لم تسلم المدارات السقوية وسلاسل الإنتاج الفلاحي بالمغرب من تداعيات تواتر سنوات الجفاف نتيجة شح التساقطات، ما استدعى مقاربات وحلولا مبتكرة؛ أبرزها “التجميع الفلاحي”، الذي كان محور ندوة نظمتها وكالة التنمية الفلاحية، اليوم الثلاثاء بطنجة، بعنوان “التجميع الفلاحي، الحل الأمثل لتثمين مياه الري وتعزيز سلاسل القيم”.
وبتعاون مع المديرية الجهوية للفلاحة بجهة طنجة-تطوان-الحسيمة، في إطار تنزيل “الجيل الأخضر 2020-2030″، يندرج هذا الحدث ضمن الشطر الثاني لمشروع دعم البرنامج الوطني لاقتصاد مياه الري، الممول من طرف “البنك الإفريقي للتنمية” (BAD)، بالمدارين السقوييْن بكل من لوكوس ودكالة.
سعيدة ورزان، مديرة الشراكة والتجميع الفلاحي بوكالة التنمية الفلاحية (ADA)، قالت إن هذا البرنامج يهدف إلى “المساهمة في تحسين الظروف المعيشية للساكنة القروية، لاسيما الفلاحين، من خلال التدبير المستدام للموارد المائية والرفع من الإنتاجية، وكذا تعزيز سلاسل القيم بهذه الدوائر السقوية بالاعتماد على مقاربة حديثة مبنية على سلاسل الإنتاج”، موضحة أن “الهدف الأكبر يظل هو تثمين منتوجات الفلاحين بالمدار السقوي اللوكوس على امتداد سلاسل الإنتاج”.
وأضافت ورزان، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، بالمناسبة، أنها “ندوة جد مهمة تستهدف تحسيس الفاعلين في القطاع، خاصة المجمّعين المحتملين، كي ينخرطوا في الإطار التنظيمي للتجميع الفلاحي المؤطَّر بقانون 04-12 الذي نشرت نصوصه التطبيقية في ماي 2021″، مبرزة أن “هذا النص القانوني أتى بتبسيط المساطر وعدد من التسهيلات قصد دعم أكثر”.
ولفتت المسؤولة بوكالة التنمية الفلاحية إلى أن المشروع في شموليته يتمحور حول “إنشاء وتحديث البنية التحتية لمياه الري، بتجهيز ما يقارب 26 ألف هكتار بنظام الري الموضعي في منطقة الشمال (حوض اللوكوس)، وتشجيع تثمين مياه الري وتعزيز قدرات مختلف الأطراف المعنية”، مشددة على أهمية نهج هذه المقاربة في ظرفية حساسة تتّسم بقلة التساقطات المطرية وندرة المياه.
وشددت ورزان، في تصريحها، على “تضافر الجهود بين فاعلي القطاع الفلاحي بالمغرب من أجل وضع استراتيجية لاقتصاد مياه الري تكون لفائدة الفلاحين الصغار”، مشيرة إلى أن التجميع الفلاحي يساعدهم في تثمين وتسويق منتوجاتهم بإشعاع أكبر، قبل أن تزيد شارحة دور وكالة التنمية الفلاحية التي عُهد إليها بتثمين المنتوجات الفلاحية في زراعات الخضر والفواكه الحمراء، فضلا عن سلسلة إنتاج الحليب، خالصة إلى أن “هناك معايير أهلية دقيقة تحكم اختيار المُجمِّعين المحتملين، انطلاقا من الحد الأدنى لكل سلسلة إنتاج في المجال النباتي كما الحيواني”.
وقدّم مسؤولون عن المديرية الجهوية للفلاحة ومكتب الاستثمار الفلاحي بجهة الشمال معطيات تتعلق بمدى تقدم إنجاز المشاريع ذات الصلة باستراتيجية الجيل الأخضر، وكذا ما تم إنجازه خلال فترة العمل بـ”مخطط المغرب الأخضر”، مشيدين بالمواكبة التقنية للفلاحين، خاصة في نواحي العرائش، عبر عصرنة شبكات الري بنسبة 80 في المائة على مساحة 12 ألف هكتار بتمويل يبلغ 750 مليون درهم.
شهادات وتجارب
اللقاء شهد تقديم شهادات لمُجمِّعين فلاحيين حضروا قصد تقاسم تجاربهم بخصوص التجميع الفلاحي في جهة الشمال؛ لاسيما في مجال الخضر والفواكه، إضافة إلى الزراعات السُّكرية.
وفي هذا الإطار، اعتبر هشام سريفي، عن شركة تعمل في تجميد الفواكه الحمراء وتسويقها، أن التجميع الفلاحي أتاح لهم الخروج إلى فضاء أرحب للتنظيم والهيكلة، “بعدما كنا مجمّعين غير نظاميين”، معدّدا، في تصريح لهسبريس، منافع ومزايا برنامج التجميع الفلاحي، ومنها “تدبير العلاقة بينهم وبين الفلاحين، مع ضمان التزامات كل طرف وتحقيق أهدافه”.
ونوّه الفاعل في القطاع الفلاحي بنتائج انخراطهم في البرنامج سالف الذكر الذي تشرف عليها وكالة التنمية الفلاحية، موردا أنه “منح لهم هوامش ثقة باقي الفاعلين وكذا المستوردين خارج المغرب، عبر العمل بنموذج نسقي في التسويق يتمحور على التثمين ودعم الإنتاج المحلي ومواكبته ضمن علاقة اقتصادية مربحة للطرفين”.
الندوة مثلت فرصة لتقديم المجهودات المبذولة من طرف وزارة الفلاحة بالدائرة السقوية للوكوس، كما شهدت عرض شريط مصور مؤسساتي يتضمن الإمكانيات من حيث الإنتاج والاستثمار في ظل مشاريع التجميع الفلاحي من الجيل الجديد في إطار استراتيجية الجيل الأخضر الممتدة إلى 2030، الهادفة في ركيزتها الأولى المتعلقة بإعطاء الأولوية للعنصر البشري، إلى إطلاق جيل جديد من مشاريع مبتكرة للتجميع الفلاحي.
يشار إلى أن فعاليات الندوة تميزت بالمشاركة الفعالة ونقاش مستفيض بين المجمِّعين الحاليين والمحتملين بجهة طنجة تطوان الحسيمة، فضلا عن ممثلي الإدارات المركزية والجهوية لوزارة الفلاحة والبنك الإفريقي للتنمية، وممثل عن “كومادير” (الكونفدرالية المغربية للفلاحة والتنمية القروية بالمغرب).
وتعتزم وكالة التنمية الفلاحية تنظيم أنشطة قُرب موازية في جهات مغربية أخرى تتميز بإنتاج فلاحي متنوع، أبرزها الدار البيضاء-سطات، لتسليط الضوء على إمكانيات التجميع الفلاحي بالمدار السقوي لمنطقة دكالة.
المصدر: وكالات