تفقد فلسطينيون، الاثنين، ما تبقّى من منازلهم في مخيم المغازي للاجئين وسط قطاع غزة، حيث تناثر الركام في كل مكان غداة قصف إسرائيلي أودى بحياة العشرات.
وبدت أسطح المنازل والأبواب والنوافذ مدمرة تماما، بينما غطى الركام والدمار أزقة المخيم الضيقة.
وقف رجل وسط الركام يواسي آخر كان يجهش بالبكاء، بينما عمل آخرون على البحث عن وجود أشخاص تحت الأنقاض على وقع أصوات الطائرات المسيّرة الإسرائيلية التي لا تفارق أجواء القطاع المحاصر.
وقال زياد عوض، الذي نجا من الغارة: “نجوت من المجزرة. كنت جالسا مع أولادي في أمان وأسمع الأخبار بأن مجلس الأمن يطلب تحييد المدنيين”.
وأضاف: “قصفوا منزلا بجانبنا. طفلي يقول لي: احميني، ولا أستطيع حماية نفسي”، موضحا: “فوجئنا بقصف البيوت من دون إنذار، زلزال في المنطقة”.
وأدت الغارات الإسرائيلية إلى تدمير مبانٍ عديدة في المخيم ليلة عيد الميلاد. وتحوّلت أربع عمارات سكنية طالها القصف إلى كومة ركام؛ بينما تعرضت الكثير من المنازل للتدمير الكلي أو الجزئي، وتضررت عشرات الوحدات السكنية بشكل جسيم.
وفقدت بعض المباني واجهاتها، وبدت المفروشات مبعثرة داخل المنازل؛ في حين تناثرت في المحيط جراء عصف الانفجار، كنبات وفرش إسفنجية وملابس وأوراق. وحتى الصباح، كانت إحدى الجثث لا تزال ممددة على الأرض في أحد أزقة المخيم وغطيت ببطانية صوفية.
“يلحقون بنا ويضربونا”
كذلك، لحقت أضرار بمحل بقالة صغير من الصفيح كتب عليه “دكان الشهداء”.
وكانت وزارة الصحة التابعة لـ”حماس” أعلنت، الأحد، مقتل 70 شخصا على الأقل جراء القصف على المخيم، مؤكدة أنه أدى إلى تدمير ثلاثة منازل على الأقل.
ولم يتسن التأكد من الحصيلة، على الفور، من مصدر مستقل. ولدى سؤاله، أشار الجيش الإسرائيلي إلى أنه “يتحقق” من المعلومات.
وقالت روان مناصرة (37 عاما)، التي نزحت من بيت حانون إلى المغازي، لوكالة فرانس برس: “قاموا بتدمير المبنى علينا. عائلتي ذهبت”.
وأضافت: “قتلوا إخوتي الخمسة، لم يبق لي أي أخ. قتلوهم مع أولادهم، شبابا ونساء”. وتابعت: “كل يوم ضرب. لا مكان آمن. قالوا لنا انزحوا من الشمال للجنوب وضربونا. يلحقون بنا ويضربونا. كنا في أمان الله”.
ومنذ اندلاع الحرب في السابع من أكتوبر، طلب الجيش الإسرائيلي من سكان شمال قطاع غزة النزوح جنوبا بعيدا من مناطق العمليات العسكرية؛ إلا أن إسرائيل، التي تشن قصفا جويا وهجوما بريا في القطاع، وسّعت في الأيام الماضية عملياتها في الجنوب، علما بأن مختلف مناطق القطاع المحاصر لم تسلم من القصف منذ بدء الحرب.
ارتفعت الحصيلة العامة للقصف الإسرائيلي على قطاع غزة إلى 20674 قتيلا وزهاء 55 ألف جريح، وفق ما أعلنت وزارة الصحة التابعة لحركة حماس الاثنين.
“مفاضلة الجرحى”
ونقلت جثامين قتلى مخيم المغازي إلى مستشفى شهداء الأقصى في دير البلح.
ووضعت العشرات منها على الأرض في ساحة المستشفى في مقابل قسم الطوارئ، الذي غصّ بالمصابين الذين عانوا لإيجاد أسرة أو أطباء يقدمون لهم الرعاية الطبية.
وأكد أشرف القدرة، المتحدث باسم وزارة الصحة في غزة، لوكالة فرانس برس، إن “ما حدث هو مجزرة إبادة”.
وأضاف: “يستشهد العشرات من المصابين بسبب عدم توفر إمكانيات لعلاجهم فورا. ويضطر الأطباء إلى المفاضلة بين الجرحى”.
وحسب القدرة، فإنه “يتم بتر أطراف عشرات المصابين؛ بينهم أطفال ونساء وكبار سنّ، بسبب عدم توفر غرف للعمليات الجراحية ونقص الأدوية والأجهزة الطبية ونقص عدد الأطباء والممرضين الذين يعملون ليلا نهارا”.
ومنذ اندلاع الحرب في غزة، تحذّر منظمة الصحة العالمية من تدهور نظام الرعاية الصحية في القطاع.
ودمّر القصف مناطق واسعة من القطاع، البالغ عدد سكانه 2,4 ملايين نسمة يعانون من شح في المياه والأغذية والوقود والأدوية من جراء حصار مطبق فرضته إسرائيل التي لم تسمح إلا بإدخال كميات محدودة من المساعدات.
وتفيد منظمة الصحة بأن “من بين مستشفيات غزة، البالغ عددها الإجمالي 36 مستشفى، هناك تسعة فقط تعمل الآن بشكل جزئي، وكلها في الجنوب”.
وتتهم إسرائيل “حماس” باستخدام عدد من المستشفيات، التي تتمتع بوضع حماية خاص بموجب قوانين الحرب، لإخفاء أسلحة وإقامة مراكز قيادة تحتها؛ وهو ما تنفيه الحركة الفلسطينية.
المصدر: وكالات