مع اقتراب موعد انعقاد المؤتمر المقبل لـ”البوليساريو”، تنامت الصراعات الداخلية بين قيادات الجبهة بسبب الخلافات القبلية حول هوية من سيخلف إبراهيم غالي في زعامة الكيان الانفصالي الذي يشهد احتقاناً اجتماعياً كبيراً.
وأقدم إبراهيم غالي على إقرار تعديلات جديدة في القانون الأساسي لجبهة “البوليساريو”، وافقت عليها ما تسمى اللجنة القانونية برئاسة ولد النعناع دون معارضة، ما أثار استياء عدد من أعضاء اللجنة التحضيرية بسبب غياب النقاش حول مضامينها.
وتساءلت مجموعة من الفعاليات الحقوقية عن مصير التعويضات المالية التي أقرها زعيم “البوليساريو” لفائدة ضحايا الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان، خاصة أنه جرى إقصاء بعض المعنيين بها بسبب مواقفهم السياسية من القيادة الحالية للجبهة.
وفي هذا الصدد، قال محمد سالم عبد الفتاح، رئيس المرصد الصحراوي للإعلام وحقوق الإنسان، إن “إقدام إبراهيم غالي على تغيير قانون البوليساريو عبر ما تسمى اللجنة التحضيرية لمؤتمر الجبهة، التي بالمناسبة هي لجنة معينة من طرفه، دون الرجوع إلى بقية العناصر القيادية في الجبهة الانفصالية من أعضاء الأمانة الوطنية، دليل واضح على الانقسامات العميقة التي تعيش على وقعها قيادة الجبهة الانفصالية”.
وأضاف سالم عبد الفتاح، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، أن “هذه التغيرات تكرس الطابع الاستبدادي والديكتاتوري المنغلق لتنظيم البوليساريو، باعتباره تنظيما ستالينيا يعتمد نظام الحزب الواحد عبر آلية المؤتمرات الشعبية التي تلقفتها القيادة عن القذافي”.
وواصل المتحدث ذاته بأن “تصاعد هذه الخلافات مرده بالأساس إلى حالة الترهل التنظيمي وتراجع التأطير السياسي في البوليساريو، بسبب السخط والتذمر الشعبيين العارمين في مخيمات تندوف، نتيجة انكشاف دعاية البوليساريو العسكرية، وفشل حربها المزعومة وخساراتها المتتالية على كافة المستويات السياسية والعسكرية، إلى جانب الشح الكبير في المواد الغذائية بسبب النهب الممنهج الذي تتعرض له المساعدات الإنسانية”.
وأردف الإعلامي ذاته: “واقع الانقسام الداخلي أفرز تتعدد مراكز القرار الداخلي في الجبهة الانفصالية نتيجة ضعف كاريزما زعيمها إبراهيم غالي، خاصة بعد انكشاف ماضيه الإجرامي منذ فضيحة تهريبه لإسبانيا بهوية مزورة، والتداول الشعبي في مخيمات تندوف لتورطه في الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان بمعية بقية العناصر القيادية في الجبهة”.
ولفت الفاعل الحقوقي عينه إلى أن “صراع القيادة يحتدم مع اقتراب المؤتمر العام للجبهة الانفصالية، بسبب حرص العناصر القيادية على تبوؤ المواقع المدرة للتربح وللثروة، من قبيل تلك المتعلقة بتوزيع المساعدات الإنسانية والإمداد العسكري، حيث توظف علاقاتها بعصابات الجريمة المنظمة وارتباطاتها بالجماعات المسلحة التي تضمن الوصول إلى الأسواق ببلدان الساحل والصحراء، كما تلجأ إلى العصبيات القبلية لتؤجج الصدامات والاحتجاجات ذات الطابع القبلي بمخيمات تندوف”.
وختم المتحدث: “ما يزيد من حدة الانقسامات التي تشهدها الجبهة الانفصالية هو صراع الأجنحة الذي يعيش على وقعه النظام الجزائري، حيث يتنوع ارتباط العناصر القيادية في البوليساريو بمختلف الأجهزة الأمنية والعسكرية الجزائرية التي تحرص على توظيفها ضمن أجنداتها الداخلية المتعلقة بالصراع على مواقع في علاقة مع ملفات أمنية حساسة، كعصابات الجريمة المنظمة والجماعات المسلحة في منطقة الساحل”.
المصدر: وكالات