يستمر موضوع إخراج النظام الأساسي لكُتّاب الضبط في إثارة النقاش داخل أروقة وزارة العدل وإحقاق التنافر بين النقابات، حيث بدا جليا في الفترة الراهنة اختلاف هذه الأخيرة في تقدير موقف متقارب في هذا الصدد أمام إصرار النقابة الوطنية للعدل على التصعيد واختيار النقابة الديمقراطية للعدل والنقابات الأخرى انتظار مبادرة الوزارة وانتظار قرار سياسي يُفرزه التضامن الحكومي.
ولم يكن عبد اللطيف وهبي، وزير العدل، ليتفادى الحديث عن هذا الملف خلال جوابه عن أسئلة المستشارين البرلمانيين، الثلاثاء الماضي؛ بل شكر تفهم النقابات غير المضربة لطبيعة المرحلة، في حين تحدث بصرامة عن النقابة الوطنية للعدل واختيارها التصعيد في الوقت الذي يرتبط حسم الملف بإنهاء بلوكاج وزارة المالية.
وقال وهبي مخاطبا خليهن الكرش، مستشار الكونفدرالية للشغل: “فتحت حوارا معكم بالتساوي كنقابات، في وقت كان بإمكاني أن أخضع هذا الحوار لمبدأ التمثيلية، ووقتها سنرى نصيبكم. الموضوع ليس في يدي؛ بل يتطلب تضامنا حكوميا، حيث لا يمكنني أن أبخل عليكم كوزير للعدل بأي شيء لأنكم موظفو القطاع”، متابعا: “المديرون والمسؤولون لا صلة لهم بالموضوع، هم ينفذون سياساتي كوزير، والموظفون في نظري نجوم في السماء يجب عدم المساس بهم. الغالب الله هذا جْهْدِي عليكم!”.
ويأتي هذا بعد أن جسدت النقابة الوطنية للعدل، المنضوية تحت لواء الكونفدرالية الديمقراطية للشغل، خلال الأسبوعين الماضيين، إضرابات متفرقة لوحدها بعد أن كانت النقابات في وقت سابق تتوحد في مسألة الإضراب ضدا في عدم إخراج النظام الأساسي لكتاب الضبط إلى حيز الوجود بعدُ، على الرغم من التوافق مع الوزارة حول مسودته منذ أشهر؛ الأمر الذي تُلفت الوزارة إلى ارتباطه بـ”عدم تأشير وزارة المالية على الاعتمادات التي ستخصص لتنزيله”.
مهلة للحسم
فخر الدين بنحدو، النائب الأول للكاتب الوطني للنقابة الديمقراطية للعدل (ف.د.ش)، قال إن “الحوار مع الوزير مستمر كما قال بنفسه ولم يكن منقطعا البتة، حيث التقينا به وبالكاتب العام للوزارة في غمرة خوضنا للإضراب، وتجنّبنا للتصعيد في الفترة الراهنة لإيماننا بعدم التوجه صوب التشويش على سير العملية”.
وأضاف بنحدو، في تصريح لهسبريس، أن “النقابة الديمقراطية للعدل ترى أنه من الأفضل انتظار نتائج التحكيم الحكومي في هذا الصدد، خصوصا مع استحضار كون اللجنة الثلاثية التي تم تشكيلها فيما مضى تم انعقدت واجتمعت، في الوقت الذي ننتظر من وهبي أن يأتينا بالقرار السياسي الواضح للحكومة فيما يخص وضعيتنا ككتاب الضبط”، موردا أن “بلوكاج وزارة المالية يجب أن يتم حله في أقرب وقت ممكن، في وقت لم تعبر وزارة إصلاح الإدارة عن أي اعتراض”.
وتابع المتحدث: “على الرغم من كل هذا فإن النضال ليس مستبعدا. نحن كنقابة وضعنا شهر يونيو كأفق لهذا الموضوع، فإن لم يتم وقتها الوصول إلى نتائج مرضية في هذا الصدد، فوقتها سنعود إلى الاحتجاج بالنظر إلى عدم وجود خيار آخر”، مردفا: “وزير العدل ليس لدينا معه مشكل كشخص، لكن ننتظر منه انتزاع القرار السياسي من الحكومة. أما فيما يتعلق بالنقابات الأخرى، فنحن نحترم قراراتها ولها حرية الانخراط في أي مبادرة تراها صائبة”.
جدولة زمنية
قال سعيد البعزي، الكاتب الوطني للنقابة الوطنية للعدل (ك.د.ش)، إن “ما حفزنا على مواصلة الإضراب هو عدم تحديد وزارة العدل لأجندة زمنية للحسم في موضوع النظام الأساسي؛ فنحن نرى أن الحوار مع الوزارة استُنفد، وهي مدعوة حاليا إلى الترافع على الملف أمام الحكومة”.
وأفاد البعزي، في تصريح لهسبريس، بأن “التوقيع على محضر الاتفاق مع الوزارة بخصوص الموضوع جرى خلال شهر فبراير، ونحن اليوم على أبواب شهر يونيو؛ إذن هي أربعة أشهر تقريبا لم يتم فيها طي الملف بعدُ”، متابعا: “الإضراب الذي خُضناه كنقابة كان مؤثرا على سير العملية القضائية بعدد من المناطق، خصوصا تلك التي نتوفر فيها على أغلبية، مما يضاف أساسا إلى الخصاص الذي تعاني منه محاكم المملكة”.
وعاد المتحدث ذاته ليشير إلى أن “الإضراب ليس في حد ذاته غاية بالنسبة لنا كنقابة؛ بل كان ردة فعل على التأخر الحاصل في طي الملف وتطبيق النظام الأساسي، حيث بتنا نُصعد في الفترة الأخيرة خلال ثلاثة أيام من كل أسبوع؛ الأمر الذي جعل كلام الوزير بمجلس المستشارين تغلب عليه طابع النرفزة”، خاتما: “لدينا القدرة في الاستمرار في العملية النضالية في الفترات المقبلة وحيدين، وسنلجأ إلى اتخاذ الأسبوع المقبل كفترة راحة قبل النظر في مستجدات الملف وإقرار خطوات جديدة إن لم تكن الأمور قد تحسنت بعد”.
المصدر: وكالات