وزارة التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة تدعو النقابات الخمس الأكثر تمثيلية إلى الحوار، والتنسيقيات بالمقابل تدعو “مناضليها” إلى التصعيد والمزيد من الإضراب؛ هكذا هي قصة القطاع التعليمي إزاء ما عدّه كثيرون “انعداما للثقة في الحوار القطاعي والاجتماعي”، وظلت عملية شد الحبل والإضرابات والاحتجاجات متواصلة منذ المصادقة على النظام الأساسي المثير للكثير من الجدل.
ملفات فئوية ثقيلة تنظر إليها كل تنسيقية على أنها “غير قابلة للتفاوض”، ومن ثم، هناك حاجة إلى “إدراجها في الحوار مع اللجنة الثلاثية، وكذلك إخراج مكتسبات بشأنها تعيد الثقة التي ضاعت نتيجة “البلوكاج” والتسويف”، وفق تعبير فعاليات نقابية تواصلت معها هسبريس، على الرغم من أنه من الناحية الأخرى هناك من يرى أن “الإضراب صار يتخذ شكلا من “العناد” ومن “النضال من أجل النضال”، لكون اتفاق 10 دجنبر وبعده اتفاق 26 دجنبر أفقدا الاحتجاج جدواه”، حسب المؤمنين بهذا الطرح.
تراكم وفقدان للثقة
عبد الناصر نعناع، عضو المكتب الوطني للنقابة الوطنية للتعليم المشاركة في الحوار القطاعي، قال إن “استمرار الإضرابات رغم المُكتسبات التي يحققها الحوار راجع إلى انعدام الثقة، سواء في الوزارة وأيضا في التنظيمات الاجتماعية الشريكة في هذا الحوار”، مؤكدا أن “هذا حراك تعليمي ذاتي، تقوده التنسيقيات الفئوية بدون تنسيق مع النقابات؛ فهذه التنسيقيات اليوم لديها ملفات مطلبية تعتبرها غير قابلة للنقاش، وهو ما يصعب عملية الحوار”.
وشدد نعناع، في تواصله مع هسبريس، على أن “الذي نعتبره موضوعيا هو أنه لا يمكن تحقيق المطالب كلها، ووصول الملفات الفئوية إلى هذا الحد راجع بالأساس إلى أن وزارة التربية الوطنية لم تعالج العديد من الملفات في وقتها؛ ما أدى إلى تراكم المشاكل في القطاع لسنوات عديدة”، مبرزا أن “الدولة صارت تجد صعوبة في التعاطي مع كل هذه الملفات دفعة واحدة؛ ولكننا نراهن على تحقيق المزيد من المكتسبات لرجال ونساء التعليم وضمان تحسين ظروف اشتغالهم”.
وأكد المتحدث عينه أن “الظرفية تحتاج الالتحاق بالأقسام لكونه لم يعد هناك مبررا للإضراب في انتظار نسخة جديدة من النظام الأساسي، الذي تمت مراجعته جذريا، وهذه المرة ستعرض المسودة على النقابات الخمس الأكثر تمثيلية لإبداء الملاحظات، وهو ما لم يتم في المرة السابقة حين عمدت الوزارة الوصية على تهريبه نحو المجلس الحكومي”، مسجلا أن “انحباس الحوار القطاعي والاجتماعي بدوره صار يجد طريقه للحل، وبالتالي ننتظر العودة إلى الأقسام لتحقيق مكتسبات جديدة”.
تسويق إعلامي
رضوان الرقيبي، عضو اللجنة الوطنية للتنسيقية الموحدة لهيئة التدريس وأطر الدعم بالمغرب، اعتبر أن “استمرار الإضراب راجع إلى عدم تقديم الوزارة الوصية على قطاع التعليم رؤية واضحة في تجاوز حالة الاحتقان”، مؤكدا أن “الملفات المطلبية الأساسية لم يتم التعاطي الإيجابي معها، وظلت رهينة تسويق إعلامي، من قبيل ملف التعاقد الذي رُوج إلى التخلي عنه بشكل نهائي؛ لكن المفاهيم المرتبطة به تعوزها الدقة والوضوح، لكي تُساهم في عودة الأساتذة إلى الأقسام”.
وأشار الرقيبي، في تصريحه لجريدة هسبريس، إلى أن “الحوار ومخرجاته التي تم التوقيع عليها لم تساهم في إعادة الثقة، لأن هذا النظام الذي تتم إعادة صياغته حافظ على العديد من المفاهيم مثلما هي. ولذلك، يتعين إشراك الجميع في إعداد نظام أساسي يصلح لمدرسة حقيقية ورائدة”، مسجلا أن “وقف التصعيد يستدعي أن تكون هناك نية واضحة لسحب نهائي للنظام الأساسي بدل الرهان على كسب المزيد من الوقت”.
أورد المصرح عينه أنه “لا بد من معالجة النقط الخلافية والاستجابة للملفات الفئوية حتى يكون أي نظام أساسي جديد منسجما مع الأسرة التعليمية كاملة عوض التمييز الذي حدث سابقا”، خالصا إلى أن “النضال من الميدان متواصل إلى حين أن تتوقف الجهات الرسمية عن تعنتها وتمطيطها للوقت بدل طرح أجوبة واضحة بخصوص انتظارات رجال ونساء التعليم، خصوصا في التنسيقية الموحدة وفي التنسيق الوطني”.
وكان رئيس الحكومة، عزيز أخنوش، قد ترأس يوم 10 دجنبر بالرباط، اجتماعا تم خلاله التوقيع على على اتفاق بين الحكومة والمركزيات النقابية الأكثر تمثيلية يهم تحسين دخل رجال ونساء التعليم.
ونص الاتفاق، بالخصوص، على زيادة في الأجور بمبلغ 1500 درهم لفائدة جميع موظفي القطاع، فضلا عن حل مجموعة من الملفات الفئوية التي كانت مطروحة لعدة سنوات.
المصدر: وكالات