إسطنبول/ غولجين دوغر/ الأناضول
نيشيموي للاأناضول عبر اتصال مرئي عن بعد:
– الإبادة الجماعية بدأت مع تحطم طائرة رئيس الهوتو هابياريمانا 1994.
– الاغتصاب كان سلاحا في الإبادة الجماعية، حيث تعرضت له وأصبت بفيروس نقص المناعة البشرية (الإيدز).
السفير الأمريكي السابق لشؤون جرائم الحرب ستيفن راب للأناضول:
– فشل تعزيز قوة حفظ السلام وإخضاع قائد قوة بعثة الأمم المتحدة لدعم رواندا (UNAMIR) روميو دالير، أهم عامل ساهم في الإبادة الجماعية، ولم يرغب أي بلد التدخل لوقفها.
ما تزال مشاهد الإبادة الجماعية في رواندا التي ارتكبت قبل 29 عاما وراح ضحيتها أكثر من 800 ألف قتيلا، عالقة في ذاكرة الرواندية “كونسولي نيشيموي”.
الناشطة الرواندية، نيشيموي (44 عاما)، كانت ما تزال في عمرها الـ14 عندما قتل 3 من أشقائها والكثير من أقربائها خلال المجازر الدموية التي عصفت بالبلاد انطلاقا من 6 أبريل/ نيسان 1994 واستمرت 100 يوم في حمام دماء كان طرفاها قبيلتا “التوتسي” و”الهوتو” في روندا.
وبسبب عظمة الآلام وهول المذابح التي عاشتها البلاد، يواصل أقارب الضحايا توجيه الانتقاد إلى المحكمة الجنائية الدولية لرواندا، من حين لآخر لعدم قدرتها على معاقبة الجناة.
ولاستحضار الذاكرة، وتسليط الضوء على تلك المأساة الكبيرة، التقت الأناضول، عبر اتصال مرئي عن بعد، الناشطة كونسولي نيشيموي، والسفير الأمريكي السابق لشؤون جرائم الحرب ستيفن راب، بمناسبة إحياء ذكرى ضحايا الإبادة الجماعية في رواندا الموافق 7 أبريل من كل عام.
نيشيموي التي ولدت لعائلة مسيحية تتألف من 5 أفراد عام 1979 في مدينة كيبويا الرواندية، تحدثت للأناضول واتهمت بلجيكا بوضع الأسس الأيديولوجية التي فتحت الطريق أمام الإبادة الجماعية بالبلاد، إبان فترة الاستعمار (1922-1962).
“لقد كان التوتسي والهوتو ينتسبان إلى طبقات اجتماعية مختلفة في البلاد، البلجيكيون عندما جاؤوا إلى البلاد اتبعوا سياسية فرق تسد، وتحولت الطبقتان الاجتماعيتان إلى مجموعتين عرقيتين، وكان السبيل إلى تحديد أصلنا العرقي يكمن في قياس طول أجسامنا وطول أنوفنا، وعلى أساس ذلك يتم تنسيبنا إما للهوتو أو للتوتسي، ومَنحنا بطاقة هوية بذلك”.
بهذه العبارات اللافتة، أشارت الناشطة نيشيموي إلى فترة الاستعمار البلجيكي في بلادها، وأنها عانت من التمييز والإقصاء من معلميها الهوتو بالمدرسة الابتدائية بسبب انتسابها إلى التوتسي.
** إذاعة وتلفزيون “RTLM” آلة دعاية لنشر الكراهية
تقول الناشطة إن منزل أسرتها كان مليئا بالحب والطمأنينة، وأنها اكتشفت أنها تنتسب للتوتسي عندما كانت في الثانوية وذلك جراء الآلة الدعائية التي تسمى إذاعة وتلفزيون الألف هيلز التي نفثت الكراهية والبغضاء وحرضت ضد التوتسيين.
وأضافت: “لقد كانوا ينعتوننا بالصراصير والثعابين، وروجت الإذاعة تلك العبارات كثيرا.. لقد كان سماع العبارات أمرا فظيعا”.
وتأسست الإذاعة بحسب الناشطة على يدي هوتو متطرفين في 1993، وواصلت إذاعتها بالتحريض ضد التوتسي إلى حين بداية الإبادة الجماعية في 1994 وفق نيشيموي.
“لقد تم استخدام RTLM آلة دعاية لنشر الكراهية، واستطاعت غرس بذور الكراهية في نفوس جيراننا وأصدقائنا الذين تشاركنا معهم الطعام على مائدة واحدة، وهكذا انتشرت الكراهية وفتح الطريق أمام الإبادة الجماعية بسبب تلك المحطة الإذاعية”، أضافت نيشيموي.
وأشارت إلى أن الإبادة الجماعية بدأت مع تحطم طائرة رئيس الهوتو آنذاك جوفينال هابياريمانا في 6 أبريل 1994.
وأوضحت “حينها زعموا على الفور بعد إسقاط الطائرة أن التوتسيين هم من نفذوا عملية اغتيال الرئيس وهو غير صحيح واتهام بهدف تنفيذ الإبادة ضد قبيلة التوتسي”.
وأردفت أن أسرتها اضطرت للاختباء خشية على حياتها من واحدة من أكثر المذابح دموية في التاريخ بعدما أشعلت نيراتها إذاعة RTLM عبر بثها الكراهية وتحريضها على العنف ضد التوتسيين.
تتابع نيشيموي: “اضطررت إلى مواجهة ما لا يمكن تصوره خلال 3 أشهر قضيتها مختبئة، وكان ذلك صعبا للغاية بالنسبة للكثيرين منا، لقد فقدت والدي، وقُتل أشقائي الثلاثة وجداي وجدتاي، وأعمامي وأبناء عمومتي، لقد فقدت كل أفراد عائلتي تقريبا من ناحية الأب، ونجا قلة قليلة من أفراد
عائلتي من جهة أمي التي نجت هي الأخرى من المذابح”.
** الاغتصاب سلاح الإبادة الجماعية
نيشيموي قالت إنها تعرضت للتعذيب والاغتصاب حيث أكدت أن “الاغتصاب كان سلاحا في الإبادة الجماعية، حيث تعرضت له، ونتيجة لذلك أصبت بفيروس نقص المناعة البشرية (الإيدز)، حالي حال الكثير من النساء الناجيات من الإبادة اللاتي تعرضن للاغتصاب”.
وقبل ختام حديثها قالت: “بالنظر إلى الصدمة التي عشتها وأنا يافعة وبعد أن فقدت أغلب أفراد أسرتي، تمنيت مرات عدة لو قُتلت على غرار القتلى الآخرين، ولكن ما منحي القوة ودفعني لعدم الاستسلام هو بقاء أمي وشقيتي معي أي كان هناك جزء من أسرتي معي؛ بينما كان هناك أصدقاء لنا فقدوا كافة أفراد أسرهم ولم يبق منهم أحد”.
نيشيموي قالت إنها انتقلت إلى مدينة نيويورك الأمريكية في 2001، وألّفت كتابا عن تجربتها في الإبادة الجماعية، وأضافت: “لا أخشى العودة إلى رواندا، والأمر يتعلق أكثر بالاستعداد العاطفي لمواجهة كل شيء، والآن أنا على استعداد للعودة إلى بلدي”.
** الإبادة كانت متوقعة
السفير الأمريكي السابق لشؤون جرائم الحرب ستيفن راب، شغل منصب كبير المحامين والمدعي العام في المحكمة الجنائية الدولية لرواندا التي أنشأتها الأمم المتحدة من 2001 إلى 2007 تحدث أيضا للأناضول عن الإبادة في روندا.
وقال راب في مستهل حديثه إن أكثر من 70 بالمئة من التوتسيين قتلوا في الإبادة الجماعية التي “كانت مشروع جماعة الهوتو المتطرفة التي استولت على الحكومة بعد وقت قصير من تحطم الطائرة وقتلت نحو 800 ألف رجل وامرأة وطفل على مدى 100 يوم”.
وأضاف: “الدليل على ذلك كان قويا لدرجة أنه بعد عدة جلسات استماع في 2006 قررت دائرة الاستئناف التي نظرت في قرارات محكمتنا والمحكمة الجنائية الدولية ليوغوسلافيا السابقة، تصنيف الأحداث في رواند بالإبادة الجماعية دون الحاجة إلى دلائل إضافية، لقد كان ذلك واضحا جدا ولم يكان هناك ما يستدعى الاعتراض على القرار”.
وأشار إلى وجهة نظر روميو دالير قائد قوة بعثة الأمم المتحدة لدعم رواندا (UNAMIR) التي عرضها على الأمم المتحدة في رسالة بعثها إلى نيويورك قبل وقوع الإبادة الجماعية بنحو 3-4 أشهر.
“أرسل الجنرال الكندي روميو دالير رسالة إلى نيويورك قبل 3-4 أشهر من الإبادة الجماعية التي كان المتطرفون في رواندا يخططون لتنفيذها، حيث إنهم بحسب دالير كانوا قد أعدوا قوائم تضم أسماء معتدلين من الهوتو والتوتسي لقتلهم أولا، لذلك كان من الواضح جدا أنه ستكون هناك إبادة جماعية في البلاد”، وفق راب.
وتطرق السفير إلى الانتقادات الموجهة إلى دول مثل بلجيكا وفرنسا والولايات المتحدة، ومعها الأمم المتحدة، بسبب بقائها في ذلك الوقت بوضعية المتفرج على الإبادة الجماعية.
وتابع: “سحبت بلجيكا أكبر قواتها من رواندا وشجعت الدول الأخرى على مغادرة المنطقة بعد مقتل 10 من قوات حفظ السلام على يد متطرفين ، فيما أراد الجنرال دالير تعزيز بعثة الأمم المتحدة لتقديم المساعدة إلى رواندا، عبر زيادة عدد قواته إلى 5 أو 6 آلاف، لكن هذا الطلب قوبل بالرفض”.
ومن وجهة نظر راب كان فشل تعزيز قوة حفظ السلام وإخضاع قائد البعثة دالير، أهم عامل ساهم في الإبادة الجماعية، فلم يرغب أي بلد التدخل لوقفها.
وأطلقت قبيلة الهوتو إبادة جماعية بحق قبيلة التوتسي، بعد أن حملوهم مسؤولية تحطم طائرة الرئيس آنذلك جوفينال هابياريمانا، واستمرت مذابح الإبادة في رواندا 100 يوم قتل فيها أكثر من 800 ألف من الهوتو المعتدلين والتوتسي.
وتحيي الأمم المتحدة سنويا في 7 أبريل من كل عام، ذكرى ضحايا الإبادة الجماعية في رواندا، باعتبارها واحدة من أفظع المذابح الجماعية في التاريخ.
الأخبار المنشورة على الصفحة الرسمية لوكالة الأناضول، هي اختصار لجزء من الأخبار التي تُعرض للمشتركين عبر نظام تدفق الأخبار (HAS). من أجل الاشتراك لدى الوكالة يُرجى الاتصال بالرابط التالي.
المصدر: وكالات