مازالت حملات التّبرع متواصلة بدون توقف خلال الأيام الماضية، من أجل فك العزلة ورفع الحصار عن العائلات المتضررة بالمناطق التي دمرها “زلزال الحوز”، أو التي خرب جزءا كبير منها؛ فيما تتواصل دعوات مدنية موجهة إلى مجموعة من المؤسسات والشركات، كالطرق السيارة والمساحات التجارية الكبرى وشركات المحروقات، التي بوسعها أن تساهم بطريقتها في تسهيل عمليات التضامن.
“تسهيل تنقل الشاحنات المحمّلة بالتبرعات” و”التقليص من هامش الربح بخصوص المنتجات الموجهة للتبرع”، و”مجانية البنزين بالنسبة للشاحنات سالفة الذكر”، هي دعوات مازالت تستمر في مواقع التواصل الاجتماعي، مطالبة المؤسسات الموجهة إليها بـ”تفعيل البعد التطوعي والحس الإنساني”، في “هذه الأزمة التي يمر بها المغرب، وتدعو الجميع إلى التجند والتلاحم لتوحيد الصفوف”.
البشيكري: ضرورة تسهيل التنقل
زكرياء البشيكري، فاعل مدني وحقوقي بمراكش، قال إن “الطرق السيارة بالمغرب يجب أن تأمر فورا بتوفير تنقل مجاني عبر مسالكها، تحديدا بالنسبة للشاحنات المحملة بالمساعدات الإنسانية”، مضيفا أن “العشرات من الشاحنات تأتي منذ السبت إلى المناطق المنكوبة التي دمرها الزلزال بالكامل، وبالتالي يجب أن يساهم الجميع، بما يشمل الطرق السيارة”.
وأكد البشيكري، في تصريحه لجريدة هسبريس، أن “على الجميع التجنّد لكي ننجح في هذا الامتحان المواطناتي والإنساني الذي يجمعنا كلّنا تحت يافطة ‘تمغربيت’، باعتبارها تمثل المشترك بيننا”، مسجلا أن “الشركات الوطنية يجب أن تعيد ترتيب الأولويات حاليا وفق مبدأ أن الربح يصبح عنصرا ثانويا في وقت الأزمات والفواجع”.
وأورد الفاعل المدني ذاته أن “مجانية الطرق السّيارة بالنسبة للشاحنات المعبّأة لخدمة أهلنا المتضررين لن تكون مؤثرة بشكل كبير، ولن تحدث خللا على مستوى الميزانيات، لأن السيارات الشخصية والعادية كافية لتحقيق الربح”، معتبرا أن “المزايدات ليست حلا اليوم، فلا يستطيع أحد أن يتهم أيا كان في وطنيته، لكن الظرف يفرض أننا جميعا أمام امتحان تاريخي”، وفق تعبيره.
الخراطي: تقليص هامش الربح
من جانبه، اعتبر بوعزة الخراطي، رئيس الجامعة المغربية لحقوق المستهلك، أن “المطالبة بإلغاء القيمة المضافة مغالطة، لأن الحكومة هي التي ينبغي أن تتخذ هذه الخطوة، نظرا لأن هذه الضريبة منصوص عليها في قانون المالية”، مؤكدا أن “ما يمكن أن نطالب به المساحات التجارية الكبرى هو التقليص من هامش الربح الخاص بها، كخطوة تضامنية، في وقت يتعاون كل المغاربة”.
وأبرز الخراطي، في تصريحه لجريدة هسبريس، أن “هناك أنباء حول نفاد العديد من المنتجات بالأسواق الممتازة والمحلات التجارية الكبرى، إذ تم اقتناؤها بالكامل في عمليات التبرع”، مشددا على أن “هذه المحلات هي التي تنتعش اقتصاديا وقت الأزمات، فيما هذا الوقت يحتم على الجميع، مؤسسات ذاتية أو معنوية، تسهيل عملية التبرع”.
ولفت رئيس الجامعة المغربية لحقوق المستهلك إلى أن “هذه المساحات يمكن أن تلعب دورا مهمّا في هذه الظرفية، بحيث توفر المنتجات الكافية بلا هامش للربح أو بالتضحية أخلاقيّا وتضامنيّا بجزء منه، لكن طبعا المقصود هو المنتجات الموجهة حصرا لفائدة الأعمال الخيرية والإنسانية لأجل السكان الذين تضرروا بمناطق الحوز وورزازات وتارودانت”، مردفا: “هذه الشركات يمكن أن تساهم في التوصيل أيضا لكونها تتوفر على شاحنات عديدة”.
الرامي: البنزين مجانا
تماشيا مع البشيكري والخراطي، قال الفاعل المدني عبد العالي الرامي إن “توفير البنزين مجانا من طرف شركات المحروقات سيكون قيمة مضافة كبيرة بالنسبة للحملات التي تروم الآن توفير العديد من المنتجات للمناطق التي نسفها الزلزال”، مؤكدا أن “التلاقي بين ما هو سياسي واقتصادي ومدني هو ضرورة المرحلة، لكون الإنسان المغربي يعيش اليوم ملحمة حقيقية تدعو الكل ليتمعن فيها من زاويته”.
وأوضح الرامي، في تصريح لجريدة هسبريس، أن “السلوك المواطن يجب أن يكون حاضرا عند أي شركة، سواء كانت مغربية أو يقودها مغاربة أو تضع استثماراتها بالمغرب، لكون الكوارث تحتم دائما تعاونا استثنائيا طارئا”، مضيفا: “شركات المحروقات معنية بهذا البعد التشاركي، ويجب أن تنخرط فيه، تبعا لمنطق التاريخ والواقع الذي يبين أننا أمام فاجعة حقيقية”.
وأفاد المتحدث ذاته بأن “الجانب التطوعي عنصر حيوي في عمل العديد من الشركات حول العالم وفي المغرب أيضا، وهذا هو الوقت لتستخرج شركات المحروقات هذا البعد إلى الوجود عبر وضع الأسر التي تعاني كمنطق للتفكير الذي يحكم اتخاذ أي قرار في هذا الجانب”، وزاد: “كل شاحنة تضامنية تستفيد من البنزين مجانا تعد تشجيعا للمغاربة على البذل والعطاء، والتطوع يعضد المعدن النفيس للمغاربة، الذين يمثلون الآن يدا واحدة وصفا واحدا”.
المصدر: وكالات