أجمع باحثون، شاركوا في ندوة نظمها المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية حول موضوع “الثقافة الأمازيغية وتداعيات زلزال الأطلس”، مساء أمس الأربعاء، على ضرورة جعل بناء وإعادة تأهيل المناطق المتضررة من “زلزال الحوز”، قائما على أساس الحفاظ على الطابع الثقافي الذي كان قائما قبل وقوع الكارثة الطبيعية التي هدمت ستين ألف بيت.
الحسين مجاهد، الأمين العام للمعهد الملكي للثقافة الأمازيغية، أشار إلى أن “زلزال الحوز” خلف انعكاسات اقتصادية ومجالية، وأضر بالموروث العمراني التقليدي من أشكال البناء والمنشآت الجماعية والمعالم الأثرية، داعيا إلى أن تتم إعادة البناء وصيانة المباني المتضررة “وفق تصورات ملائمة”.
من جهته، قال إسماعيل العلوي، الوزير السابق وأستاذ الجغرافيا بجامعة محمد الخامس بالرباط سابقا، إن مفهوم الثقافة الأمازيغية ينبغي أن يكون هو المحدد في عملية إعادة البناء، علاوة على الاستجابة لحاجيات وتطلعات المواطنين المتضررين من الزلزال الذي ضرب أربعة أقاليم وعمالة.
وشدد العلوي على وجوب “الاستجابة لتطلعات السكان بشكل دقيق على مختلف المستويات”، لافتا إلى أن هناك تدابير مستعجلة تم تفعيلها، وأخرى مؤجلة “يجب تنفيذها في أجل خمس سنوات”.
ونوه بالإجراءات المتخذة لضمان قوت المواطنين المتضررين من الزلزال، وإيوائهم، وتوفير العلاج للمصابين، غير أنه لفت إلى أن هناك نقصا على مستوى العلاج النفسي، نظرا لقلة عدد الأطباء المتخصصين في هذا التخصص الطبي.
وأضاف أن “زلزال الحوز” يجب أن يكون حافزا لتعميم المشاريع التنموية على جميع المناطق الجبلية والأرياف، مبرزا أن هناك “مناطق شاسعة لا تزال بعيدة عما نتمناه لسكانها ولبلدنا”.
وشدد المتحدث ذاته على ضرورة تعميم المعرفة، من خلال الحرص على توفير التمدرس للأطفال في المناطق الجبلية، مبديا أسفه لفشل مبادرة كان قد طرحها لتوفير التدفئة للأقسام بالفحم الحجري في المناطق التي تعاني من برودة شديدة خلال فصل الشتاء.
وعرّج العلوي على الفترة التي تحمّل فيها المسؤولية الوزارية، قائلا: “صحيح أنني كنت وزيرا لمدة سنتين ونصف، لكن لا يمكن حل كل المشاكل في مدة قصيرة”.
فيما قال لحسن حيرا، أستاذ باحث في الأنثروبولوجيا والسوسيولوجيا، إن هناك نقصا في حضور العلوم الإنسانية في التعاطي مع إعادة بناء المناطق المتضررة من زلزال الأطلس، وهو ما يعكس ضعف الجامعة المغربية، على حد تعبيره.
وأوضح المتحدث أن بناء بيت في المناطق الجبلية الأمازيغية لا يتم فقط من أجل توفير مأوى للسكن، بل له رمزية خاصة، مبرزا أن “الناس لا يسكنون البيت كجدران، بل يسكنون وسط الحمولة الثقافية التي يمثلها ذلك البيت”.
ونبه إلى أن هناك انزياحا نحو “الخروج من القيَم التي كانت سائدة في البناء، حيث لم يعد السكان يعتمدون على الطرق التقليدية، وأصبحوا يشيدون بيوتا بطريقة عصرية”، واصفا هذا التحول بـ”الزلزال الإنساني الذي زجّ بنا في قيم أخرى غير القيم التي كانت في السابق”.
وتابع قائلا إن إعادة البناء في المناطق المتضررة من الزلزال “لا يجب أن تُسند إلى المهندسين المعماريين فقط، فالمباني هناك لا يتجلى دورها في السكن فقط، بل تشكل رابطا مجتمعيا، فالمسجد مثلا لا يشكل فقط فضاء للصلاة، بل فضاء لاجتماع القبيلة أيضا، ولا بد من إشراك السكان بشكل فعلي في وضع التصور”.
فاطمة أوشرع، الصحافية بقناة “تمزيغيت”، تطرقت في مداخلتها إلى تناول الإعلام الوطني لـ”زلزال الحوز”، مشيرة إلى أن الإعلام لعب دورا كبيرا في نقل الأخبار وتوضيح التداعيات، اعتمادا على مصادر موثوقة، وهو ما ساهم في تقليل هامش انتشار الإشاعات.
واعتبرت أوشرع أن التغطية التي قامت بها القنوات العمومية “كانت موفقة قياسا بالإمكانيات المتوفرة”، مسجلة وجود تفاوت كبير بين الإمكانيات المتوفرة لصحافيي قناة “تمزيغت” ونظرائهم في باقي قنوات الشركة الوطنية للإذاعة والتلفزة.
وتابعت قائلة: “هناك فرق كبير بين ما خصص لنا من إمكانيات وما توفر لباقي زملائنا، فقد اشتغلنا تقريبا بصفر إمكانيات، وهناك صحافيون مناضلون ضحّوا بفضل غيرتهم وحرصهم على النهوض بالأمازيغية”.
المصدر: وكالات