بخفة ورشاقة ومهارة عالية، وقدمين حافيتين، يتسلق الرجل الأربعيني أسامة محمد عبد الله، النخيل مهما بلغ طوله، يتمايل مع الرياح، لكن يطمأن قلبه «المطلع»، الذي يربطه بالنخلة ليمنع سقوطه، ثم يلتقط طرف حبل من زميله ليسحب المجنى وهو عبارة عن طبق كبير لجمع «البلح» بداخله، ويبدأ في البحث عن الناضج ليقطفه من بين العناقيد المتدلية حوله يمينا ويسارا، في رحلة البحث عن الرزق المعلق بين الأرض والسماء، عبر مهنة «طالع النخل» المحفوفة بالمخاطر، في إحدى مزارع البلح بمنطقة كوم أوشيم بمحافظة الفيوم.
يطلع النخل طلبا للرزق
قال أسامة محمد عبد الله، في نهاية الأربعينيات من عمره، أنّه تعلّم طلوع النخل، وهو في الرابعة عشر من عمره، بحثاً عن مصدر رزق يجني به أموالاً يساعد بها أسرته، حتى أصبح محترفاً في تسلق النخيل، كما أنّه ذاع صيته في مختلف المحافظات، وأصبح يقود فريق عمل من طالعي النخل، يطوفون مختلف أنحاء الجمهورية لقضاء مهامهم المختلفة.
يطوف المحافظات لحصاد البلح
أشار طالع النخل في تصريحات خاصة لـ«الوطن»، إلى أنّ من المنصورة بالدقهلية، جاء إلى محافظة الفيوم منذ 20 أغسطس، ليجني ثمار البلح الحياني، والسماني، والزغلول، والعرابي، وهي بداية موسم حصاد البلح، التي تستمر حتى نهاية شهر نوفمبر، مُشيراً إلى أنّه سينهي عمله في محافظة الفيوم، ثم يتوجه إلى محافظة الإسماعيلية يليها البحيرة لجني ثمار البلح.
مهنة محفوفة بالمخاطر
وأوضح أنّ مهنة طالع النخل هي مهنة محفوفة بالمخاطر، حيث أنّه يقضي أوقاته معلقاً بين السماء والأرض، باحثاً عن الرزق، من حصاد البلح، في مهمة خطرة ضد الجاذبية التي يتحداها في كل مرة يتسلق فيها النخلة، موضحاً أنّه كان حريصاً على إبعاد أبنائه عن عمله حتى لا يسيرون على خطاه بسبب خطورتها، فإذا سقط أحدهم من فوق النخلة سيموت أو سيعيش باقي عمره عاجزاً، خصوصاً أنّه يتسلق نخيل يصل طوله في بعض الأحيان إلى 20 متراً.
فرز البلح وتعبئته
وعلى عدة خطوات، يجلس محمد عيد طالع نخل آخر، على جوال ضخم وأمامه كمية من البلح الأحمر الذي غازلته أشعة الشمس فجعلته براقاً كالذهب، حيث يقوم بفرز ثمار البلح الفاسدة بمساعدة بعض العمال، فيلقي البلحة الفاسدة بعيداً، ويحتفظ بالجيدة، ليقوم آخر بتعبئتها في الأقفاص وتحميلها على السيارت التي تأخذها إلى أسواق الجملة تمهيداً لطرحه في الأسواق وبيعه للمواطنين.
يهذبون النخل طوال العام
وبيّن محمد، أنّهم يعملون بنظام اليومية التي تتراوح بين 150 جنيها وحتى 250 جنيها للعامل في اليوم الواحد، كما أنّ صاحب مزرعة النخيل يكون مسؤولاً عن توفير الأطعمة، ومكان المبيت لهم، مُوضحا أنّ مهنتهم تستمر طوال العام، وليس خلال الحصاد فقط، مثلما يعتقد البعض، فبعد انتهاء الحصاد يقومون بحلاقة النخل وإزالة الجذوع الميتة لتبدأ في طرح الجديد، وبعدها بعدة أشهر يقومون بإعطائها بعد الأدوية في صورة بودرة يتم وضعها أعلى النخلة لمنع إصابتها بالسوسة أو الدودة، وأيضاً يقومون بتلقيح النخيل لينتج ثماراً أفضل.