بعد حُلولها بالمغرب أمس السبت، تجولت جيل بايدن، السيدة الأولى للولايات المتحدة الأميركية، اليوم الأحد، بالمدينة القديمة لمراكش حيث زارت بعض المواقع الأثرية رفقة عدد من المسؤولين المغاربة والأميركيين.
وسط أزقة المدينة العتيقة، ظهرت “مدام” بايدن مُنتعلة حذاءً رياضياً وفستاناً أحمر فاقعاً وتمشت إلى جانبها غيثة مزديد، وهي طبيبة متدربة شابة- خريجة كلية الطب بفاس، وصانعة محتوى على وسائل التواصل الاجتماعي، إضافة إلى سعد عبيد، مُؤسس جمعية “بحري”، وهو ناشط أيضاً على النت.
السيدة الأولى زارت في منتصف النهار مدرسة ابن يوسف، أحد أشهر المواقع الثقافية والتاريخية المهمة في المدينة، وقُدمت لها شروحات حول هذه المؤسسة، التي أحدثت عام 1565 كمركز للتربية والتعليم الإسلامي، وكانت بمثابة كلية دينية تستضيف الطلاب من مختلف أرجاء شمال أفريقيا وخارجها.
ومع حلولها في هذا الموقع السياحي كان في استقبالها وزير الشباب والثقافة والتواصل محمد المهدي بنسعيد، ووالي جهة مراكش- آسفي وعامل عمالة مراكش كريم قسي لحلو، ورئيسة المجلس الجماعي لمراكش فاطمة الزهراء المنصوري، ورئيس المجلس الجهوي سمير كودار.
الهندسة المعمارية للمدرسة شدت أنظار بايدن كثيراً، حيث كانت تستمع باهتمام بالغ إلى المُرشد السياحي، الذي حكى لها تاريخ هذه البناية، التي أُسست في عهد السعديين على يد السلطان عبد الله الغالب، وسُميت على اسم السلطان المريني أبي الحسن علي بن عثمان، المعروف أيضاً باسم ابن يوسف، الذي حكم في أوائل القرن الرابع عشر.
وتعكس الهندسة المعمارية لمدرسة ابن يوسف المهارة الحرفية المغربية الأندلسية، وقد خضعت لعملية ترميم واسعة النطاق للحفاظ على أهميتها المعمارية والتاريخية، وهي اليوم أحد أكثر الأماكن جذباً للسياح في مراكش.
دعم تمكين النساء
قامت بايدن بزيارة مقر جمعية “النخيل”، التي تدافع عن حقوق المرأة من خلال مركز لمكافحة العنف القائم على النوع الاجتماعي، والتدريب المهني للنساء المعرضات للخطر، وألقت كلمة أشادت فيها بزكية المريني مُؤسسة الجمعية عام 1998.
وقالت بايدن مخاطبةً المريني: “ما قمت به هنا ليس فقط إنقاذ حياة الناجيات عبر تقديم المشورة والتدريب على المهارات. أنت تساعدين أيضاً عدداً لا يحصى من المغاربة الذين لن تقابلينهم أبداً، لكن حياتهم أصبحت أفضل لأن هذه الجمعية عززت حقوق المرأة”.
ومنذ تأسيسها قدمت جمعية “النخيل” المشورة لأكثر من 19 ألف امرأة وأكثر من ألفي طفل عانوا من نوع من أنواع العنف، كما دعمت ما يقرب من 2000 قضية عنف على أساس النوع الاجتماعي في المحاكم، بتعاون مع جهات فاعلة أخرى مثل الأمن الوطني والقضاء ومقدمي الرعاية الصحية ووسائل الإعلام.
وأشارت بايدن إلى أنه بالنسبة للعديد من النساء عبر العالم يُعد مجرد رفع أصواتهن كفاحا، وزادت قائلةً: “عندما تكسب النساء المال فإنهن يستثمرنه في أسرهن، وعندما تتعلم المرأة فإنها تنقل حب التعلم إلى أطفالها. نصبح مرشدات ونساعد الآخرين على تحقيق النجاح أيضاً. نحن نخلق فرص عمل عندما تتمتع المرأة بالقدرة على المشاركة الكاملة في المجتمع، وهكذا نخلق أماكن أكثر أماناً واستقراراً للعيش”.
“النساء المتمكنات هُن دعم لمجتمعاتنا”، تقول بايدن، مشيرة إلى أن “بلادها تقف مع النساء في جميع أنحاء العالم، ولهذا استثمرت الوكالة الأميركية للتنمية الدولية في هذا المجال لتعزيز العلاقات بين الحكومات وبين الناس لجعل العالم أفضل للجميع”.
في 2016 خصصت الوكالة الأميركية للتنمية الدولية 500 ألف دولار لجمعية “النخيل” لتوسيع نطاق عملها كـ”منظمة دعم وسيط” تقوم بتوجيه منظمات المجتمع المدني الأخرى، وتعمل بشكل فعال مع الحكومة نيابة عن المواطنين. وفي عام 2020 استفادت من منحة إضافية بـ321 ألف دولار، مما مكنها من إحداث مطعم تضامني ومركز لتدريب الناجيات من العنف القائم على النوع الاجتماعي.
شراكة وصداقة طويلة الأمد
في كلمتها بمقر جمعية “النخيل”، أعربت جيل بايدن عن امتنانها للشراكة والصداقة التاريخية التي تربط بلادها بالمملكة، وقالت إن المغرب، تحت قيادة الملك محمد السادس، يُشجع الإصلاحات لتمكين النساء والشباب، وهذا ما يعكس الأولوية المشتركة للبلدين.
كما تحدثت السيدة الأولى عن لقائها بشقيقة الملك محمد السادس الأميرة لالة حسناء، التي كانت في استقبالها بالمطار لدى وصلها إلى المغرب، حيث أخبرتها الأميرة بما تقوم به لتعليم الأطفال والشباب حول أهمية حماية المناخ. وأشارت بايدن إلى أن “شغف الأميرة بعملها منحها إلهاماً وحماساً لأخذ قصتها إلى الولايات المتحدة الأميركية وبحث المزيد من الفرص للتعلم من بعضنا البعض لأن العالم مرتبط بطرق لا حد لها”.
حضر كلمة جيل بايدن بمقر جمعية “النخيل” السفير الأميركي بالرباط بونيت تالوار، ومحمد دردوري الوالي المنسق الوطني للمبادرة الوطنية للتنمية البشرية، إلى جانب أعضاء جمعية “النخيل” والفنانة المغربية منال بنشليخة.
المصدر: وكالات