دلالات كبرى تلك التي تنطوي عليها الزيارة التي يجريها عبد اللطيف حموشي، المدير العام للأمن الوطني ولمراقبة التراب الوطني، إلى المملكة العربية السعودية، تزامنا مع تنظيم فعاليات المؤتمر العالمي للدفاع ما بين 04 و08 فبراير الجاري.
وتأتي هذه الزيارة بعد تلقي حموشي دعوة من رئيس جهاز أمن الدولة السعودي، الفريق أول عبد العزيز بن محمد الهويريني؛ وتم خلالها الاطلاع على ما تضمنته أروقة المعرض الدولي للصناعات الدفاعية والأمنية، إلى جانب الاطلاع على سائر الحلول التكنولوجية المبتكرة في مجال الأمن والدفاع، مع التباحث حول التعاون المغربي السعودي في هذا الإطار وطرق تقويته، خصوصا أن الجانبين سبق أن وقعا العام الماضي على اتفاقية تعاون في مجالات مكافحة الإرهاب وتمويله.
وأكد مراقبون تحدثوا إلى هسبريس أن “هذه الزيارة تبين بشكل جلي مدى تأثير التجربة المغربية في مجالات الأمن ومكافحة الإرهاب والجريمة المنظمة على المستويين الإقليمي والدولي، فضلا عن كونها توضح من جهة ثانية اتخاذ الدول الخليجية المغرب شريكا إستراتيجيا في هذا الإطار”.
تحصيل حاصل
البراق شادي عبد السلام، خبير دولي في إدارة الأزمات وتدبير الكوارث وتحليل الصراع، قال إن “الزيارة تندرج في إطار التنسيق الأمني المغربي السعودي، الذي يعد من ثوابت العلاقات الثنائية التي تجمع المغرب والسعودية منذ عقود”، مردفا: “يعرف هذا الملف اليوم عملا رائدا تعكسه المجهودات التي يقوم بها عبد اللطيف الحموشي للتطبيق السليم للرؤية الملكية المتبصرة لترسيخ الشراكة الإستراتيجية الأمنية بين المؤسستين الأمنيتين المغربية والسعودية”.
وأضاف البراق، في تصريح لهسبريس، أن “هذه الزيارة تأتي كذلك في إطار الجهود العربية لتعزيز التنسيق في ظل التهديدات المشتركة الكبرى التي تواجه المنطقة، كالإرهاب والجريمة العابرة للقارات والدول، ففي هذا السياق يُعد عبد اللطيف الحموشي عضوا فاعلا في التشكيل الجديد للمجلس الأعلى لجامعة نايف العربية للعلوم الأمنية، الذي تم إقراره خلال الاجتماع السنوي للمجلس في دورته التاسعة والأربعين”.
وأشار المتحدث ذاته إلى أن “المغرب يضع من خلال تفعيله مبدأ الدبلوماسية الأمنية العامل الأمني في موقعه الإستراتيجي كأحد أهم عناصر قوة مقاربة المملكة لشراكاتها مع دول العالم، إذ تحولت بفعل الفهم الدقيق لطبيعة الإشكالات التي تواجه الأمن البشري بمفهومه الشمولي في مجاله الوطني والإقليمي والعالمي إلى إستراتيجية واعدة، تعتمد على ربط الأمن القومي للمملكة مع محيطها الجيو-سياسي”.
وأكد الخبير الدولي أن “المغرب عمل على ضمان تموقع رائد في الخريطة الأمنية العالمية بشكل جعل من التجربة المغربية مرجعا إقليميا ودوليا للمقاربة الأمنية الفعالة والمتميزة بالنجاعة والحكامة، وهذا أدى بدوره إلى تحول المؤسسة الأمنية المغربية إلى نموذج يحظى بإشادة دولية من خلال عملها الجدي والاستباقي في مواجهة كل أنواع الجريمة، وبشكل خاص التهديدات الإرهابية والجريمة العابرة للقارات”.
تجربة أمنية رائدة
محمد شقير، الباحث في الشؤون الأمنية والعسكرية، قال إن “هذه الزيارة تأتي في سياق باتت فيه التجربة الأمنية المغربية نموذجية، سواء على الصعيد الإقليمي أو حتى القاري، ذلك أنها ساهمت في تشكيل مجموعة من الأجهزة الأمنية الخليجية، سواء بالإمارات أو قطر أو السعودية”.
وأضاف شقير، في تصريح لهسبريس، أن “تجربة المملكة المغربية في مكافحة الإرهاب والتطرف والجريمة العابرة للحدود أصبحت مطلوبة، بالنظر إلى التهديدات التي تعاني منها الدول في الوقت الراهن، سواء الأوروبية منها أو حتى الخليجية، وبالتالي فدعوة الحموشي من الجانب السعودي في هذا الصدد كانت متوقعة جدا”.
وأوضح المتحدث ذاته أن “الحديث عن التعاون الأمني بين المغرب والدول الخليجية يجب كذلك أن يراعي كون المملكة تقوم بمجموعة من الإعارات الأمنية إلى هذه الدول، سواء بالنسبة للدرك أو الشرطة، وبالتالي يظل المغرب شريكا موثوقا بالنسبة لها، على اعتبار أن تجربته كذلك في مجال مكافحة الإرهاب والتطرف تتحدث عنه”.
وأكد الباحث في الشؤون الأمنية والعسكرية أن “السعودية تحاول في هذ الإطار الاستفادة من التجربة الأمنية المغربية، على اعتبار أن الرياض تقع في منطقة جد حساسة على المستوى الأمني”، لافتا إلى أن “سمعة الحموشي بدورها تكون حاضرة في هذا النوع من الزيارات، على اعتبار أنه يحظى بسمعة جيدة، إقليما وحتى دوليا”.
المصدر: وكالات