داخل غرفة متوسطة بها ماكينة خياطة وبين «جلاليب صعيدي» معلقة على حبل يجلس محمد كامل، على كرسي وبالقرب من رأسه لمبة إنارة يقوم بقص القماش بعد أخذ المقاسات على صاحبه ومن ثم يبدأ في تفصيل الجلباب الرجالي الصعيدي لأبناء مركز وقرب الغنايم والقري المجاورة بمحافظة أسيوط.
ورث «محمد»، الرجل الخمسيني، حرفة تفصيل الجلباب الصعيدي عن والده، وعلى الرغم من عمله بوزارة الأوقاف، إلا أنه ظل متمسكا بها كمصدر رزق إضافي لأسرته: «ورثتها عن والدي، وعندي 5 أولاد، فهي مصدر رزق ليهم، أنا شغال عامل بالمسجد بعد ما بخلص ببدأ في تفصيل الجلابية البلدي وربنا بيكرمني».
الإتقان والالتزام بالموعد سر نجاح عم محمد
يعمل الرجل الخمسيني، طوال العام، إلا أنه يرى أن الأعياد موسما له، يزيد إقبال الناس فيها على تفصيل «الجلابية الصعيدي»، كما يؤكد أن إتقانه لعمله والالتزام بالمواعيد هو سر نجاحه: «بشتغل طول السنة، بس الأعياد بالنسبالي موسم، بيزيد الإقبال وطالما أنا براعي ربنا في شغلي بيكرمني، الالتزام والإتقان سر نجاحي».
أشهر قصات «الجلابية الصعيدي»
تختلف قصة «الجلابية الصعيدي»، لدى الشباب عن الكبار وباقي الفئات بحسب «محمد»: «تفصيل الجلابية سكة حديد دي موضة الشباب ، لكن المدرسين بيفضلوا السعودي بالزاير، والكبار بيحبوا السوداني ذو اللياقة والزعبوط وتعد هذه التفاصيل الأربعة الأشهر في الصعيد».
كان الخمسيني طفلا، حينما بدأ يتعلم مهنة الخياطة، لكنه أصبح رجلا متقنا لفنونها ومميزا بقصاتها: «اتعلمت منذ صغري، بحكم مساعدتي لوالدي لكن دلوقتي بقيت من أشهر صناع الجلابية، طورت نفسي والأهم أتقنت عملي».
«محمد» يمكث ساعات لتفصيل الجلابية الصعيدي
ساعات طويلة يقضيها «محمد»، داخل محله الصغير، جالسا على مختلف ماكينات الخياطة، ليفصل أجمل قصات الجلابية الصعيدي ، وهذه من معوقات حرفته وفقا له: «التفصيل بيتطلب المكوث بالساعات على المكنة ودا بيأثر على نظري خاصة إني مبعرفش ألبس النظارة لكن للضرورة احكام».
يعاني الرجل الخمسيني من أسعار مستلزمات خياطة الجلابية الصعيدي، وبخاصة القماش حيث يجرى استيراد بعض أنواعه من الخارج: «المعوق الأبرز في صنعتي هو ارتفاع أسعار الأقمشة المستوردة مما أثر على عدد الجلاليب الصعيدية التي يأتي بها الزبون من أجل التفصيل، علشان كدة براعي كل زبون وظروفه لأن الفلوس مش أهم حاجة».
يرى «محمد»، أن الجلبية مازالت أحسن من 100 بنطلون، كما ينصح الشباب بضرورة تعلم صنعة: «لسة الناس محافظة على الجلابية لأنها أحسن من 100 بنطلون، وهفصلها لحد ما أموت وبقول للشباب اشتغلوا وتعملوا صنعة لأنها بتفتح بيت بجانب الوظيفة لو توفرت».