عرفت بعض مدن المملكة، في الآونة الأخيرة، حوادث ذات طابع إجرامي يقف وراءها أشخاص يعملون في قطاع النقل بواسطة سيارات الأجرة. ففي مدينة الرباط، تورط مشتبه فيه كان يسوق سيارة أجرة من الصنف الصغير، في ساعة متأخرة من مساء الأحد المنصرم، في سرقة حقيبة ومتعلقات شخصية مملوكة لامرأة قام بإيصالها، قبل أن يحاول الفرار ويتسبب في ارتكاب حادثة سير، مصيبا ستة أشخاص بجروح كانوا يجلسون في باحة إحدى المقاهي. وبمدينة الدار البيضاء، تمكنت عناصر الشرطة بمنطقة أمن سيدي البرنوصي، السبت الماضي، من توقيف سائق سيارة أجرة يشتبه في تورطه في قضية تتعلق بالاحتجاز المقرون بالسرقة باستعمال العنف.
وقد أثار هذان الحادثان مطالب بانخراط السائقين في خدمات النقل الذكية، وبإعادة النظر في معايير وشروط منح رخصة الثقة، وضمان تكوين مهني جيد للسائق المهني بما يحمي حياة المواطنين المغاربة ومعها هذه المهنة أيضا.
سمير فرابي، الأمين العام للنقابة الديمقراطية للنقل، قال إن “وزارة الداخلية تتحمل جزءا من المسؤولية في مثل هذه الحوادث؛ ذلك أنها لا تشترط سوى مستوى السادس الابتدائي من أجل الحصول على رخصة الثقة، في حين أن باقي الوظائف والمهن تقتضي مستويات دراسية أعلى، وهو ما يستوجب اشتراط مستوى البكالوريا على الأقل للحصول هذه الرخصة من أجل ضمان امتهان واستقطاب فئة من الأشخاص المسؤولين أمام المواطنين وأمام المهنة أيضا”.
وحثّ فرابي، في تصريح لهسبريس، سائقي سيارات الأجرة وكذا المواطنين على “استعمال التطبيقات الذكية؛ ذلك أنها تُحصن السائق كما الزبون. وتضمن لهذا الأخير الاطلاع على جميع المعلومات والوثائق الرسمية للسائق”، مسجلا أن “المغرب ما زال متأخرا في هذا المجال مقارنة ببعض الدول، بما فيها الدول الإفريقية”.
ولفت الأمين العام للنقابة الديمقراطية للنقل إلى أن “بعض ملاك سيارات الأجرة يعمدون إلى تمكين سياراتهم لأشخاص لا يتوفرون أصلا على رخصة الثقة؛ ذلك أنهم يؤجرونها لهم بثمن مرتفع جدا مقارنة بالسائق المهني، وهذا ما يفرز مثل هذه الممارسات التي تضرب ثقة المواطنين في سيارات الأجرة”.
وخلص إلى أن “التكوين المهني الذي يتلقاه سائقو سيارات الأجرة غير كاف لإنتاج سائقين مسؤولين، وقد سبق أن أثرنا هذا الموضوع مع وزارة النقل التي تعهدت بمعالجة هذا الإشكال وبتشديد المراقبة على مراكز التكوين؛ ذلك أن بعض المراكز يكفي للسائق أن لا يحضر أصلا لهذا التكوين ويحصل رغم ذلك على البطاقة المهنية ورخصة الثقة نتيجة تدخل بعض السماسرة الذي يسهلون ذلك”.
هذا الإطار ذاته، قال بوعزة الخراطي، رئيس الجامعة المغربية لحقوق المستهلك إن “قطاع سيارات الأجرة بصفة عامة أصبح قطاعا فوضويا، حيث أصبح سائقو سيارات الأجرة يستندون إلى قوة التنظيمات النقابية التي ينتمون إليها من أجل التطاول على القانون وعلى المستهلك”.
وشدد الخراطي، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، إلى “ضرورة إعادة النظر في مجموعة من الأمور المرتبطة بهذا القطاع واعتماد التطبيقات الإلكترونية من أجل خلق منافسة شريفة لدفع سائقي سيارات الأجرة لتجويد الخدمات التي يقدمونها للمواطنين”.
ولفت رئيس الجامعة المغربية لحقوق المستهلك إلى أن “الحاجة أصبحت ملحة أكثر من أي وقت مضى أيضا لمراجعة طرق ومعايير منح رخص الثقة للسائقين؛ وذلك من خلال إسناد هذا الأمر إلى لجنة مختلطة ممثلة لكافة القطاعات الحكومية المعنية، مع إخضاع المتقدمين لطلب هذه الرخصة لاختبارات نفسية وبسيكولوجية عن طريق أطباء متخصصين لقياس قدراتهم العقلية لحماية المستهلك أولا، وتلافي وقوع مثل هذه الحوادث، ثم حماية هذه المهنة أيضا”.
المصدر: وكالات