في رحلة نحو الماضي البعيد، سلط محمد علي محمد المطروشي، باحث في مجال الخيل العربية العتيقة، الضوء على أسرار علاقة الإنسان بالخيل في الجزيرة العربية، وذلك في محاضرة له بعنوان “الخيل العربية الأصيلة الصحراوية”، الخميس، ضمن فعاليات معرض الفرس بالجديدة.
واستعرض المطروشي، الذي يملك مربط التراث للخيول العربية بالإمارات العربية المتحدة، عددا من الوثائق والنقوش التي تزكي العلاقة بين الإنسان والخيول في الجزيرة العربية في الأزمنة الغابرة، حيث كانت تُستخدم في الغزوات وفي الصيد.
وقدم الباحث الإماراتي صورة لاكتشاف أثري في منطقة مليحة بإمارة الشارقة، يعود إلى الألفية الثالثة قبل الميلاد، وهو عبارة عن مدفن لحصان بلجام مصنوع من صفائح الذهب الخالص، وكانت حينها منطقة مليحة أحد المراكز التجارية المهمة في شرق الجزيرة العربية.
وتنقسم الخيل العربية الأصيلة الصحراوية إلى عدد من التقسيمات من حيث السلالة والنسب، حيث “نسبها العرب إلى بنات الأعوج، أي الخيل التي ربطها النبي إسماعيل بن إبراهيم عليهما السلام في بطحاء مكة، وكانت في الجاهلية والعصر الإسلامي تنسب إلى آبائها، كبنات الهجيس والديناري وذي العقال”، كما أوضح المطروشي، مردفا أنه في الفترة المتأخرة نُسبت إلى خطوط الأمهات كالصقلاوية والحمدانية والكحيلة…
وتقوم ثقافة اختيار الفحل عند البدو في الجزيرة العربية على أسس صارمة، ذكر منها الباحث الإماراتي أن الفحل يجب أن يكون “تام الخلقة ومعروف النسب، وأن تكون أمّه أم فحول، أي من الأفراس النخبة، وما دون ذلك من الأمهات تُذبح حال الولادة، وأن يكون من الأرسان (أمهات الخيول) الموروثة والمتأصلة في القبيلة”.
وزاد موضحا أن عدد الأفحل في السابق “ليس كبيرا، ولكنها كانت نخبة، ويُشد إليها الرحال”، مضيفا أن العرب “كانت تحفظ أنساب خيلها عن ظهر قلب وتتوارثه كابرا عن كابر، ويُنقل بالأمانة”.
وكان لدى العرب، في العصور الغابرة، يردف المطروشي، نظام تدوين لأنساب الخيول يسمى “الحجة”، يُستخدم لظروف معينة، منها البيع أو الإهداء وغيرها، وهو عبارة عن إشهاد من طرف أكابر القبيلة يزكّي نسب الخيل وأصله، ويتم توقيعه إما بالأختام أو بصمة الإبهام لتثبيت صحته.
الارتباط الوثيق للعرب في الجزيرة العربية بالخيول العتيقة، جعلهم يعلّقون حجج أنسابها على رقابها على شكل قلائد إبّان الغزوات، من أجل الحفاظ على أنسابها في حال توفي صاحبها وغُنمتْ.
المصدر: وكالات