تنظيم “القاعدة” الإرهابي يقرب سيف العدل المصري من خلافة الظواهري

بالكاد تجاوزت أنباء مقتل الإرهابي البارز أيمن الظواهري شريط الأخبار على شاشات التلفزيون حتى بدأ النقاش حول خلفاء محتملين لقيادة تنظيم القاعدة.

ولا يزال التنظيم الإرهابي دون زعيم منذ هجوم الطائرات المسيرة الأمريكية قبل حوالي أربعة أسابيع، والذي قُتل فيه الظواهري، البالغ من العمر 71 عاما، في إحدى الشرفات في العاصمة الأفغانية كابول. فمن سيكون الزعيم الجديد للتنظيم الذي أسسه أسامة بن لادن؟ وإلى أي اتجاه سيقودها؟

يعتبر المصري، الذي يحمل الاسم الحركي “سيف العدل”، من أبرز المرشحين الواعدين لخلافة الظواهري. يُرجح أنه يبلغ من العمر 60 عاما تقريبا، وبفضل خبرته العسكرية والإرهابية، يُعتبر تقريبا من قدامى المحاربين في “الجهاد الدولي”. صنفه مكتب التحقيقات الاتحادي الأمريكي كواحد من أكثر الإرهابيين المطلوبين في العالم بمكافأة تبلغ قيمتها 10 ملايين دولار.

كتب علي صوفان، العميل السابق في مكتب التحقيقات الاتحادي الأمريكي والخبير في مجال مكافحة الإرهاب، أن قصة حياة سيف العدل – أو ما هو معروف عنها – تبدو أشبه بـ”رواية صعلوكية جهادية”.

وأوضح صوفان أن سيف العدل أوهم وكالات الاستخبارات الأجنبية بموته منذ شبابه وجعلها تعتقد أنه شخص آخر تماما.

وحسب صوفان، ليس معروفا سوى ثلاث صور تُظهر شكل سيف العدل الحقيقي بوجهه النحيف ونظرته الفارغة إلى حد ما. ويُعتقد أن اسمه الحقيقي هو محمد زيدان.

من المرجح أن سيف العدل اكتسب خبرة في التعامل مع المتفجرات والنشاط الاستخباراتي، خلال التحاقه بوحدة خاصة بالجيش المصري. ويُشتبه في أنه سافر، في نهاية ثمانينيات القرن الماضي، إلى أفغانستان لمحاربة الاحتلال السوفيتي. في الوقت نفسه تقريبا تم تأسيس تنظيم القاعدة هناك في المنطقة الحدودية مع باكستان.

قال إسفنديار مير، الخبير بـ”معهد الولايات المتحدة للسلام”، إن هذه الحقبة في أفغانستان “غامضة للغاية”، مضيفا في المقابل إلى أن هناك العديد من المؤشرات التي تدل على أن سيف العدل كان في البلاد في أغلب فترة التسعينيات.

وسرعان ما صعد سيف العدل إلى المرتبة الثانية في قيادة التنظيم بعد أسامة بن لادن، وقاد التدريبات في معسكر أفغاني، وأسس معسكرات أخرى في السودان والصومال، ووضع في اليمن الأساس لفرع تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية.

ويتردد أن بن لادن، الذي قُتل على يد وحدة من القوات الأمريكية الخاصة في باكستان عام 2011، لم يثق في أحد أكثر من سيف العدل عندما كان يتعلق الأمر بسلامته.

وبصفته المُخطِط الرئيسي شارك سيف العدل في تنفيذ اثنتين من كبريات هجمات القاعدة: الأولى في شرق إفريقيا على سفارتين أمريكيتين، حيث أسفر الهجوم عن مقتل أكثر من 200 شخص عام 1998، والثانية على المدمرة الأمريكية كول حيث قُتل 17 جنديا أمريكيا عام 2000. وبعد هجمات 11 شتنبر 2001 وغزو القوات الأمريكية لأفغانستان، تولى سيف العدل قيادة الدفاع عن قندهار. وكتب صوفان: “أثبت [سيف العدل] هناك أنه قائد عسكري شديد المراس وواسع الحيلة”.

وحسب الخبير مير، هرب سيف العدل بعد ذلك إلى إيران، حيث أمضى معظم العقد التالي تحت الإقامة الجبرية في طهران قبل إطلاق سراحه في صفقة تبادل أسرى عام 2010.

ووفقا لإدموند فيتون-براون، رئيس فريق خبراء تابع للأمم المتحدة متخصص بشؤون مكافحة القاعدة، فإنه من المرجح أن المصري لا يزال موجودا في إيران. كما من المرجح أيضا أن المغربي “عبد الرحمن المغربي” مقيم هناك. وبصفته مديرا لأهم منبر إعلامي للقاعدة، فإن المغربي مرشح محتمل أيضا لشغل المنصب الأعلى الشاغر في التنظيم.

ويعتبر تنظيم القاعدة في الوقت الحالي أقل خطورة من تنظيم داعش، حيث جاء في تقرير خبراء في الأمم المتحدة في يوليوز الماضي: “لا يُنظَر إلى القاعدة على أنها تهديد دولي مباشر من ملاذها في أفغانستان”. وأشار التقرير إلى أن التنظيم يفتقر إلى “القدرة على تنفيذ عمليات خارجية”.

وأضاف التقرير أن تنفيذ التنظيم لهجمات خارج أفغانستان غير مرجح، كما أن التنظيم لا يريد أن يتسبب في مشكلات لطالبان التي تحكم البلاد حاليا.

وأورد التقرير أن هدف التنظيم، في النهاية، هو أن يُنظر إليه مرة أخرى على أنه “زعيم الجهاد العالمي”.

قد يتحقق هذا الهدف تحت قيادة زعيم يدعى سيف العدل – بشرط أن يتمكن من مغادرة إيران من الأساس أو من إدارة التنظيم من هناك.

قال فيتون-براون: “إيران قد لا تسمح له بالمغادرة وإثارة الغضب بالقاعدة في أماكن أخرى”. وكانت إيران قد آوت جزئيا أعضاء من القاعدة قبل هجمات الحادي عشر من شتنبر.

وتعتبر القاعدة اليوم أقوى بكثير مما كانت عليه وقت هجمات الحادي عشر من شتنبر قبل عشرين عاما. وحسب تقرير الأمم المتحدة، فإنه على الرغم من عدم امتلاك التنظيم – مثل داعش – سوى موارد محدودة لتنفيذ هجمات في أوروبا على سبيل المثال وفي ظل تراجع هجمات “الذئاب المنفردة”، تضم القاعدة – بناء على تقديرات ترجع إلى العام الماضي – ما بين 30 ألفا إلى 40 ألف عضو في جميع أنحاء العالم، ولها فروع في الشرق الأدنى وجنوب آسيا وشبه الجزيرة العربية وبعض أخطرها في إفريقيا.