ما زالت مردودية استفادة السلاليين، خاصة النساء، من أراضي الجموع متواضعة، رغم الإجراءات التي اتخذتها وزارة الداخلية خلال السنوات الأخيرة، في الوقت الذي فتحت فيه أبواب الاستفادة من هذه الأراضي المذكورة للخواص، عن طريق إقامة مشاريع استثمارية بشروط معينة.
ومن بين الشروط التي يتعين على المستثمرين الخواص الراغبين في الاستثمار في الأراضي السلالية استيفاؤها، إعطاء الأولوية في التشغيل لأبناء السلاليين، وأن يعود الاستثمار بالنفع على المنطقة التي يقام فيها المشروع.
وعلى الرغم من ذلك، “فإن القوانين تنص على مقتضيات معينة، لكن على الأرض هناك واقع آخر”، تقول حجيبة احرور، نائبة سلالية، مضيفة أن “ما نطمح إليه أولا هو أن تحصل النساء على الأرض، حيث ما زلن يعانين في سبيل تحقيق ذلك”.
وأوضحت احرور، في تصريح لهسبريس، أن الكثير من النساء السلاليات لا تصلهن المعلومة المتعلقة بالإجراءات التي وضعتها وزارة الداخلية لتمكينهن من الأراضي، نظرا لضعف عملية التحسيس، مضيفة أن المعلومة لا تتوفر أيضا حتى لدى السلطة المحلية.
وفي ظل عدم توفر المعلومة، تلجأ السلطة المحلية إلى توجيه النساء السلاليات اللواتي يرفض إخوانهن تمكينهن من حقهم في الأراضي، إلى المحكمة، “رغم أن المسطرة ينبغي أن تنطلق من القيادة”، توضح أحرور، لافتة إلى أن توجيه المرأة السلالية إلى المحكمة “يعني أن بداية المسطرة خاطئة، ما يوقع المرأة في متاهة”.
من جهته، يرى محمد الديش، المنسق الوطني للائتلاف المدني من أجل الجبل، أن فتح المجال أمام المستثمرين الخواص لإقامة مشاريع استثمارية في الأراضي السلالية، “يضرب مبدأ الانصاف الذي كان يقوم عليه تدبير هذه الأراضي، حيث يتيح لذوي الحقوق أن يستغلوها وينتفعوا منها”.
وأضاف المتحدث لهسبريس أن “القوانين التي شرعت للمستثمرين الخواص بالاستفادة من أراضي الجموع ليس فيها إنصاف لذوي الحقوق، حيث يصبحون خَمّاسَة لدى المستثمرين الأجانب”.
ويقترح الائتلاف المدني من أجل الجبل إحداث تكتّلات أو تعاونيات لمُلّاك أراضي الجموع، تدعمها الدولة، من أجل تمكينهم من خلق مشاريع استثمارية تعود عليهم بنفع أكبر بكثير مما قد يجنونه من تفويت أراضيهم إلى المستثمرين الخواص، كما أن هذا المقترح “سيمكّن ذوي الحقوق من البقاء في أرضهم ويستغلونها وينتفعون بها”، يوضح الديش.
وتؤيد حجيبة أحرور تمكين السلاليات والسلاليين من إنشاء تكتلات لتنفيذ مشاريع استثمارية، غير أنها ترى أن ذلك قد يصطدم بمشكل التمويل، مشيرة إلى أن المستجدات التي جاء بها القانون المنظم للأراضي السلالية تعطي الأولي لمن له القدرة على تنفيذ المشاريع، قائلة إن “الوضعية الاجتماعية للسلاليات والسلاليين عْلى قَدْ الحال، وأصحاب المال هم الذين لديهم القدرة على الاستثمار”.
وأضافت أن هذا الإشكال يمكن تذليله عن طريق إنشاء تعاونيات، لكن هذا الطرح يطرح أيضا إشكالا بالنسبة للنساء السلاليات، ذلك أن الحصول على رخصة إنشاء تعاونية رهين بالتوفر على مقر، وعلى الأرض، في حين إن كثيرا من السلاليات ما زلن يكافحن في سبيل الحصول على حقهن في الأرض، بسبب الأعراف التي ظلت تحرمهن من هذا الحق، والتي لم تفلح القوانين بعدُ في تبديدها كليا.
المصدر: وكالات