سلطت دراسة حديثة الضوء على إشكالية تدبير النفايات المنزلية الصلبية بمدينة قلعة السراغنة، أمام التحديات التي تطرح حول هذه المسألة، من أهمها النمو الديمغرافي والتوسع العمراني، مؤكدة أن “غياب الإدارة الجيدة لمرفق النظافة من قبل المؤسسات المعنية يعد من بين الأسباب التي ساهمت في تفاقم مشكلة النفايات الصلبة المدينة”.
الدراسة المعنونة بـ “واقع تدبير النفايات المنزلية الصلبة بمدينة قلعة السراغنة”، والمنشورة ضمن عدد هذا الشهر من مجلة “الدراسات الإفريقية وحوض النيل”، التي تصدر عن “المركز الديمقراطي العربي للدراسات الإستراتيجية والاقتصادية والسياسية”، لفتت إلى أن “سوء توزيع الموارد البشرية والاختيار غير الموفق لحاويات جمع النفايات، إضافة إلى غياب الوعي لدى الساكنة، كلها عوامل أسهمت في تدني مستوى الخدمات التي تقدمها شركات التدبير المفوض، وفي تدهور الوضعية البيئية للمدينة”.
وحول مشاكل الإدارة المباشرة لمرفق النظافة بالمدينة ذاتها، أورد المصدر عينه أن “هذا النظام واجه العديد من التحديات، أهمها ضعف الإمكانيات اللوجستية، حيث عانى مرفق النظافة بالمدينة من نقص كبير في آليات جمع النفايات، إذ كان يتوفر فقط على 7 شاحنات تغطي مجمل المجال الحضري، غير أنها لا تغطي كل الأحياء”، مشيرا إلى أن “عمال النظافة الذين يشتغلون في إطار التسيير المباشر لهذا المرفق لا يتجاوز عددهم 78 عاملا، إضافة إلى عمال مياومين يدخلون في إطار الإنعاش الوطني”، وهو ما لا يتناسب مع حجم النفايات الذي تنتجه الساكنة.
ولفت الدراسة ذاتها إلى أن التدبير المباشر لهذا القطاع أثبت عدم نجاعته أمام كثرة التحديات التي طرحها على بلدية المدينة، مسجلة أنه “في ظل هذا العجز لجأ المجلس البلدي إلى اعتماد نظام التدبير المفوض عن طريق تفويت هذا القطاع للقطاع الخاص”؛ فكانت لهذا النظام الجديد آثار إيجابية، سواء من حيث تحسن نوعية الخدمات المقدمة للساكنة أو من خلال توفير فرص شغل للشباب العاطل.
في هذا الصدد رصد المصدر عينه “استمرار بعد السلوكيات السلبية، أبرزها كون السكان مازالوا يرمون القمامة على الأرض، ويجمعونها في الساحات المكشوفة”؛ إضافة إلى غياب وسائل جمع النفايات في بعض المناطق من أحياء المدينة، ما جعل من الأماكن العمومية وجوانب الطرقات والمنازل “مرتعا لتمركز المطارح العشوائية والصغيرة”، قس على ذلك ضعف مساهمة المجتمع المدني في تنظيم رمي وجمع الأزبال، وضيق المسالك داخل الأحياء القديمة، وهو ما يعرقل مرور الشاحنات، وتواجد المطرح البلدي داخل تراب الجماعة.
ولفتت الدراسة الميدانية التي أجراها الباحث محمد جاد إلى أن “قطاع النظافة يواجه صعوبات كثيرة ومتفاوتة في تدبير النفايات المنزلية الصلبة بمختلف أحياء المدينة”، مسجلة أن “تدبير النفايات في أحياء الفيلات غالبا ما يتسم بالسلاسة، فيما تواجه هذه العملية الكثير من الصعوبات بأحياء السكن الاقتصادي والاجتماعي”.
وأوضح الباحث ذاته أن “الصعوبات في تدبير النفايات المستخلصة من السكن المغربي تختلف من حي لآخر، ذلك أنه كلما ارتفعت الكثافة السكانية تزداد تحديات الجمع والتخلص من هذه النفايات، إضافة إلى أن ضيق المسالك والانتشار الواسع لتجارة الرصيف والباعة المتجولين أمور تشكل عائقا أمام ولوج الشاحنات لعدد من الأحياء”.
وفي استطلاع لآراء بعض ساكنة مدينة قلعة السراغنة حول كيفية تدبير قطاع النظافة للنفايات المنزلية، “أكد مُعظمهم الجهل بالتكلفة المالية الإجمالية لتسيير نفايات المدينة، وبكمية النفايات الإجمالية التي يتم إنتاجها”، إضافة إلى عدم معرفتهم بـ”وقت مرور الشاحنات أو الوقت المطالبين فيه بإخراج النفايات من منازلهم”، فيما أكد 66 في المائة منهم أهم غير راضين عن نظافة مدينتهم.
وشددت الدراسة عينها على دور الجمعيات غير الحكومية إلى جانب المتدخلين الرسميين في التوعية والتحسيس، لافتة إلى أن “حماية البيئة تقتضي تضافر جهود أصحاب القرار والفاعلين الاقتصاديين والاهتمام بالأفراد، وذلك عن طريق التربية البيئية، سواء النظامية أو غيرها، باعتبارها الوسيلة الفعالة لتغيير سلوكهم تجاه البيئة”.
المصدر: وكالات