تستعد المقاهي، الأربعاء المقبل، لاستقبال المغاربة ممن سيتابعون مباراة المنتخب الوطني لكرة القدم ضد نظيره التنزاني بمدينة سان بيدرو الإيفوارية، في إطار فعاليات بطولة كأس الأمم الإفريقية للعبة ذاتها التي قُص شريطها السبت الماضي.
وعلى غرار ما حدث في آخر مونديال، من المنتظر أن تحج الإناث بدورهن إلى المقاهي سعيا منهن إلى تحقيق الفرجة ومساندة العناصر الوطنية من وراء الشاشات؛ غير أنهن هذه المرة يراهن على تجاوز النقاش الافتراضي السابق الذي “منح أولوية الحضور إلى المقاهي لفائدة الرجال فقط”.
ووفق ما عاينته هسبريس، راجت في الوقت الحالي، ولو بشكل “طفيف”، بمواقع التواصل الاجتماعي، مجموعة من المناشير والصور التي تضفي نوعا من السخرية على الحضور المرتقب للنساء بالمقاهي خلال المناسبة القارية الحالية.
وأكدت فاعلات نسويات، ممن تحدثن إلى جريدة هسبريس الإلكترونية، على “ضرورة القطع مع التصور النمطي بخصوص من له الأولوية في ارتياد المقاهي”، مشددات على أن “هذه الفضاءات تبقى للجميع، رجالا ونساء، في إطار نوع من دمقرطة الفرجة”.
المقاهي للجميع
في هذا الصدد، قالت أمينة التوبالي، باحثة في قضايا المرأة، إن “المنشورات المتداولة في مثل هذه المناسبات تنم عن أفكار نمطية ومتجاوزة تجاه النساء المغربيات، كما تحمل كذلك نوعا من العنف الرمزي تجاههن؛ فالمقاهي تبقى للجميع، ذكورا وإناثا، فمن حق النساء تتبع كل الرياضات بل أيضا ممارساتها بمختلف أشكالها”.
وأضافت التوبالي، في حديثها إلى جريدة هسبريس الإلكترونية، أن “المنتخب الوطني المغربي لا يمثل جنسا بعينه، أو فئة بعينها، وإنما مجتمعا ووطنا بكامله. ولذلك، يبقى تشجيعه من حق الجميع، ذكورا وإناثا، سواء بالمقاهي أو مدرجات الملاعب”، موضحة أن “النساء المغربيات أسهمن في تشجيع العناصر الوطنية، خلال مونديال قطر الماضي”.
وشددت المتحدثة ذاتها على “ضرورة القطع مع هذا التصور الذي يجعل الأولوية الكاملة في ارتياد المقاهي للرجال وحدهم دون النساء”، مبرزة أن “التخوف الأكبر هو تحول هذه التصورات والمنشورات إلى رد فعل سلبي تجاه الإناث بالفضاءات العمومية؛ فوقتها، سيكون الأمر بمثابة تحريض من شأنه المساهمة في توسيع دائرة التمييز ضد النساء والمس بحريتهن في استغلال هذه الفضاءات وخلق الوصاية عليهن”.
في الحاجة إلى “تغيير العقليات”
من جهتها، قالت نجية تزروت، رئيسة شبكة “الرابطة إنجاد ضد عنف النوع” وعضوة المكتب التنفيذي لفيدرالية رابطة حقوق النساء، إن “النساء المغربيات عموما تعوّدن على مثل هذه الخرجات والتي تستهدف حريتهن في الولوج إلى الفضاءات العمومية في مثل هذه المناسبات”، موضحة أن “مثل هذه المنشورات والتعابير مجانية في عمقها، ولا يمكنها أن تغير شيئا على أرض الواقع”.
وأضافت تزروت، في حديثها إلى جريدة هسبريس الإلكترونية، أن “هذه الخرجات والمنشورات تنبه إلى ضرورة العمل على تغيير العقليات من خلال البرامج المدرسية، عبر التنصيص على ثقافة المساواة والعيش المشترك والحق في الفضاء العمومي المشترك؛ فلِلمغاربة بِرُمتهم الحق في الولوج إلى الفضاءات العمومية”.
وأوضحت المتحدثة ذاتها أن “مسألة حضور النساء لتشجيع المنتخب الوطني في الفضاءات العامة قد تم الحسم فيها، إذ بينت النسخة الأخيرة من المونديال مدى ولع النساء المغربيات بكرة القدم”، موردة أن “استضافة الملك محمد السادس للاعبي المنتخب المغربي رفقة أمهاتهم حمل أكثر من رسالة”.
*صحفي متدرب
المصدر: وكالات