أصدر 30 خبيرا وباحثا في مجال الماء، مؤخرا، كتابا أبيض دقوا فيه ناقوس الخطر حول أزمة الماء في المغرب، مستندين إلى إحصائيات ودراسات تثبت تواصل تسجيل عجز وصفوه بـ”المخيف” على مستوى المياه الجوفية والسطحية معا.
“المجموعة الفرعية للماء”، المكونة من خريجي معهد الحسن الثاني للزراعة والبيطرة بالرباط، التي تم تأسيسها في سنة 2018، بدأت البحث في الأزمة المائية المغربية قبل سنتين، لخصته في الكتاب الذي اختارت له عنوان “من أجل تدبير مستدام لضمان الأمن المائي ببلادنا”.
في هذا السياق، قال أحمد الهوتي، خبير في الهندسة القروية أحد أعضاء “المجموعة الفرعية للماء”، إن إصدار هذا الكتاب جاء بعد فتح نقاش صريح حول إشكاليات الماء ببلادنا خلال لقاءات عدة، عمومية وخاصة، حضرها مختصون وخبراء في الميدان.
وأضاف الهوتي، ضمن تصريح لهسبريس، أن وقت صدور الكتاب تزامن مع الخطاب الملكي في افتتاح دورة البرلمان الحالية، الذي خصص حيزا مهما منه لطرح إشكاليات المياه ببلادنا وتحدياتها المستقبلية، وحث فيه على وضع استراتيجية فعالة لتدبير العرض والطلب.
وأكد المهندس الزراعي ذاته أن الكتاب يشخص وضعية الماء في المغرب ويطرح حلولا للأزمة في أربعة محاور، من بينها تحليل مسببات العجز المائي الذي أصبح هيكليا ويتفاقم مع تقلبات المناخ، مشيرا إلى أنه تم رصد مؤشرات مقلقة في هذا الباب؛ إذ يلاحظ أن عجز التساقطات المطرية في الستين سنة الأخيرة وصل إلى 20 في المائة، وقد يتطور إلى 35 في المائة في أفق سنة 2050.
كما لوحظ، وفق الهوتي، أنه قبل سنة 1980، عاش المغرب سنة جفاف واحدة خلال 11 سنة، بينما عاش 5 سنوات جفاف خلال الإحدى عشر سنة الأخيرة، في حين يعرف الموسم الحالي (2021-2022) جفافا لم يسبق أن عرفه أحد من سابقيه؛ إذ وصل عجز التساقطات إلى 50 في المائة من المعدل السنوي.
المحور الثاني من الكتاب الأبيض، وفق المتحدث ذاته، يشخص وضعية المياه المخزونة (السدود)؛ إذ لوحظ استمرار تراجع مخزون المياه السطحية سنة بعد سنة، موازاة مع استنزاف الموارد المائية الجوفية، حيث يتراجع مستوى الفرشات المائية بحوالي متر واحد في السنة.
وأوصى مؤلفو الكتاب بالأخذ بعين الاعتبار في كل استراتيجية وبرنامج تنموي أن الجفاف ظاهرة هيكلية، وليست ظاهرة عابرة أو موسمية، وإحداث مرصد وطني لتجميع المعلومات المتعلقة بالماء والمناخ ووضعها رهن إشارة الباحثين وإعطاء أهمية قصوى للبحث العلمي المتعلق بهما، وعقلنة استغلال المياه الجوفية، ومحاربة مستغلي هذه المادة بطريقة غير معقلنة، ثم تشجيع تخزين مياه الأمطار، وإرساء حكامة جيدة لتدبير المياه مع وضع آليات فعالة للمراقبة.
وعلى الرغم من إشادة الباحثين بالمجهودات التي بذلت في تعبئة المياه السطحية، إلا أنهم نبهوا إلى أن هذا التوجه المرتكز على تنمية العرض وحده قد بلغ محدوديته، وأوصوا بالاهتمام بتدبير الطلب والعرض في آن واحد.
المصدر: وكالات