الأربعاء 20 شتنبر 2023 – 06:00
تحرك استثنائي عرفته المجالس العلمية المحلية بمختلف مناطق البلاد، بعد مذكرة للمجلس العلمي الأعلى دعت عقب “زلزال الحوز” رؤساء المجالس العلمية الجهوية والمحلية إلى التواصل مع كافة الأعضاء والمرشدين والمرشدات، “ليكونوا بالقرب من المواطنين والمواطنات في هذا الحدث المفاجئ والمؤلم، والوقوف إلى جانب المتضررين منهم بكل أوجه المساعدة الممكنة، من تبرع بالدم، ومساعدات طبية، وخدمات اجتماعية وإحسانية…”.
وتحولت مقرات مجالس علمية محلية بعدد من مدن البلاد إلى مكان لجمع المساعدات بمختلف أنواعها، قبل إرسالها إلى المناطق المتضررة من الفاجعة.
إدريس الكنبوري، باحث في الفكر الإسلامي والجماعات الدينية، قال إن المنطلق الذي حفَّز المجالس العلمية هو “الواجب الوطني، ونداء السلطات المحلية والدولية وشخص الملك، فالحافز وطني أولا ثم ديني”.
وأضاف في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية: “عمل المؤسسات والهيئات الدينية عموما هو العمل الديني، والعمل الاجتماعي جزء منه، فالفتوى والعمل وسط الناس عمل اجتماعي. وأنشأت الدولة فئة المرشدين والمرشدات الدينيين الموجودين وسط السكان، والمتجاوبين مع قضاياهم، وهي قضايا اجتماعية أيضا، مثل الخلافات الزوجية والعائلية والطلاق وما إلى ذلك”.
وحول بروز مثل هذا الدور الاجتماعي للمجالس العلمية، ذكر الكنبوري أن “هذه المرة الأولى التي يحدث فيها حدث كبير من هذا الحجم، ضرب البلد كله تقريبا، والكارثة كانت كبيرة، والضحايا كثر، والمغاربة كلهم من جمعيات إسلامية وغير إسلامية، ومغاربة عاديين، وجمعيات ومؤسسات، الكل تطوع، والمجالس العلمية أيضا مؤسسات وجزء من البلد، فكان لا بد لها من التحرك”.
منتصر حمادة، باحث في الحركات الإسلامية، رأى أن تفاعل المجالس العلمية المحلية مع تبعات أحداث زلزال الحوز “يندرج في صميم الموروث الديني المغربي، بحيث لم ينفصل الفقهاء والعلماء المغاربة عن هموم المجتمع، إلى درجة أن بعض رموز العمل الديني في مراكش على سبيل المثال اشتهروا بهذه الميزة، كما هو الحال مع نموذج أبي العباس السبتي الذي كان ميراثه حاضرا بشكل جلي في تفاعل عامة وخاصة المغاربة مع هذه الأحداث”.
وزاد حمادة في تصريحه لهسبريس: “هذا التفاعل يساهم من ناحية ثانية في تذكير الرأي العام بمهام هذه المجالس. وقد عاينا التفاعل نفسه على هامش ‘جائحة كوفيد – 19’ منذ سنوات، حيث رغم أجواء الحجر الصحي الذي طال العالم بأسره وليس المغرب وحسب كانت العديد من المجالس العلمية المحلية منخرطة عبر تنظيم ندوات أو إلقاء محاضرات، في سياق المواكبة الدينية والتوعوية بأجواء تلك المرحلة، والأمر نفسه نعاينه في الآونة الأخيرة مع تبعات الحدث الأليم”.
ويرى الباحث ذاته أن مثل هذا التفاعل “يُسهِم أيضا في الرد أو تقويض بعض القراءات التي تروَّج ضد المشتغلين في هذه المؤسسات، مفادها الإصرار على عدم تجاوز مقام الوعظ والتوجيه والإرشاد، أي المهام التي تميز إجمالا أداء المؤسسات الدينية، سواء في المغرب والمنطقة، والحال أن الأمر مع هذه الأحداث يتطلب الحضور الميداني أو الأقل الحضور النظري من خلال ما يشبه ملاءمة خطاب الوعظ والتوجيه والإرشاد مع أجواء هذه الأحداث، ما يساهم في تقويض تلك الصورة النمطية التي تروج ضد هذه المؤسسات من طرف بعض التيارات الإيديولوجية، دينية كانت أو مادية”.
المصدر: وكالات