نشارك في هذه المناسبة متضرعين إلى الله بأن ينعم على الملك بموفور الصحة والعافية له ولأفراد أسرته الكريمة”. وتابع قائلا: “نجدد ولاءنا للسدة العالية بالله ونشارك سنويا في هذا المهرجان، الذي يحمل الطابع الصوفي والروحي، ونعتبر أنفسنا جزءا من التراب الوطني المغربي”.
المصدر: وكالات