تواصلت الهيئة المكلفة بمراجعة مدونة الأسرة جلسات الاستماع للمؤسسات الرسمية المرتبط عملها بشكل مباشر بموضوع الأسرة والنسيج الجمعوي لحقوق الإنسان وحقوق المرأة والطفل، والقضاة، والباحثين الأكاديميين، وباقي الممارسين في ميدان مدونة الأسرة.
الهيئة استقبلت، الخميس، “التنسيقية النسائية من أجل التغيير الشامل والعميق لمدونة الأسرة”، التي طرحت على أنظارها مطالبها في عدد من المواضيع التي تروم تغييرها في هذا النص القانوني، وعلى رأسها قضايا: الإرث والزواج والطلاق والولاية القانونية والحضانة والنفقة وإثبات النسب.
وفي هذا الإطار، قالت سميرة موحيا، عضو “التنسيقية النسائية من أجل التغيير الشامل والعميق لمدونة الأسرة”: “نطالب بمدونة مبنية على المساواة وعدم التمييز بسبب الجنس والدين، وتحقيق العدل والإنصاف، وأن تتجاوز جميع المقتضيات التمييزية التي تهين النساء وتكرس وترسخ دونيتهن من خلال مجموعة من المقتضيات”.
ومن ضمن المواضيع التي عرضت التنسيقية مطالب بشأنها، بحسب تصريح موحيا لهسبريس على هامش الاجتماع المغلق، “إلغاء زواج القاصر والتعدد نهائيا، وأن لا يكون الصداق شرط صحة في الزواج ولا ركنا في عقد الزواج، بل يدخل في إطار الهدايا المتبادلة ما بين الزوجين، ثم مطالب بشأن النفقة والولاية القانونية، وهي أحد مظاهر العنف والتمييز القانوني في النص الحالي”، متحدثة عن “النفقة المشتركة بين الزوجين أثناء قيام الزوجية، واعتبار العمل المنزلي والرعاية مساهمة في النفقة ومراكمة أموال الأسرة”.
وطرحت موحيا أيضا موضوع “الولاية التي تضيع فيها حقوق الأطفال ومجهودات المرأة”، مشيرة إلى أن “الفصل ما بين الولاية القانونية والحضانة يشكل عراقيل للنساء في تربيتهن لأطفالهن فيما يتعلق بشؤونهم المالية والإدارية وسفر المحضون”، مطالبة بـ”ولاية مشتركة بين الزوجين، وعدم الفصل ما بين الولاية والحضانة، بل من يملك الأخيرة له الحق في الأولى”، و”الحضانة المشتركة بين الزوجين أو لأحدهما بحسب ما تمليه المصلحة الفضلى للطفل”.
وتحدثت موحيا أيضا عن ضرورة تطبيق “مبدأ المساواة بين الرجال والنساء بعد الطلاق، وأن لا يكون الزواج عذرا لإسقاط الحق في الحضانة عن المرأة، مع عدم التمييز فيما يتعلق بالنسب والبنوة فيما يتعلق بأثرهما على الأبوين البيولوجيين، والنسب هو من حق الأطفال مهما كانت الوضعية العائلية للأبوين، سواء ولادة في إطار الزواج أم لا، وأن تطبق الخبرة الجينية في جميع دعاوى النسب وأن تكون مرجعا في إثبات النسب”.
وفيما يتعلق بقضايا الإرث، تحدثت موحيا عن ضرورة تطبيق “المساواة في نظام الإرث، وأن يكون انتقال التركة مبنيا على المساواة والعدل، وليس فيها تمييز بسبب الجنس أو الدين، مع الأخذ بالوصية واحترام إرادة الشخص في حال قرر كيفية التصرف في تركته، ناهيك عن إلغاء نظام التعصيب لما له من مآسي في تشريد العائلات والأسر وغيرها”.
وقالت موحيا في هذا الصدد: “ليس لنا مشكل مع الاجتهاد الفقهي أو إعمال مقاصد الشريعة الإسلامية، ولكن، وبما أن هذه المقاصد تروم تحقيق العدل والإنصاف وتكريم الإنسان، فحينما تنتفي هذه المقاصد يجب البحث عن أحكام جديدة وبدائل أخرى تأخذ بالسياق الحالي وتطور المجتمع ومكانة النساء”، مطالبة في هذا الخصوص بـ”اجتهاد فقهي حي ومبني على مستلزمات هذا العصر”.
من جانبها، قالت عاطفة تمجدين، عضو “التنسيقية النسائية من أجل التغيير الشامل والعميق لمدونة الأسرة”: “كانت جلسة مثمرة على عدة مستويات، مكنتنا من تقديم مطالبنا بكل وضوح، تحدثنا فيها عن مطالبنا في علاقة بالثغرات التي عرفتها المدونة والكثير من المواد التي فيها تمييز وتكريس لدونية النساء”.
وأضافت تمجدين في تصريح لهسبريس: “هنالك مطالب تتعلق بالزواج الذي يجب أن يكون تحت الرعاية والمسؤولية المشتركة للزوجين، باعتبار أن النساء يعملن في العمل المنزلي أو في الخارج فهن مساهمات في الميزانية العامة وكل شيء، وأخرى تتعلق باقتسام الممتلكات من الضروري التنصيص عليها في عقد الزواج حتى لا تعاني النساء هشاشة في حالات الطلاق، مع عدم اعتبار الصداق شرطا من شروط الزواج”.
وتحدثت تمجدين عن مطالب تتعلق بـ”الولاية القانونية التي يجب أن تكون مشتركة ما بين الأم والأب، مع إلغاء تزويج الطفلات”، معلقة عن موضوع الإرث بالقول: “فتحنا ملف الإرث كجمعيات نسائية منذ سنين وقمنا بدراسات بينت أن الواقع اليومي يظهر ارتفاع حالات البيع أو الصدقة أو الهبة، ما يخلق أزمة في المجتمع”.
وشددت على أن “المدونة تشرع للأسرة الصغيرة، وحينما نصل إلى الإرث تشرع للأسرة الممتدة التي تغيب في زمننا الحالي، وبالتالي وجب إلغاء التعصيب حتى لا يكون تمييزا بين النساء والرجال”.
المصدر: وكالات