عرفت حقينة السدود في المناطق التي عمتها تساقطات مطرية، خلال الأيام الأخيرة، تحسنا ملموسا بنسبة قاربت 2 في المائة، مكن من وصول النسبة العامة لملء السدود، إلى غاية أمس الاثنين، إلى 25.06 في المائة، بعدما نزلت النسبة، خلال بداية السنة الجارية إلى 23.14 في المائة.
وبالموازاة مع التساقطات المطرية، يُتوقع أن تشهد المملكة تساقطات ثلجية بسُمك يتراوح ما بين 20 إلى 25 سنتمترا، على المرتفعات التي يتجاوز علوها 1300 متر، بين أمس الاثنين واليوم الثلاثاء؛ ما سينعكس، إيجابا، على الفرشة المائية. فهل ستشكل هذه التطورات المناخية عاملا محفزا لمراجعة بعض القرارات التي اتخذتها السلطات بشأن تدبير المياه؛ مثل إغلاق الحمامات لمدة ثلاثة أيام في الأسبوع؟
استبعد محمد بنعبو، الخبير في المناخ والتنمية المستدامة، أن تتراجع السلطات عن التدابير ذات الطابع الاستعجالي التي اتخذتها؛ “لأن كمية واردات المياه المسجلة خلال هذه السنة تظل قليلة مقارنة مع العجز في التساقطات المطرية المسجل إلى غاية يناير، والذي بلغ 70 في المائة”.
وعمّق العجز في التساقطات المطرية خلال السنة الهيدروليجية الحالية أزمة الإجهاد المائي الذي يعاني منه المغرب نتيجة الجفاف المتواصل للسنة السادسة على التوالي، حيث تواصل تدهور حقينة السدود بشكل متسارع، ليستقر عند 23.2 في المائة بتاريخ 19 يناير، مقابل 31.5 في المائة خلال التاريخ نفسه من سنة 2022.
وبالرغم من تحسن حقينة السدود خلال شهر فبراير الجاري، بنسبة حوالي 2 في المائة، فإن العجز المسجل في جميع الأحواض المائية، بنسب متفاوتة، “يجعل من الإجراءات التي اتخذتها السلطات إجراءات استباقية أكثر منها استعجالية، من أجل ضمان استدامة الموارد المائية وتحسيس المواطنين بأننا في وضعية حساسة”، أوضح بنعبو.
وفي الوقت الذي قُوبلت فيه الإجراءات التي اتخذتها السلطات بردود فعل غير مرحبة، كما هو الحال بالنسبة لأرباب الحمامات العمومية، اعتبر بنعبو، في تصريح لهسبريس، أن هذه الإجراءات “لها ما يبررها؛ لأننا بحاجة إلى استقبال كميات كبيرة من المياه، والحفاظ على الموارد المتوفرة”، لافتا إلى أن الإجراءات المتخذة لم تشمل قطاعا معينا، بل طالت قطاعات أخرى، كالفلاحة، حيث صدرت قرارات بمنع زراعة المنتجات الفلاحية المستنزفة للمياه، كالبطيخ الأحمر، إضافة إلى منع سقي الحدائق…
ويُقدر حجم المياه السطحية في المغرب بـ18 مليار متر مكعب؛ غير أن سنوات الجفاف المتتالية أفقدت سدود المملكة ما يزيد على ثلاثة أرباع حمولتها، إذ لم يعد بها سوى 3.7 مليارات متر مكعب، مع اختلاف في نسبة الملء بين السدود، بينما تراجعت الفرشة المائية (المياه الجوفية) بدورها بشكل كبير.
ولئن كانت الوضعية المائية في المغرب حاليا مقلقة، فإن الخبير في المناخ والتنمية المستدامة سجل أن المملكة لن تعيش وضعية مماثلة خلال السنوات المقبلة، بفضل الجهود المبذولة من لدن الدولة لضمان الأمن المائي عن طريق حلول جديدة كتحلية مياه البحر.
وأوضح بنعبو أن انخراط المغرب في بناء عدد من محطات تحلية مياه البحر وتشييد سدود كبرى سيضمن وفْرة في المياه، حيث ستمكن محطات التحلية من تقليص المياه السطحية المستعملة، من جهة، والرفع من حجمها لتصل إلى 27 مليار متر مكعب من جهة ثانية بفضل السدود الجديدة، معتبرا أن الوضعية الحرجة التي يمر منها المغرب حاليا “لن تتكرر مستقبلا؛ لأننا دخلنا في مرحلة جديدة من حكامة تدبير الموارد المائية”.
وأردف المتحدث ذاته “أن الظرفية الحالية تقتضي الحكامة والشفافية، كما دعا إلى ذلك جلالة الملك. وبالنسبة لسيناريوهات السنوات المقبلة، فستكون الوضعية المائية أفضل من الوضعية الحالية”، وفق تعبير الخبير في المناخ والتنمية المستدامة.
المصدر: وكالات