في الجزء الأول من هذا الحوار الذي أجرته جريدة هسبريس الإلكترونية معه، يسلط إدريس الأزمي الإدريسي، رئيس المجلس الوطني لحزب العدالة والتنمية الوزير المنتدب المكلف بالميزانية في عهد حكومة عبد الإله بنكيران، الضوء على مشروع قانون المالية برسم سنة 2023.
لا ينكر الأزمي الإيجابيات التي تضمنها مشروع قانون المالية 2023، لكنه لا يتردد في انتقاد عدد من المقتضيات التي تضمنها، كما يرد على مختلف الانتقادات التي وجهت إلى حزب العدالة والتنمية إبان قيادته للحكومتين السابقتين.
باعتبارك حملت حقيبة الميزانية، ما هي إيجابيات وسلبيات مشروع قانون المالية برسم 2023؟
بسم الله الرحمان الرحيم، شكرا على الدعوة وشكرا على هذا البرنامج، أولا أنا سأتكلم كمسؤول في حزب العدالة والتنمية باعتباره حزبا في موقع المعارضة، ولن أتكلم باعتباري وزيرا منتدبا سابقا، هذا هو الموقع الذي سأتحدث منه اليوم.
بالنسبة لمشروع قانون المالية برسم سنة 2023 فيه جوانب إيجابية، هذا لا يمكن أن ينكره أحد، ولكن هذا الجانب نتركه للحكومة كي تتحدث عنه، نحن هنا حزب معارض، وللحكومة أن تخرج وتعرف بإيجابيات هذا المشروع الذي يتضمن مواصلة مجهود رفع ميزانية التعليم التي بدأها حزب العدالة والتنمية في العشر سنوات الأخيرة، ومواصلة المجهود كذلك على مستوى ميزانية الصحة، لا من حيث الميزانية ولا من حيث المناصب المالية، وكذلك مواصلة المجهود المتعلق بالاستثمار، بحيث قفز الاستثمار العمومي في عهد العدالة والتنمية إلى 200 مليار درهم ثم إلى 245 مليار درهم والآن وصل إلى 300 مليار درهم، وهذا مهم، وبطبيعة الحال يمكننا الحديث عن الجانب المتعلق بالأثر والتنفيذ.
ولكن، بالنسبة لنا، وبالنسبة لي، فإن هذا القانون يمثل الوجه الحقيقي لهذه الحكومة، هل هي حكومة كفاءات أم حكومة شعارات؟ هل هي حكومة تمثل الشعب أم تمثل المال والأعمال؟
بالنسبة لي، هذا المشروع، ولا سيما ما يتعلق بالجانب الضريبي المنصوص عليه في المادة 6، يلخص ما كنا ننبه إليه من كون إشكالية الجمع بين المال والسلطة ستؤدي إلى ما تؤدي إليه.
وفي هذا الإطار، لا يعقل أن ترفع الضريبة على الشركات الصغرى التي تربح 30 مليون سنتيم من 10 في المائة إلى 20 في المائة، وحينما تصل للشركات الكبرى نرفعها من 31 في المائة إلى 35 في المائة، ولكن ليس هذا فحسب، بل إنهم أعطوها التخفيض على توزيع الأرباح من 15 إلى 10، وهو ما يعني أن الحكومة تعيد لهذه الشركات ما تم أخذه.
في المقابل، حينما تعلق الأمر بالموظفين الذين تتراوح أجورهم ما بين 4500 و9000 درهم لم تمنحهم الحكومة سوى مبلغ يتراوح ما بين 75 درهما و187 درهما.
إن الحكومة عوضت الشركات الكبرى عبر التخفيض على توزيع الأرباح، ولم تقدم شيئا مهما للموظفين، ونسيت نفسها في المقابل، بحيث لم تطبق توصية مجلس المنافسة الواردة في الصفحة 92 من تقرير المجلس حول المحروقات، التي أكدت أن شركات المحروقات تحسب ضمن القطاعات المحمية، وبالتالي ينبغي أن يتعامل معها على هذا الأساس، أي يجب أن تضرَّب مثل الأبناك، لكن الحكومة رفعت الضريبة على الأبناك من 37 في المائة إلى 40 في المائة، وهذا جيد، ولكن لماذا نسيت شركات المحروقات؟
هذا أولا. ثانيا، توصية مجلس المنافسة أشارت إلى أن شركات المحروقات حققت أرباحا مفرطة، هذا لم أختلقه أنا، ولم يقله حزب العدالة والتنمية، بل هذا تقرير مجلس المنافسة الذي أوصى بفرض ضريبة استثنائية، لكن الحكومة نسيت هذا القطاع ولم تتعامل معه كقطاع محمي، وهذا ما يبين طبيعة هذه الحكومة التي تجمع بين المال والسلطة.
الحكومة أجابت عن تساؤلاتك، وأكدت عبر الوزير المنتدب المكلف بالميزانية أنه لا يمكن تضريب الشركات بالاسم، بل يتم تضريب الربح، وقد رفعت الضريبة على الشركات التي تحقق أرباحا تساوي أو تفوق 100 مليون درهم إلى 35 في المائة، هذا من جهة، ومن جهة أخرى، فإن أرباح شركات المحروقات ليست متساوية أو متقاربة أو ما يعني أن هذه الضريبة قد تكون على حساب بعض الشركات، كما قد تقف عائقا أمام ولوج شركات أخرى لسوق المحروقات، ما ردكم؟
هذا سؤال مهم جدا، ومن المهم أن نوضح هذا الأمر، أولا لم تحترم هذه المنهجية مع الأبناك، حيث ضرّبت الحكومة الأبناك بالاسم، كما ضربت شركات التأمينات بالاسم وضربت بنك المغرب بالاسم، وضربت صندوق الإيداع والتدبير بالاسم، إذن يجب أن تكون الحكومة منسجمة مع ذاتها.
ثانيا، نحن لا نتحدث عن جميع شركات المحروقات، بل نتحدث عن شركات المحروقات الكبرى، أما الموزعون فهم “ضايعين”، بل إنهم يقعون تحت سيطرة الكبار، ولذلك فنحن نتحدث عن الشركات الكبرى التي تحدث عنها تقرير مجلس المنافسة، الذي أشار إلى وجود 3 أو 4 شركات تستحوذ على أكثر من 50 في المائة من الواردات وأكثر من 60 في المائة من رقم المعاملات وأكثر من 50 في المائة من محطات التوزيع، يعني أنهم يسيطرون على القطاع من أوله إلى آخره.
أما القول بأن رفع الضريبة على هذه الشركات إلى 40 في المائة سيتسبب في إشكال على مستوى الاستثمار وسيؤدي إلى هروب الشركات، فهذا غير صحيح، فهل هناك من سيهرب من قطاع رقم معاملاته أكثر من 6 مليارات دولار سنويا؟
ثالثا، إن بعض هذه الشركات المتواجدة في المغرب اتخذت إجراءات في صالح المواطنين في بلدها الأم، وأتحدث هنا عن “شال” و”طوطال”، كما قامت بهذه الإجراءات تحت ضغط الحكومات، سواء في بريطانيا أو في فرنسا، وذلك من أجل إعادة الأمور إلى نصابها، لماذا كل هذا؟ لأن المحروقات ليست مادة معزولة، بل إنها تؤثر على باقي القطاعات، وتسري كالدم في الشرايين، تؤثر على أصحاب النقل والخدمات والسلع، والدليل هو مستوى التضخم حاليا في المغرب، حيث تجاوز خلال هذه السنة 5 في المائة، ولكن إذا قسمتها على 2 فستصبح 8.8 بالنسبة للمواد الغذائية.
إذن، فمسألة المحروقات تتعلق بالعدالة الاجتماعية والعدالة الجبائية كما تهم الاقتصاد، وبالتالي نرى أن هذه الحكومة فشلت فشلا ذريعا في معالجة إشكالية المحروقات، مع العلم أن الحكومات السابقة تركت أمرين مهمين لهذه الحكومة.
أولا: تركت لها اقتصادا كبيرا على مستوى نفقات المقاصة، وباعتراف الحكومة على لسان وزيرها في الميزانية فإن عدم إصلاح صندوق المقاصة كان يتطلب توفير 70 مليار درهم، هل تعرف ما معنى 70 مليار درهم؟ إن ميزانية المغرب بأكملها في حدود 300 مليار درهم، يعني تقريبا ربع الميزانية.
ثانيا، إصلاح المقاصة أدى إلى جلب موارد استثنائية فيما يتعلق بالضريبة على القيمة المضافة، وهي التي كان بإمكان الحكومة أن تستعملها للتخفيف على المواطنين.
وحتى نكون منصفين، فقد استعملت الحكومة جزءا من هذه الموارد للتخفيف على قطاع النقل، وهذا يجب أن يستمر، لأنه حينما تكلمنا عن ميزانية المقاصة وقلنا إن الحكومة لم تخصص لها سوى 26 مليار درهم في 2023، فإنها لم تحتسب ميزانية دعم النقل، وقد خرج الوزير ليتحدث عن الإشاعة، ليست هناك إشاعة، بل الحكومة هي التي تروج الإشاعة، وإلا فمن الذي جاء في ندوة صحافية يوم 25 أكتوبر الماضي ليعلن أن الحكومة ستقوم بتنفيذ برنامج الحماية الاجتماعية وستقوم بالرفع التدريجي للمقاصة؟ أليست وزيرة الاقتصاد والمالية والوزير المنتدب في الميزانية؟
إذن، الحكومة هي التي أطلقت الإشاعة، أما نحن كمعارضة فقد قمنا بتصحيح الأمر، ولهذا خرجت الوزيرة لتعلن أن دعم المقاصة مازال مستمرا، لماذا؟ لأن المعارضة تحركت.
مقاطعا.. من باب الانصاف، فإن الحكومة لم تعلن خلال الندوة الصحافية التي أشرت إليها أن رفع الدعم عن غاز البوتان والسكر سيبدأ سنة 2023، بل تمت الإشارة إلى أنه سيتم رفعه تدريجيا بعد تعميم التعويضات العائلية.
سأتكلم لك عن هذه المقاربة، ولكن بإمكانك الرجوع إلى تقرير المقاصة الذي جاء مرافقا لمشروع قانون المالية برسم 2023، وبالضبط في الصفحة 48 والصفحة 49، ستجد أن الحكومة تقول لنا بأنه خلال الثمانية أشهر الأولى من سنة 2022 تم صرف 26.699 مليار دهم، هذا في الصفحة 48. أما في الصفحة 49، فإن الحكومة تقول بأنها خصصت في سنة 2023 للمواد نفسها، أي “البوطا” والسكر والدقيق، 25.98 مليار درهم، إذن كيف يعقل أن تصرف الحكومة خلال ثمانية أشهر 26.699 مليار درهم ثم تخصص 25.98 مليار درهم لـ12 شهرا المقبلة؟ علما أن الحكومة بنت فرضياتها على عدم تجاوز سعر غاز البوتان 800 درهم للطن، وهو السعر نفسه خلال سنة 2022، فكيف يمكن أن تعطي الفرضية نفسها 26.699 مليار درهم خلال 8 أشهر و25,98 مليار درهم فقط خلال 12 شهرا؟
هذا أولا. ثانيا، نعتبر أن مراقبة الحكومة خاطئة، لأن القانون الإطار المتعلق بالحماية الاجتماعية لا يربط التعويضات العائلية بإزالة دعم “البوطا”، هذا غير موجود.
إن إزالة دعم “البوطا” يتطلب مقاربة أخرى، تقوم على تعويض المواطنين المتضررين والقطاعات المتضررة كذلك، لأن 300 درهم التي سيستفيد منها المواطنون المعوزون في إطار تعميم التعويضات العائلية تتعلق بالحماية من مخاطر الطفولة، وليس مقابل السحب التدريجي لدعم المقاصة.
إن القانون الإطار واضح، فهو يتحدث عن مخاطر الطفولة ومخاطر الشيخوخة والحماية الصحية.
لكن القانون الإطار يتحدث عن إصلاح صندوق المقاصة لتمويل ورش الحماية الاجتماعية؟
يتكلم عن إصلاح صندوق المقاصة، ولكن الإصلاح لا يتم مقابل 300 درهم للطفل، بل يتطلب ذلك مقاربة أخرى، لأن 300 درهم مخصصة للتعويض عن مخاطر الطفولة وليس التعويض عن السحب التدريجي للدعم.
لا، اسمح لي الحكومة أخطأت في هذا الأمر، ولا ينبغي أن تأتي وتقول إن المعارضة تنشر الإشاعات، بل ينبغي أن تشكر المعارضة، لأن الحكومة هي التي كانت وراء الإشاعة، ونحن لم نكن معهم في الندوة الصحافية يوم 25 أكتوبر الماضي، هم الذين تحدثوا عن السحب التدريجي لدعم المقاصة، علما أن الظروف غير مناسبة، وهل يعقل أن يتم رفع الدعم في ظل ارتفاع التضخم وغلاء أسعار المحروقات؟
في نظركم، هل ستلجأ الحكومة لتخصيص اعتمادات مالية إضافية لفائدة الميزانية العامة خلال سنة 2023؟
هذا ما قالته وزيرة الاقتصاد والمالية، حيث أكدت أن 26 مليار درهم جاءت وفقا للفرضيات، وإذا ظهرت أمور استثنائية ستكون هناك إجراءات استثنائية، لكن نحن لدينا ملاحظة، تتعلق بمقتضيات القانون التنظيمي للمالية، خاصة في مادته العاشرة، حيث تنص على أنه “تقدم قوانين المالية بشكل صادق موارد وتكاليف الدولة”، ويعطي تفسيرا للصدقية باعتبارها تقاس بالنظر للمعطيات المتوفرة حين إعداد مشروع قانون المالية، وهنا أتساءل: هل نحن أشرنا على الحكومة ببناء مشروع قانون المالية على أساس استقرار سعر غاز البوتان في 800 درهم للطن؟ هي التي قامت بذلك، وهذا يحسب لها، لأنها وضعت فرضية معقولة، وبما أنها وضعت فرضية معقولة، فقد كان يجب ترتيب الآليات الضرورية بناء عليها.
تحتجون على حديث توجه الحكومة لرفع الدعم عن صندوق المقاصة، في حين إن تصريحاتكم وتصريحات الأمين العام للحزب تمضي في الاتجاه نفسه، أي رفع الدعم عن المواد التي لا تزال مدعمة، كيف ذلك؟
تصريح الأخ الأمين العام واضح، وقد جاء بعد تصريح الحكومة، حيث قال إن مقاربة الحكومة خاطئة فيما يخص رفع الدعم، وقال إن المقاربة التي نتبناها هي عدم ربط رفع الدعم بالتعويضات العائلية وتعويضات التقاعد، بل يجب ربطها بالأسر، لأن هناك أسرا لا يمكن أن تتحمل أكثر من 40 درهما، وهو ما يعني أن الدعم يجب أن يتجه إلى هذه الأسر، في حين إن الحكومة تقول بوضوح إن تعميم التعويضات مرتبط بالرفع التدريجي للدعم، وهذه مقاربة خاطئة بالنسبة لنا، ولا بد أن يكون هناك فصل بين الأمرين.
أعيد وأكرر، هذه الظروف غير مناسبة نهائيا، ولا يجب أن تتهم الحكومة المعارضة بإطلاق الإشاعات، فالمعارضة هدفها المساعدة والتوضيح، وهي التي دفعت الحكومة إلى التصحيح، وهذا في مصلحة المواطن.
في مصلحة المواطن الذي يستهلك قنينة غاز واحدة في الشهر، كما أنه في مصلحة الأغنياء الذين يستهلكون عددا كبيرا من القنينات، أليس كذلك؟
ما يجب القيام به، هو اعتماد مقاربة صحيحة، مقاربة تحول دون المساس بالمواطن العادي، هذه الأولى. ثانيا لا بد من مراعاة الظروف، هل هذه الظروف تسمح اليوم بالحديث عن الرفع التدريجي للدعم عن “البوطا”؟
إن الظروف غير مناسبة اليوم، لأن السياسة هي مراعاة ظروف المواطنين، ومراعاة السياقات، والقيام بالإصلاحات بجرأة، لكن الشجاعة لا ينبغي أن تكون في ظل الاضطرابات، فلا يعقل أن المواطنين يشتكون حاليا من أمور كبيرة، ثم تأتي الحكومة لتتحدث عن الرفع التدريجي للدعم مقابل 300 درهم كتعويض عن مخاطر الطفولة، “هادي مركباش مع هادي”.
يؤاخذ عليكم عدد من المواطنين أنكم حينما رفعتم الدعم عن المحروقات لم تقوموا بإجراءات أخرى موازية، هذا من جهة. ومن جهة أخرى، ألم تكن عشر سنوات في الحكومة بالنسبة لكم كافية لإعداد تصور حول إصلاح صندوق المقاصة؟
لا، “شوف”. أولا، الإصلاحات التي تمت خلال العشر سنوات الماضية، هي إصلاحات كبيرة، والحكومة الحالية تجني ثمارها اليوم، بالرغم من أنها كل مرة ترجع إلى الحكومة السابقة لكي تعلل عجزها وفشلها، وهذه سابقة في تاريخ المغرب، لأنه لا يمكن أن تقول بأنك نجحت في كل شيء، وفي الوقت نفسه تلقي بالعجز على الحكومات السابقة.
الحكومات السابقة قامت بإصلاحات كبيرة، بما في ذلك رفع الدعم عن المحروقات، ويمكن العودة إلى تقرير مجلس المنافسة الذي يؤكد أن شركات المحروقات يجب أن تتنافس فيما بينها، وألا تحتكر السوق، في حين يرى مجلس المنافسة أنه يبدو أن هناك تنسيقا بين الشركات فيما يخص أسعار المحروقات، لأن الأثمنة تتغير في اليوم نفسه وفي الاتجاه نفسه.
ثانيا، حينما قمنا نحن بتلك الإصلاحات، فقد أنقذنا ميزانية الدولة، وأطلقنا برامج اجتماعية كبيرة، برامج اجتماعية حقيقية، كما هو الشأن بالنسبة لدعم الأرامل، حيث تستفيد اليوم أكثر من 115 ألف أرملة، فضلا عن 200 ألف يتيم ويتيمة من دعم مباشر.
واليوم، حينما نتحدث عن الزيادة في ميزانية الصحة والتعليم، فهذا بفضل ذلك الإصلاح، بل إن تعميم الحماية الاجتماعية، يتم بفضل تلك الإصلاحات، لأن الحكومة تقول بأنه لو لم يتم ذلك الإصلاح لكنت في حاجة إلى 70 مليار درهم.
إن الحكومة الحالية تضم حزب التجمع الوطني للأحرار، وهو جزء لا يتجزأ من الحكومتين السابقتين ومن الحكومات التي سبقتهما، وبالتالي من العيب والعار أن يتحدث عن الحكومتين السابقتين.
كيف تعتبرون هذه الحكومة بدون كفاءات في حين إن جزءا من أعضائها كانوا معكم في الحكومتين السابقتين، وساهموا معكم في تحقيق ما تسمونه بالإصلاحات الكبيرة التي تفتخرون بها، بل إنهم كانوا يشرفون على الوزارات الكبرى كالاقتصاد والمالية والصناعة والتجارة، فكيف أصبحوا اليوم غير أكفاء؟
هل تعرف أين يكمن الفرق؟ الفرق بسيط، وهو أنهم في الحكومات السابقة كانوا وزراء من ضمن الوزراء، ولكن وزراء العدالة والتنمية، وكان رئيس الحكومة من العدالة والتنمية، وكانت أولا الشرعية الانتخابية الحقيقية التي لم يجادل فيها أحد، لا في الحكومة الأولى ولا في الحكومة الثانية، وكان القرب الحقيقي من الشعب، والجرأة السياسية في التوضيح؛ إذ لا يكفي أن تبقى في مكتبك وتقوم بإصلاح، بل إن الأمور التي تؤثر على المواطنين تحتاج إلى جرأة سياسية وشرح من حيث التشخيص والمعالجة والمواكبة، وهنا نتساءل: لماذا لم يستغل رئيس الحكومة فرصة من ذهب منحها له الدستور بحيث يمكنه التواصل مع المواطنين عبر البرلمان 8 مرات في السنة؟ لكنه تخلى عن أربعة، وهذا لم يكن في السابق، بل كان رئيس الحكومة يتحمل مسؤولية قراراته، ويشرحها ويدافع عنها، ويباشر الإجراءات المواكبة.
المصدر: وكالات