البدايات في هذه الدورة من كأس العالم المقامة في قطر تشبه النّهايات، فالكل تفاجأ في مستهل المسابقة بفوز السعودية على الأرجنتين، واليوم مع دنو موعد النهائي الكل منبهر ومفاجَأ بأداء “أسود الأطلس” الذين بلغوا المربع الذهبي.
ومع صافرة الحكم الأرجنتيني تدفق المشجعون المغاربة الذين احتشدوا في المقاهي إلى الشوارع، معلنين عن انطلاق فرحة عمت كل أرجاء المملكة.
وتشير صحيفة “نيويورك تايمز” أعرق الصحف الأمريكية إلى أن المغرب استطاع إزاحة الكبار في هذه النسخة الفريدة من كأس العالم، بعد أن أرسل أمثال بلجيكا وإسبانيا والبرتغال دون السماح لهم بتسجيل هدف واحد.
“اقرصني، أعتقد أنني أحلم”، قال ياسين بونو، حارس مرمى المغرب، بعد المباراة. “هذه اللحظات رائعة، لكننا هنا لتغيير العقلية. مع هذا الشعور بالنقص، علينا التخلص منه. يمكن للاعب المغربي مواجهة أي لاعب في العالم”، يضيف حارس عرين “الأسود”.
وتقف “نيويورك تايمز” التي تأسس سنة 1851 عند أسلوب لعب المنتخب المغربي، الذي هو خليط من تجارب ومدراس أوروبية عريقة، مثل الأسلوب الإنجليزي والفرنسي، قاده مدرب مخضرم يؤمن بالمعجزات وقريب من اللاعبين.
وتبرز الصحيفة الأمريكية أن عددا من اللاعبين المغاربة هم عناصر حاسمة داخل أنديتهم، مثل حارس المرمى ياسين بونو وحكيم زياش وأشرف حكيمي وسفيان بوفال. ورغم عدم لعبهم في أندية محلية في المغرب، يتشبث هؤلاء بوطنهم بشكل جنوني وحالم.
ومن بين 26 لاعبا مغربيا تمت المناداة عليهم في قائمة المونديال، ولد 12 فقط منهم في المغرب، وهي أقل نسبة في المسابقة، بحسب حصيلة لـ”فيفا”، والآخرون من أصول مغربية لكنهم ولدوا في إسبانيا وكندا وفرنسا وهولندا وبلجيكا.
وتورد “نيويورك تايمز”: “كما جذبت فرق أخرى في إفريقيا اللاعبين الذين تربطهم علاقات عائلية إن لم تكن محلية بفرقهم. مع ذلك فإن قصة المسلسل المغربي تضم ملايين العرب والمسلمين والشمال إفريقيين الذين يتحدون وراء فريق واحد بطريقة لم تشهدها هذه البطولة من قبل”.
وتشير الصحيفة الأمريكية إلى دعم الجماهير الذي كان واضحا داخل ملعب الثمامة، وامتد لمدة 90 دقيقة (بالإضافة إلى ثماني دقائق من الوقت المحتسب بدل الضائع)؛ كأن المباراة كانت تقام في الدار البيضاء أو الرباط أو مراكش. كل فترة من الاستحواذ البرتغالي قوبلت بصفارات ثاقبة، واستقبل كل توغل مغربي في الاتجاه الآخر بنوع من الهتاف الصاخب الذي هدد بسحب الكرة إلى الشباك البرتغالي.
وستأتي الخطوة التالية من رحلة المغرب السحرية أمام فرنسا في مباراة نصف النهائي الأربعاء، حيث ستضع المستعمرة السابقة في مواجهة مستعمرها السابق.
وأشادت نيويورك تايمز بأداء قلب الدفاع المغربي، خاصة الياميق وبانون وعطية الله وأمرابط، حيث لم ينجح كريستيانو رونالدو في هز الشباك، فقد ركض، وطارد الكرات في الخلف، وقفز ليأخذ الكرات برأسه بدون جدوى.
وبينما يغادر أحد الأبطال أكبر مسرح في كرة القدم، أنجبت كأس العالم فريقًا من الأبطال للعالم العربي. المغرب ليس مستعداً لتوديع البطولة. في الرباط، استمرت الحفلة طوال الليل.
وقالت لبنى طالب (34 عاما)، المستشارة السياسية في سفارة بالعاصمة: “أنا سعيدة وفخورة برؤية رجال ونساء كتفا بكتف يدعمون ويرفعون المنتخب الوطني. لقد تجاوزوا كل التوقعات وجعلونا جميعًا نؤمن بأكثر من كرة القدم”، وأضافت: “يشعر كل مغربي بأنه لا يقهر وقادر على فعل أي شيء والنجاح فيه رغم كل الصعاب؛ ولهذا أنا ممتنة لهم إلى الأبد، لشفاء أمة من الندوب الاستعمارية”.
المصدر: وكالات