رغم تأكيد وزير التجهيز والماء أن وضعية الموارد المائية بالمغرب قد تحسنت-عموما-في الظرف الراهن مقارنة مع الأشهر السابقة، تبعا للتساقطات المطرية والثلجية الأخيرة، إلا أنه لم يُخْف إقرارا رسميا بأنها مازالت دون مستوى السنة الماضية في الفترة نفسها.
وتطابق حديث نزار بركة خلال جوابه بمجلس النواب،ب داية الأسبوع الجاري، مع ما رصدته قبل يومين حركة “مغرب البيئة 2050” التي أعلنت عدم تمكن الأمطار والثلوج الأخيرة من “زيادة الرصيد المائي” الحالي للمغرب، واصفة إياه بأنه “ما زال ضعيفا جدا، على الرغم من التساقطات الثلجية المباركة بالكثير من المناطق الجبلية”.
وأكد المسؤول الحكومي ذاته في معرض جوابه عن سؤال حول “الآثار البيئية لمحطات تحلية مياه البحر”، خلال الجلسة ذاتها، “صواب” توجه المغرب نحو تسريع إنجاز مشاريع محطات “تحلية مياه البحر” وأخرى لمعالجة المياه العادمة، واصفا هذا الاختيار بـ”الضروري، في سياق مواكبة التطور التنموي للبلاد وتزايد الحاجيات، ما يستوجب تأمين عرض مائي في المستوى المطلوب”.
وأبانت مؤشرات الوضع اليومي لأبرز السدود الرئيسية بالمملكة انتعاشا نسبيا في حقينتها، وفق النشرة اليومية الصادرة عن الوزارة الوصية.
وفقا لما اطلعت عليه هسبريس، فإن نسبة الملء الإجمالي المسجلة إلى حدود الثلاثاء 7 فبراير 2023، بلغت 31.8 بالمائة، بسعة إجمالية وطنية مقدرة بـ5 مليارات و132 مليون متر مكعب (مقابل 5 مليارات و439 مليون متر مكعب عاما قبل ذلك).
وجدّد بركة التأكيد، أمام نواب الأمة، تسريع التفاوض مع الشركات التي تقدمت لمشروع تحلية المياه بالدار البيضاء، لافتا إلى تقدم الدراسات بكل من الناظور والصويرة وكلميم وتزنيت وأرفود، مع “الشروع الفعلي في برنامج التحلية خلال السنة الجارية، ما يضمن تنويع مصادر المياه، سواء المخصصة للري الفلاحي أو تلك الموجهة لاستهلاك المواطنين.
وشدد المسؤول الحكومي الوصي على قطاع الماء على “أهمية تحديد المواقع الأمثل لإنشاء محطات تحلية مياه البحر”، و”ضرورة احترام التصميم المثالي لمآخذ ومنافذ المياه المالحة، تفاديا للتأثير السلبي المحتمل لإحداث هذه المحطات”.
خيار استراتيجي
أكد محمد بنعبو، المهندس البيئي الخبير في شؤون المناخ والماء، أن “مشاريع تحلية مياه البحر تكتسي طابع الخيار الاستراتيجي بهدف الاستعداد لجميع السيناريوهات في بلاد تسعى لتغطية العجز المائي وطالما حذرتها تقارير دولية من ضغط الإجهاد المائي في أفق 2030، منها تقرير البنك الدولي”.
ولم يفوّت بنعبو، في تصريح لهسبريس، التنبيه مجددا إلى أن “الأمن المائي لا يمكن فصله عن تزايد حدة التغيرات المناخية التي قد تخفض من حصة الفرد السنوية من الماء من 600 متر مكعب سنويا إلى مستوى الندرة المطلقة للمياه المحدد في عتبة 500 متر مكعب”.
وعن دواعي تسريع المغرب لإنشاء محطات تحلية مياه البحر، قال الخبير ذاته إن أسُسَها تتمثل في “تحديد المعيار الأهم الذي هو عدم اكتفاء بعض المناطق من حاجياتها عبر مياه السدود أو عدم تغطية مخزوناتها لسد حاجيات السقي الفلاحي بما يضمن الأمن الغذائي أيضاً”، مثيرا أهمية “المحيط البيئي في مراعاة المكونات البيولوجية وباقي عناصر المنظومة الإيكولوجية”.
واستحضر بنعبو، في حديثه مع هسبريس، إمكانية تكرار سيناريو نجاح “مشروع الشراكة بين القطاعين العام والخاص الذي أثمر بناء وحدة لتحلية مياه البحر بغرض سقي 15 ألف هكتار من البواكر لفائدة 1500 فلاح في سهل اشتوكة”، مؤكدا أن محطة التحلية بأكادير ساهمت في الحفاظ على الفرشة المائية المهددة بالتوغل البحري، وتأمين الري في هذه المنطقة عن طريق تحلية مياه البحر بدلاً من استعمال المياه الجوفية، وتأمين تزويد ساكنة أكادير الكبير (مليونا و600 ألف نسمة) بالماء الصالح للشرب”.
ورغم أن “تكلفة التحلية لكل متر مكعب تصل إلى 10 دراهم”، وفق بنعبو، إلّا أنه أشاد بما حققته “أكبر محطة على صعيد القارة ومنطقة البحر الأبيض وشمال إفريقيا”، لاسيما أنها محطات من الجيل الجديد “تُدمج مقاربة الطاقات النظيفة، خاصة الريحية، في إنتاج وتوزيع المياه، بما يقلل من بصمتها الكربونية”.
وأفاد الخبير المائي بأن “نسبة الملء في الحوض المائي سوس ماسة بلغت 17 في المائة، كما أن الوضع كان سيكون أكثر مأساوية لولا محطة تحلية مياه البحر التي استبقت وقوع المغرب في متوالية من سنوات الجفاف”.
أما بخصوص معالجة المياه العادمة، فإن المحطات المرتقب إنجازها، حسب ما أعلن عنه الوزير بركة، تستهدف “سقي الفضاءات الخضراء والملاعب والحدائق للحفاظ على المياه الصالحة للشرب”، وهو ما نوه به المتحدث ذاته في أفق بلوغ طموح المغرب مليار متر مكعب من المياه العادمة المعالجة بحلول 2030 ضمن “المخطط الوطني للتطهير السائل المندمج”، مؤكدا وجود 159 محطة للمعالجة حاليا.
المصدر: وكالات