كيف تعرف مزاج الطبقة المتوسطة في المغرب وماذا تستهلك من أفلام ومسلسلات؟
بسيطة، تابع الاستفتاء المجاني اليومي الصباحي الذي تقدمه نيتفليكس عن الأفلام والمسلسلات العشرة الأكثر مشاهدة في البلد في حينه. حينها، ستفهم الشعب.
هكذا يتوفر للمراقب الفني والاجتماعي استفتاء عملي عن طبيعة الفن الأكثر مشاهدة في يومه. هذا الاستفتاء هو بلاغ عن الذوق المهيمن. يستحق الشعب الحصول على تعليق يومي على ما يشاهده.
يوم الأربعاء 16 غشت 2023 مثلا:
1ـ احتل فيلم “العميلة ستون” 2023 المرتبة الأولى. تجري الأحداث في منتجع حيث يستمتع تجار السلاح في زمن اختراق الهواتف. تطارد العميلة فريسة متحركة نقطة ضعفها هي إدمان المراهنة. تطارد مافيوزيا من طينة يفغيني بريغوجين. في الفيلم تتعاون الكاميرا السينمائية مع كاميرا المراقبة لنقل ما يجري للمشاهدين عن جاسوسة جميلة لها القوة والذكاء والمال…
2ـ في المرتبة الثانية فيلم “ما يريده الرجال” 2019 عن عالم التصوير في مجلة للموضة. نتابع امرأة ناجحة لا تجد الوقت للحديث مع كل العملاء… ولديها مساعد ناعم وتتوق إلى رجل حقيقي. تغضب حين لا يغازلها أحد، وستتهمه غالبا بالتحرش إن فعل.
3ـ في المرتبة الثالثة فيلم “المختلفة” 2014 عن الحرب تجري في عالم يعرف تقسيما شديدا للعمل… عالم أفلاطوني تتمرد عليه البطلة وستتعرض للاختبار، بطلة تكره الكبرياء والمرايا ثم تكتشف أنها مجرد نسخة… في عالم يميز بحدة بين النفس العاقلة والنفس الغضبية… تشويق عال بخطر معلوم…
4ـ في المرتبة الرابعة فيلك “باراديز” 2023 عن التكنولوجي والبيولوجي.عن تداخل الإنساني والصناعي. فيلم يستغل رعب البشر، والذكاء الصناعي في زمن يموت فيه الناس بسبب الحرب والغباء والجوع…
5ـ في المرتبة الخامسة فيلم “جومبر” 2008 عن شاب ذي نية صادقة يخترق قانون المكان مثل ولي مراكشي صالح كان يصلي المغرب في مراكش والعشاء في مكة… فيلم من 2008. لكن الأفلام لا تتقادم. كل فيلم لم تشاهده فهو جديد.
6ـ في المرتبة السادسة…
ما هي خطوط الحبكة التي تعرضها نيتفليكس؟
أولا، كلما بطُؤَ إيقاع الفيلم تأخر ترتيبه. لذا، لن يطول هذا المقال كثيرا في زمن السرعة. المهم من الجيد مشاهدة ربع ساعة الأول من عشرة أفلام مختلفة بالتتابع لإدراك كيف تكتب الوضعية البدئية في السيناريوهات وكيف يتم دمج العنصر المشوش…
ثانيا، في الأكثر مشاهدة، تكمن العبرة في سرعة الأحداث وليس بالعمق. الأكثر مشاهدة عظيم، والأقل مشاهدة عار.
ثالثا، يتميز إيقاع السرد في أفلام نيتفليكس بتمجيد الإثارة والأكشن والجنس. هذه موجة مؤقتة في المغرب. حين ستصير القضايا الجنسية مبتذلة ستفقد طابعها الفضائحي وجاذبيتها الإعلامية، حينها، ستركز الأفلام ووسائل الإعلام على ما هو أهم في المجتمع والدولة.
رابعا، تهيمن الأفلام الأمريكية على منصة المشاهدة؛ وهذا ينشر ذوقا معينا لدى الطبقة المتوسطة المغربية.
خامسا، تتغلب البطولة النسائية على البطولة الرجالية في الأفلام الأكثر مشاهدة. ينطبق هذا على المسلسلات التركية المدبلجة.
ختاما، بالمقارنة بين قضاء ست ساعات يوميا على فيسبوك وتيك توك أو نيتفليكس، يوجد فارق معرفي ونفسي.
فبعد ست ساعات من التسكع على مواقع التواصل الاجتماعي، يشعر المتابع بالصداع والدوار؛ لكن بعد ست ساعات على نيتفليكس فيشعر بأن روحه تغذت جمالا ومعرفة وعقله نوّر.
المصدر: وكالات