كان يعيش حياة طبيعية كغيره من المُبصرين، وفجأة وبدون سابق إنذار تحولت حياته إلى ظلام بعدما فقد بصره بشكل مفاجئ عام 1996، ليبدأ حياة جديدة حاول التأقلم عليها.
صبري صلاح الدين، 54 عاماً، يقيم في مدينة بيلا بمحافظة كفر الشيخ، تحدى الإعاقة بالعمل، حيث فقد بصره ولكن بصيرته تخطت به الصعاب، ليعمل في مهنة إصلاح جميع المعدات الخاصة بالمعمار.
فقد بصره في عام 1996
«حكايتي بدأت في سنة 1996 كنت شاب مستهتر، ومكنتش بصلي ولا أعرف ديني كويس، وبعدين حصلي حادث فقدت فيه بصري، بس الحمد لله الحادث ده غير حياتي يعني مفقدتش فيه بصري، أنا فقدت فيه الحاجات الوحشة كلها، وربنا عوضني بالبصيرة بعدها، ورجعت لربنا وتوبت لله»، بهذه الكلمات بدأ صبري صلاح الدين، حديثه لـ«الوطن».
زوجته الأولى طلبت الانفصال
ويضيف «صلاح الدين»، «كنت متزوج قبل الحادث، وبعد الحادث زوجتي الأولى طلبت الانفصال، وكانت حامل في ابني 6 شهور، وبالفعل انفصلنا، وحسيت إني بقيت وحيد في الدنيا لحد ما في واحد وقف جنبي وعملي كشك أبيع فيه عشان أعيش منه، ومكنتش عايز أبيع سجائر عشان مضرش حد، ففكرت إني أتاجر في بعض المعدات زي الشواكيش والمفكات والبنس، وبعدها اتزوجت من واحدة تانية وخلفت منها بنتين هما كل حياتي، واحدة منهم بتساعدني في الشغل، واتعلمت مني تصليح المعدات، وبقت أشطر مني كمان، وربنا وسع عليا وبقي عندي محل كبير».
«صلاح الدين» تعلم الحرفة عبر الإنترنت
حرص «صلاح الدين» على تعلم تصليح معدات المعمار بطريقة أدهشت الجميع، «كنت عايز أشغل وقتي في حاجة مفيدة، مش عايز أقعد أبيع واشتري وبس، وبدأت أشتري قطع غيار لمكن بلاط، ولصورايخ من اللي بتقطع الحديد، ولشنايير، وكان مثلاً زبون يوريلي قطعة محتاجها، كنت أشتريهاله من المندوب، ومكنتش أعرف اسمها، وواحدة واحدة عرفت اسمها إيه وبتُسخدم في إيه، وبدأت أتعلم تصليح معدات المعمار اللي بيتم استخدامها في أعمال البناء وغيرها، واتعلمت من فيديوهات على النت، وبنتي كانت بتبحث عن فيديوهات تصليح معدات وأنا أسمعها وأطبقها، وبقيت متمكن الحمدلله».
تخوف الزبائن من الذهاب لـ «صلاح الدين»
لم يكُن الطريق ممهداً لـ«صلاح الدين» في مجال عمله، «في البداية طبعاً لما جيت أشتغل في تصليح المعدات، كانت الناس مستغربة شوية، وكان في ناس بتخاف تجيب حاجتها عندي عشان خايفين لتبوظ، وكانوا يقولوا إزاي يعني راجل كفيف يصلح معدات، وبدأت ناس تجبلي حاجات بسيطة، ولما شافوا إني بعرف أصلح كويس بقوا يبعتولي حاجات أكتر، وواحدة واحدة الناس كلها بدأت تتطمن وبقا يجيلي زباين من قرى حوالينا ومحافظات تانية، وفي ناس بتيجي مخصوص عشان يشوفوني وأنا شغال والحمد لله إني شاطر في مهنتي لأني بحبها».
أكثر من 10 ساعات عمل يوميا
يبدأ «صلاح الدين» عمله في العاشرة صباحاً وحتى العاشرة مساءً، ويعمل أكثر من 10 ساعات يومياً: «أنا ببدأ شغل من الساعة 10 الصبح ولو فيه شغل معايا ممكن أفضل شغال فيه لحد الساعة 3 العصر، وبعد كده بطلع أتغدى وأنزل تاني أكمل شغل لحد الساعة 10 بليل، يعني بشتغل حوالي 10 ساعات، والشغلانة مش سهلة لأن فيها كهربا وممكن لو مخدتش بالي أتعور أو أتكهرب، ومن أول ما بدأت شغل تصليح محصلش معايا أي حاجة فيها ضرر، غير من أسبوعين كده ظفري طار وأنا بصلح هيلتي».
أمنية «صلاح الدين»
يتمنى «صلاح الدين» الاطمئنان على أولاده وأن يصل بهم إلى بر الأمان: «أمنيتي لأولادي إن ربنا يكرمهم في مستقبلهم وفي شغلهم، ويكونوا أسعد الناس، لأني معدتش عايز حاجة من الدنيا، ده كده رضا أوي»، ناصحاً الشباب بالبحث عن فرصة عمل: «بنصح كل شباب إنه مينتظرش أي شغلة بعينها، ولكن يبحث عن أي شغلانة حلال بدل القعدة على القهوة أو بدل ما يمشي مع حد يوجهه لطريق مش كويس، بالعكس هو لو اشتغل في شغلانة مش بيحبها دلوقتي ربنا هيكرمه بشغلانة تانية، والشغل مش عيب العيب إن الشاب يبقي عاطل».