رفضت أكثر من عشر جمعيات تضم ضحايا سجون البوليساريو إلى جانب هيئات أخرى متضامنة مع الضحايا، المباردة التي أطلقتها جبهة “البوليساريو” الانفصالية حول ما أسمته بـ”جبر الضرر”، واصفة إياها بـ”المناورة الرامية لمصادرة حقوق الضحايا وتكريس ظاهرة إفلات المتورطين في الانتهاكات من المحاسبة، وتملص السلطات الجزائرية من الالتزامات الملقاة على عاتقها، باعتبارها المعنية حصرا بتفعيل ولايتها القضائية على كامل ترابها الإقليمي”.
ونفى ممثلو ضحايا الانتهاكات المرتكبة في مخيمات تيندوف الموقعون على بيان باسم 14 جمعية ومنظمة منضوية في تنسيقية الهيئات المدافعة عن ضحايا سجون البوليساريو “تحقيق أي مصالحة مزعومة أو جبر للضرر الذي لحق سجون البوليساريو بجنوب غرب الجزائر، نظرا لغياب كافة شروط وعناصر التسويات القانونية أو حتى العرفية لتلك الجرائم المروعة التي ارتكبتها البوليساريو في حق الضحايا”، لتصف الجمعيات والمنظمات الموقعة على البيان المشترك الخطوة بكونها “سياسوية غرضها التحايل على حقوق الضحايا وتكريس إفلات الجلادين من المساءلة والعقاب”.
كما رفض الموقعون على البيان “مناورات البوليساريو الرامية إلى مصادرة حقوق الضحايا وتكريس ظاهرة إفلات المتورطين في الانتهاكات من المحاسبة، وتملص السلطات الجزائرية من الالتزامات الملقاة على عاتقها باعتبارها المعنية حصرا بتفعيل ولايتها القضائية على كمال ترابها الإقليمي”، ليطالبوا الدولة الجزائرية بـ”الاضطلاع بمسؤولياتها القانونية والأخلاقية حول إعمال القانون وتفعيل سلطاتها على مخيمات تيندوف، وتمكين كافة الضحايا من سبل التقاضي والانتصاف لدى القضاء الجزائري، لأجل ضمان تحقيق العدالة بخصوص جرائم ارتكبت داخل التراب الإقليمي الجزائري، وتورط فيها بعض السؤولين في أجهزتها الأمنية والعسكرية”.
وطالب البيان بـ”عزل كافة الجلادين المشتبه في تورطهم في الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان المرتكبة من طرف البوليساريو، خاصة الأسماء التي ورد ذكرها ضمن شهادات الضحايا المروعة، وتقديمهم للقضاء المستقل، حتى يتسنى إنجاح أي مسعى يروم معالجة ذلك الماضي المؤلم”. لينبه إلى تكريس الجبهة لـ”إفلات الجلادين والمشتبه في تورطهم في الانتهاكات، من خلال الإصرار على تكريمهم وحمايتهم وتوفير الحصانة لهم، عبر تبوؤهم المناصب القيادية في البوليساريو، وتوفرهم على جوازات السفر الدبلوماسية الجزائرية، فضلا عن تهريبهم بالأوراق الثبوتية الجزائرية بالهويات المزورة للخارج”.
الموقعون أثاروا في بيانهم “رفض البوليساريو الاعتراف الصريح والاعتذار للضحايا، والاكتفاء بتوصيف الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان بـالأخطاء”، ليخلصوا إلى ما وصفوه بـ”استخفاف البوليساريو الواضح بتبعات الجرائم المهولة المرتكبة في سجونها السرية بجنوب غرب الجزائر، ما يؤكد غياب أي إرادة حقيقية للمصالحة أو جبر الضرر”.
وأكد البيان على “مسؤولية الدولة الجزائرية الثابتة حول حماية اللاجئين والمقيمين الأجانب المتواجدين داخل ترابها الإقليمي، مشيرا إلى “ورود أسماء لمسؤولين عسكريين جزائريين في عديد الشهادات، باعتبارهم متورطين في الانتهاكات التي لحقت الضحايا، ليخلص إلى “ضرورة تفعيل الولاية القضائية الجزائرية على مخيمات تيندوف، وضمان سبل التقاضي والانتصاف أمام المؤسسات القضائية والحقوقية الجزائرية لقاطني تلك المخيمات”.
وأكدت الجمعيات والمنظمات الموقعة على البيان على “المسؤولية السياسية للبوليساريو، باعتبارها تنظيم رعى تلك الانتهاكات، من خلال الصلاحيات والمسؤوليات المخولة داخله”، ما يفرض بحسب الموقعين “ضرورة حظر البوليساريو وتجريم الترويج لها، على غرار التنظيمات السياسية التي تورطت في جرائم مماثلة، من قبيل الحزب النازي في ألمانيا، الخمير الحمر في كمبوديا، حزب البعث في العراق ونظام الأبارتايد في جنوب إفريقيا…”.
وطالبت هيئات الضحايا الموقعة على البيان، البوليساريو بـ”الكف عن الاستهداف الدعائي الممنهج للضحايا، والعدول عن خطابها الإقصائي في حقهم، والتهييء لحوار جاد وبناء مع الضحايا ومع الهيئات الحقوقية التي تمثلهم وتهتم بقضيتهم، حتى يتسنى التأسيس لمبادرة تشاركية تساهم في معالجة تبعات الانتهاكات الجسيمة المرتكبة في مخيمات تيندوف بجنوب غرب الجزائر”.
وأشار الموقعون على البيان إلى “اقتصار عرض البوليساريو لجبر الضرر على المنضوين في تنظيمها والمؤيدين لطرحها السياسي، في تمييع جلي لمفاهيم المصالحة وجبر الضرر”، ليؤكدوا على ضرورة “الابتعاد عن أي شكل من أشكال التسييس لهكذا مبادرات، باعتبار كونية قيم حقوق الإنسان”، ليشيروا إلى أن “الأغلبية الساحقة من ضحايا انتهاكات البوليساريو الجسيمة يتواجدون خارج مخيمات تيندوف بجنوب غرب الجزائر، ويبدون آراء سياسية مخالفة لها”.
كما أشارت المنظمات التي تؤطر ضحايا سجون البوليساريو وذويهم، إلى أن مبادرة الجبهة المعلن عنها في مخيمات تيندوف “تفتقر إلى الشروط والعناصر المتعارف عليها في مبادرات جبر الضرر في التجارب الدولية”. خاصة ما يتعلق “بعدم أهلية البوليساريو للإشراف على هكذا مبادرات باعتبارها كيانا غير دولتي، وغير معترف به من طرف الأمم المتحدة”، موضحة أن البوليساريو “غير مسؤولة أمام الهيئات الأممية المختصة في مراقبة التزامات الدول في مجال حقوق الإنسان، وليست طرفا في الاتفاقيات والعهود الدولية الخاصة بحماية اللاجئين والتي تنطبق على حالة قاطني مخيمات تيندوف”. ليسهب البيان “أن ذلك لا ينفي المسؤولية الجنائية لقيادات البوليساريو وجلاديها بصفاتهم الشخصية حول كل ما ارتكب من فظاعات في سجونها السرية بجنوب غرب الجزائر”.
وأكد الموقعون على ضرورة “التأسيس بشكل تشاركي مع كافة المعنيين بملف ضحايا سجون البوليساريو، لهيئة مستقلة تعنى بتنظيم عملية الحوار مع الضحايا، والكشف عن الحقيقة وجبر الضرر المادي والمعنوي الذي لحقهم، فضلا عن الإشراف على تحقيق مستقل حول مصير المختطفين المخفيين قسرا في سجون البوليساريو بمخيمات تيندوف بجنوب غرب الجزائر”.
وسجلت الجمعيات الموقعة على البيان “باعتبارها هيئات معنية بشكل مباشر بموضوع ضحايا سجون البوليساريو، استغرابها لعدم إشراكها في أي حوار أو مشاورات للتحضير لمبادرة “جبر الضرر” التي أعلنت عنها الجبهة، خاصة وأن الضحايا سبق وأن أطلقوا نداءات متتالية مطالبة بإنصافهم والاعتراف الصريح بالجرائم التي طالتهم في مخيمات تيندوف بجنوب غرب الجزائر، بعد التعاطف الكبير الذي حظوا به في أوساط الرأي العام المحلي والدولي، منذ تسجيلهم لشهادات مروعة حول ظروف اعتقالهم المأساوية والتعذيب المهول الذي طالهم”.
كما أكد البيان “إصرار الأخيرة على تغييب ضحايا انتهاكاتها الجسيمة لحقوق الإنسان ورفضها الدخول في حوار معهم، بخصوص تسوية تبعات الجرائم المرتكبة في حقهم في سجونها السرية”. مشيرا إلى أن البوليساريو “وبدلا من ذلك فقد تعمدت استهداف الضحايا من خلال تسليط أجهزتها السياسية والإعلامية بإشراف من قياداتها وعناصرها النشيطة للتطاول على الضحايا والتشهير بهم، عبر إعمال خطاب عدائي وتحريضي ضدهم”.
يشار إلى أن ضحايا تعذيب الجبهة الانفصالية أطلقوا حراكهم الشعبي قبل سنتين ونيف من الآن، وتم تسجيلهم للعديد من الشهادات المروعة حول تجاربهم في الاختطاف والاعتقال والتعذيب، كاشفين بها عن فظاعات مهولة وطرق تعذيب وحشية أشرفت عليها بشكل مباشر عدد من القيادات في الجبهة، بمعية بعض المسؤولين الأمنيين الجزائريين.
المصدر: وكالات